الرسائل السامّة المكتشفة في تونس تحمل مادة «الإنثراكس»

TT

الرسائل السامّة المكتشفة في تونس تحمل مادة «الإنثراكس»

كشفت التحريات الأولية التي أجرتها أجهزة الأمن التونسية المختصة في مكافحة الإرهاب أنه من المرجَّح أن المادّة التي تحويها الرسائل السامة التي أُرسلت إلى مجموعة من السياسيين والإعلاميين والنقابيين تتمثل في الجمرة الخبيثة المعروفة باسم «الإنثراكس»، وأشارت إلى أنها منعت تنفيذ مخطط إرهابي هو الأول من نوعه منذ أن شرعت التنظيمات الإرهابية في مهاجمة ممثلي السلطة في تونس، وأكدت أن نحو 20 شخصية عامة من بينها عشرة وجوه سياسية بارزة، وسبعة إعلاميين ونشطاء في النقابات وفي مجال حقوق الإنسان، كلهم كانوا من ضمن الأسماء المستهدفة في هذا المخطط الإرهابي الرهيب.
وأفادت، في السياق ذاته، بتغيير التنظيمات الإرهابية في تونس لمخططاتها، فبعد أن اعتمدت لسنوات على الهجمات المسلحة غيّرت من خلال هذا المخطط الذي تم الكشف عنه من مخططاتها، وشرعت في البحث عن طرق أخرى بعد تضييق الخناق على تحركاتها من خلال تسميم الضحايا، بالاعتماد على مادة جرثومية قاتلة.
وأوردت مصادر إعلامية تونسية وُصِفت بـ«رفيعة المستوى» أن من بين الشخصيات المستهدفة بالرسائل السامّة نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والأمناء العامّين المساعدين للاتحاد بوعلي المباركي وسامي الطاهري وسمير الشفي، ورئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر روضة العبيدي.
ومن بين الوجوه الإعلامية المستهدفة حمزة البلومي ومايا القصوري ولطفي العماري ومحمد بوغلاب، وهم من الوجوه الإعلامية في مجموعة من القنوات التلفزيونية الخاصة. وفي السياق ذاته، أكد سفيان السليطي المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أن أجهزة الأمن التونسية المختصة في مكافحة الإرهاب ستستمع خلال الفترة المقبلة إلى جميع المهددين بالرسائل السامّة سواء من السياسيين والإعلاميين، وإبلاغهم بالتفاصيل، وهم 19 شخصاً، بعد نجاح الوحدات الأمنية، بالتنسيق مع النيابة العامة، في إحباط هذا المخطط الإرهابي.
ومن ناحيتهم، أكد عدد من الخبراء في الجماعات الإرهابية على غرار علي الزرمديني وعلية العلاني وفيصل الشريف أن الرسائل السامّة ليست بدعة، فقد اعتمدتها عدة تنظيمات إرهابية في السابق.
وأضافوا أن «أسلوب المواد السامة نُقِل إلى تونس شأنه شأن الأساليب الأخرى التي اعتمدتها التنظيمات الإرهابية»، ونبهوا إلى ضرورة قراءة كل العمليات التي تحدث في الخارج، لأنها قد تحصل في تونس، وضرورة تعديل استراتيجيات مواجهة التنظيمات الإرهابية على غرار تفخيخ الجثث، وتفجير الألغام، والعمليات الانتحارية الفردية والتسميم، وتسميم الخضراوات والغلال، التي وقعت في أفغانستان. كما أشارت المصادر ذاتها إلى اكتشاف بعض المواد السامّة خلال فترة حكم النظام السابق، لكن عددها كان محدوداً جداً.
على صعيد آخر، قضت الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، بالسجن لمدة عامين بحق أستاذ إعلامي تونسي يعمل بأحد المعاهد التربوية بالعاصمة، وذلك على خلفية اتهامه بالإشادة والتمجيد لتنظيم إرهابي، وتبني منهج تكفيري، وأكدت أجهزة الأمن التونسية تواصله مع أحد قادة تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، وهو من أبناء حيِّه سافر منذ 2014 إلى سوريا وصار من أبرز قادة «داعش» الإرهابي.
وكشفت الأبحاث والتحريات الأمنية أنه كان يتواصل مع المتهم، ويرسل له كل عمليات الذبح والغرق وقطع أيدي الرهائن الذين ألقى عليهم تنظيم «داعش» الإرهابي القبض، وأودعهم السجون في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.