المغرب يتبنى مقاربة وقائية لتحصين المجتمع في مواجهة الأفكار الهدامة

خلال فعاليات «منتدى الأمن ومحاربة التطرف» في الرباط

TT

المغرب يتبنى مقاربة وقائية لتحصين المجتمع في مواجهة الأفكار الهدامة

قال مسؤول بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، أمس، إن السياسة الدينية التي تبناها المغرب لمواجهة التطرف والإرهاب، ركزت على «إنتاج بروفايلات» جديدة للأئمة والعلماء والمرشدات.
وأوضح أحمد قسطاس، مدير الشؤون الإسلامية بالوزارة، في كلمته خلال انعقاد منتدى الأمن ومحاربة التطرف، الذي نظمته اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أمس، بمجلس النواب المغربي، أنه «من منطلق كون المغرب أرضاً للتعايش والتسامح والانصهار العرقي والثقافي، ارتكزت السياسة الدينية على استراتيجية، جعلت من الحفاظ على هذا الرصيد أساساً متيناً، وغاية قصوى لمواجهة كل المشكلات الطارئة، ورفع التحديات»، مشيراً إلى أن هذه الاستراتيجية انبنت في محاربة التطرف والتطرف العنيف على عاملين اثنين، وهما: «التنمية، وتحصين المناعة الذاتية ضد الآيديولوجيات التي حرفت الدين، وحولته إلى آلية لنشر الدمار الشامل».
وأضاف قسطاس أن الوزارة تبنت بتوجيهات من الملك محمد السادس، مقاربة وقائية لتحصين المجتمع ضد الآيديولوجيات الهدامة، مبنية على محاصرة التيارات الدينية، التي تشكل تهديداً مباشراً، أو غير مباشر، للثوابت الدينية والوطنية، والقضاء على ما سماها «عوامل الدفع والجذب»، التي تستعملها التيارات المتطرفة من أجل صناعة الإرهاب.
كما جرى رفع مستوى الوعي بمخاطر الفكر الإرهابي ونتائجه الوخيمة، وإعادة بناء العمل الديني في المغرب، بتعاون مع جميع الجهات.
ولبلوغ هذه الأهداف، قال قسطاس إن الوزارة قامت بإعادة هيكلة المجال الديني بصفة عامة، وإمداده بالوسائل والإمكانات الكفيلة بمد أجهزته بالمناعة اللازمة. كما أعيد النظر في أنساق التعليم العتيق، و«أعيد النظر أيضاً في تحديد مواصفات العالم الذي يحق له إصدار الفتوى وفق الأحكام الشرعية، بحيث يكون على دراية بالعلوم الاجتماعية والفلسفات والتيارات الفكرية المعاصرة، وعلى اطلاع على الديانات في المغرب، لا سيما اليهودية والمسيحية»، مضيفاً أن الوزارة «سطرت برنامجاً خاصاً لإنتاج هذا النوع من العلماء. كما أعيد النظر فيما ينبغي أن يكون عليه الإمام (بروفايل الإمام)».
في سياق ذلك، أبرز المسؤول المغربي أن الوزارة لم تغفل «إدماج المرأة في استراتيجية المناعة ضد الإرهاب، كمرشدة وعالمة وفاعلة اجتماعية، فضلاً عن تقوية دورها في خلق المناعة ضد التطرف داخل السجون والجمعيات والمنتديات الاجتماعية». وفي هذا الصدد أوضح المسؤول المغربي أنه بفضل مجهودات المرشدات «تطورت استراتيجية العمل ضد خلايا التطرف، من مقاربة الدولة التكاملية إلى مقاربة المجتمع المتكامل»، على حد تعبيره.
وشملت هذه الاستراتيجية أيضاً عدداً من الدول الأوروبية، بهدف تحصين الجالية المغربية في الخارج؛ حيث جرى إنشاء المجلس العلمي الأعلى للجالية المغربية بأوروبا، الذي أصبح له حضور متميز في أغلب الدول الأوروبية؛ حيث يساهم في تنظيم عمل الجمعيات الدينية، في إطار مبادئ الاعتدال والوسطية والتسامح، والحفاظ على ثوابت وخصوصية كل بلد، حسب المسؤول المغربي.
من جهته، تطرق بلوي العروسي، مدير الشؤون العامة في وزارة الداخلية، إلى مقاربة المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، وقال إنها لا ترتكز فقط على التناول الأمني الصرف؛ بل تتجاوزه إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية، وذلك في إطار منهجية شاملة متكاملة وتشاركية، مبرزاً المجهودات التي تبذلها الأجهزة الأمنية المغربية، التي مكنت من تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية، وتوقيف كثير من المتهمين بالإرهاب، وإحباط كثير من المخططات التي كانت تستهدف المملكة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».