كيبا وساري ممثلان في دراما كروية جذبت ملايين المشاهدين

ما حدث بين المدرب ولاعبه يؤكد أن اللعبة تحولت إلى فوضى تغذيها وسائل الإعلام

الحارس كيبا يشير إلى مدربه بأنه لن يغادر الملعب
الحارس كيبا يشير إلى مدربه بأنه لن يغادر الملعب
TT

كيبا وساري ممثلان في دراما كروية جذبت ملايين المشاهدين

الحارس كيبا يشير إلى مدربه بأنه لن يغادر الملعب
الحارس كيبا يشير إلى مدربه بأنه لن يغادر الملعب

بعد المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة بين مانشستر سيتي وتشيلسي، التي شهدت عصيان حارس «البلوز»، أريزابالاغا كيبا، لقرار المدير الفني لفريقه، ماوريسيو ساري، باستبداله قبل ركلات الجزاء، ورفض خروجه من الملعب، أصدر الحارس الإسباني الشاب بياناً صحافياً قال فيه: «أنا آسف للطريقة التي تم بها تصوير نهاية المباراة». وكما هو الحال دائماً مع هذه الصيغ المبنية للمجهول، يُترك القارئ لكي يُخمن مَن هو الفاعل في هذه الجملة. ونظراً لأن الفعل المشار إليه في هذه الحالة هو «تم تصويره»، ونظراً لأن الأحداث المعنية قد نقلت على الهواء مباشرة عبر زوايا كاميرات متعددة، فإن الفاعل في هذه الجملة هو «عينك» أنت. وبالتالي، فإن كيبا يتهم أعين المشاهدين بخداعه وتصوير المباراة على عكس الواقع!
وفي بعض الحالات، يكون هذا الشكل من الاعتذارات مجرد نسخة جديدة ومحسّنة من الاعتذار لـ«أي شخص قد يكون تعرض للإهانة». كما أن هذه الصيغة الكلاسيكية الأخيرة تشير إلى أن الأمر برمته هو خطأ الشخص المتسبب في الإهانة، الذي اتخذ قراراً خطيراً بات يتعين عليه الآن أن يتفاعل مع تداعياته. ومع ذلك، تبين أن الاعتذار الذي أشرنا إليها سابقاً لم يكن الاعتذار الأخير لكيبا في هذا الشأن.
وفي وقت متأخر من ليلة الاثنين، صدر بيان رسمي من نادي تشيلسي، تحدث فيه الحارس الذي انتقل لـ«ستامفورد بريدج» مقابل 71 مليون جنيه إسترليني، عن الأمر بطريقة مختلفة هذه المرة، حيث قال: «لقد فكرت كثيراً في الأحداث التي وقعت أمس. وعلى الرغم من وجود سوء فهم، في التفكير، فقد ارتكبت خطاً كبيراً في كيفية تعاملي مع الموقف». والآن، يلومنا كيبا لأننا سمحنا لأعيننا بالنظر إلى شاشات التلفزيون لرؤيته وهو يعترض على قرار مديره الفني!
لكن القضية الأعم والأوسع تتعلق بالطبع بدراما التمرد الذي وقع من جانب كيبا يوم الأحد، وما يعنيه ذلك لعالم كرة القدم. وهل يجب معاقبة اللاعبين الذين يتمردون على مديريهم الفنيين بكل شدة وقسوة، حتى لا يتكرر الأمر مرة أخرى؟ في الحقيقة، يبدو أن هناك إجماعاً متنامياً في بعض الأوساط على أن لاعبي كرة القدم في الوقت الحالي تحولوا إلى «كيانات» بملايين الجنيهات، وتساعدهم قوتهم وحصانتهم في نهاية المطاف على إقصاء جميع المديرين الفنيين والتعامل معهم على أنهم أقل شأناً منهم.
وفي الحقيقة، أشعر ببعض التعاطف مع فكرة أن المديرين الفنيين لم يعودوا بالقوة التي كانوا عليها من قبل، لكن إلقاء اللوم في هذا الأمر بالكامل على اللاعبين وقوتهم يبدو وكأنه طريقة خاطئة تماماً في التعامل مع هذه المشكلة، لأن اللاعبين أنفسهم أصبحوا جزءاً من صناعة أكبر من قدراتهم بكثير.
وقد كتب الكاتب السينمائي اللامع ديفيد طومسون، الذي يشجع نادي تشيلسي طوال حياته، بشكل مثير للاهتمام عما حدث للاعبي كرة القدم بمجرد أن أصبحت اللعبة تُشاهد عبر شاشات التلفزيون في المقام الأول، خصوصاً منذ الابتكارات التقنية الحديثة وزوايا التصوير المتعددة التي تستخدمها شبكات رياضية مثل شبكة «سكاي». ومنذ فترة طويلة، كان الجمهور يشاهد المباريات من الملعب فقط، لكن الآن فإن لاعبي الصفوة في عالم كرة القدم «يعرفون أنهم جزء من اهتمام إعلامي كبير وتصوير بالبطيء». وفي الماضي، كان يُنظر إلى احتفالات اللاعبين المبالغ فيها على أنها شيء سيئ، لكن اليوم باتت هذه الاحتفالات معتادة، بل ومطلوبة من قبل الجمهور. وأصبح اللاعبون يشبهون ممثلي المسرح بشكل أكبر من أجل التأقلم مع نقل المباريات عبر الشاشات الصغيرة، التي يرون أن الاستعراض أمامها بات شيء مهم وضروريّ. وينطبق الأمر ذاته على المديرين الفنيين، وهو ما ظهر جلياً من خلال الأداء المسرحي المبالغ فيه من جانب ساري عندما رفض كيبا الخروج من الملعب.
وحتى لو لم يكن الأمر مرتبطاً بالمبالغ المالية الهائلة التي تنطوي عليها صناعة كرة القدم، فإن شعور لاعبي كرة القدم من داخلهم بأنهم أصبحوا نجوماً لامعة على شاشات التلفزيون قد جعلهم يتصرفون بطريقة فردية واستعراضية في المقام الأول. وعلاوة على ذلك، فقد أدت محاولات شركات التسويق للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور على مستوى العالم إلى تفاقم فكرة تحوُّل كرة القدم إلى برنامج تلفزيوني دراماتيكي، وليس مجرد «رياضة». وبالتالي، تتم تغذية خطوط المؤامرة والتنافسات الشخصية من أجل الاستمرار في تلك الدراما الكروية، بهدف إثارة الجمهور، والوصول إلى أكبر عدد ممكن من متابعي ومحبة كرة القدم في العالم.
لكن كرة القدم لم تعد مجرد حدث تلفزيوني فقط، لأنها قد غزت عالم وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً. وبالتالي، يتحدث المسؤولون التنفيذيون في الأندية الكبرى بلا أي خجل عن «المحتوى» الكروي، لكنهم في الوقت ذاته قد يتحدثون عن أشياء أخرى لمجرد رغبتهم في تداولها على «إنستغرام» مثلاً، خصوصاً أن أكبر الأندية العالمية الآن تبحث عن تحقيق عائدات تجارية جيدة في مجال الترفيه.
لكننا لم نفهم كيف تسير الأمور بشكل كامل حتى الآن، خصوصاً أننا قد تعرضنا جميعاً لخداع من قبل الوسائط الإعلامية في كرة القدم (التلفزيون في البداية، ثم وسائل التواصل الاجتماعي بعد ذلك). وبشكل متزايد، فإننا جميعاً دون استثناء نتآمر في هذا الفساد. فقد تم تصوير التمثيلية الصريحة بين ساري وكيبا على نطاق واسع باعتبارها أكثر دقيقتين ونصف الدقيقة مشاهدة من المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة يوم الأحد الماضي. ويعود السبب في ذلك بالطبع إلى الدراما الهائلة التي كانت تحدث على وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك الوقت، وهو الأمر الذي يجعل المرء يشعر بالإحباط وخيبة الأمل من مختلف المنصات الإعلامية، التي باتت تعتمد في المقام الأول على إثارة الدراما من أجل جذب الجمهور.
وفي ظل هذه البيئة الرأسمالية الكبيرة التي تهيمن على عالم كرة القدم، سيكون من السهل على اللاعبين والمديرين الفنيين أن يتكيفوا بشكل غريزي مع هذا النوع من المحتوى أكثر وأكثر. وهناك كثير من المديرين التنفيذيين في كرة القدم الذين سيعترفون بأن مقطع فيديو لمشكلة بين لاعب ومدير فني قد يكون أكثر أهمية من أي مباراة فيما يتعلق بجذب اهتمام الجمهور وزيادة عقود الرعاية.
ولعل هذا هو السبب الذي يجعل نادي تشيلسي يشعر بأنه قادر على «تجاوز» التمثيل المسرحي الذي حدث على ملعب ويمبلي يوم الأحد الماضي. قد يكون هذا الأمر مصدراً للقلق بالنسبة للمدير الفني، لكن هذا المدير الفني يكون في أفضل الأحوال عبارة عن «ممثل مساعد» في هذه المسرحية، إن جاز التعبير.
أما بالنسبة لأصحاب الاستوديوهات والمسارح، فإن هذا المقطع الذي يستغرق دقيقتين ونصف الدقيقة كان حدثاً ممتازاً، لأنه، بغضّ النظر عن محتواه، سيجذب الكثير والكثير من الجمهور في كل مكان.


مقالات ذات صلة

جاكسون المتألق يبرر ثقة تشيلسي فيه

رياضة عالمية نيكولاس جاكسون يتألق مع تشيلسي في البريميرليغ (رويترز)

جاكسون المتألق يبرر ثقة تشيلسي فيه

البداية المذهلة لنيكولاس جاكسون في موسمه الثاني بالدوري الإنجليزي تشير إلى أن الحل كان موجوداً في ستامفورد بريدج.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية نيكولاس جاكسون يواصل التألق مع تشيلسي هذا الموسم (رويترز)

جاكسون يعوض تشيلسي عن فشله في التعاقد مع أوسيمين

من الجيد أن تشيلسي لم ينجح في مساعيه للتعاقد مع فيكتور أوسيمين في فترة الانتقالات الصيفية هذا العام.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية نيكولاس جاكسون مهاجم تشيلسي يحتفل بهدفه في مرمى ليستر (أ.ب)

«البريميرليغ»: تشيلسي يعزز مركزه الثالث بفوز صعب على ليستر

عزز تشيلسي مركزه الثالث في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، بفوز صعب على مستضيفه ليستر سيتي 2 - 1 (السبت).

«الشرق الأوسط» (ليستر)
رياضة عالمية ريس جيمس (رويترز)

قلق في تشيلسي بسبب إصابة جيمس

تعرَّض ريس جيمس، لاعب فريق تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، لإصابة جديدة ومن الممكن أن يقضي مزيداً من الوقت بعيداً عن الملعب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خوان ماتا (أ.ب)

خوان ماتا شريكاً في ملكية نادي سان دييغو

أعلن سان دييغو المنافس في الدوري الأميركي لكرة القدم، أمس (الأربعاء)، أن خوان ماتا لاعب الوسط السابق في مانشستر يونايتد وتشيلسي، أصبح شريكاً في ملكية النادي.

«الشرق الأوسط»

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.