اتهامات «خطيرة» لنتنياهو في ملفات الفساد

تتضمن «الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة»... لكن الطريق طويل إلى قفص الاتهام

مندلبليت ونتنياهو في اجتماع للحكومة في 2014 (أ.ف.ب)
مندلبليت ونتنياهو في اجتماع للحكومة في 2014 (أ.ف.ب)
TT

اتهامات «خطيرة» لنتنياهو في ملفات الفساد

مندلبليت ونتنياهو في اجتماع للحكومة في 2014 (أ.ف.ب)
مندلبليت ونتنياهو في اجتماع للحكومة في 2014 (أ.ف.ب)

على رغم خطورة الاتهامات التي أعلنت النيابة الإسرائيلية، أمس، عزمها توجيهها إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتضمنت «خيانة الأمانة والاحتيال وتلقي الرشوة»، فإن تطورات القضية تشير إلى أن نتنياهو لن يدخل قفص الاتهام هذه السنة على الأرجح، وقد يعود رئيساً للوزراء بعد الانتخابات التي ستجري الشهر المقبل، ويصعب بذلك إجراءات المحاكمة.
وأعلن المدعي العام أبيحاي مندلبليت، أمس، أنه قرر توجيه لائحة اتهام بحق نتنياهو. وقال إنه أبلغ محامي رئيس الوزراء قراره توجيه «تهم جنائية عدة ارتكبت خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء ومنصب وزير الاتصالات في الملفات المعروفة باسم الملف 1000 والملف 2000 والملف 4000». وعبّر عن رغبته في عقد جلسة استماع لنتنياهو لمنحه فرصة للدفاع عن نفسه قبل تقديم الاتهامات.
واعتبر حزب «ليكود» الحاكم، في بيان، أن توجيه الاتهام «اضطهاد سياسي». ووصف «النشر الأحادي لإعلان المدعي العام قبل شهر من الانتخابات من دون إعطاء رئيس الوزراء فرصة لدحض هذه الاتهامات الباطلة» بأنه «تدخل صارخ وغير مسبوق في الانتخابات». وحاول الحزب عرقلة إعلان مندلبليت قرار المحاكمة، فتوجه إلى المحكمة العليا، لكنها رفضت الدعوى.
وأدخل قرار مندلبليت، الحلبة السياسية في حالة غليان، فقطع نتنياهو زيارته إلى موسكو وحضر فجر أمس إلى تل أبيب وباشر إدارة «المعركة» لعرقلة محاكمته. وتقرر التوجه إلى المحكمة العليا بطلب لمنع مندلبليت من إعلان قراره قبل انتخابات الكنيست المقررة في 9 أبريل (نيسان) المقبل.
غير أن المحكمة رفضت الدعوى وقالت إن «ليكود» تأخر كثيراً في رفعها. وندد الحزب بالقرار، قائلاً إنه «من المؤسف أن المحكمة العليا لم تمنع اليسار من التدخل بشكل فظّ في الانتخابات. فقد كانت المحكمة نفسها قررت في حينه، بشأن الوزير تساحي هنغبي، أنه ينبغي الامتناع عن نشر قرارات المستشار القضائي في فترة الانتخابات، وانتقدت المستشار القضائي في حينه، لأنه فعل ذلك. خسارة أن المحكمة العليا لم تنصت لنفسها».
وأفسح قرار المحكمة في المجال أمام مندلبليت لإعلان قراره تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو في الملفات الثلاثة، وأخطرها «الملف 4000» الذي يعتبر الأكبر، وفيه يتهم نتنياهو بأنه أعطى صاحب شركة «واللا – بيزك» مناقصة مقابل تحسين صورته في الإعلام، وستقدم لائحة اتهام تشمل بنود «تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة».
أما «الملف 1000» فحصل فيه نتنياهو وزوجته على كميات ضخمة من الهدايا المادية، مثل زجاجات شمبانيا وسيجار فاخر ومجوهرات، وسيوجه اتهام لنتنياهو وفق بنود «الاحتيال وخيانة الأمانة»، فيما يختص «الملف 2000» بالتفاوض مع صاحب صحيفة «يديعوت أحرونوت» نوحي موزيس، لتحسين التغطية الإخبارية لنتنياهو، مقابل تقليص حجم صحيفته المنافسة «يسرائيل هيوم»، وتم تخفيف التهمة من الرشوة إلى «خيانة الأمانة».
وفي حين أكد المدعي العام أن لائحة الاتهام مشروطة بجلسات الاستماع بين النيابة وبين محامي نتنياهو، قرر تأجيل الجلسات إلى ما بعد الانتخابات وحظر نشر أي معلومات عن التحقيق إلى ما بعد التصويت.
واعتبر «ليكود» إعلان مندلبليت «نتيجة ضغوط بلطجية لليسار ووسائل الإعلام في السنوات الثلاث الأخيرة، هدفها إسقاط حكومة اليمين والفوز في الانتخابات، ليس بواسطة صندوق الاقتراع». واتهم اليسار بالتواطؤ مع جهات أجنبية لإسقاط حكومة نتنياهو.
لكن مراقبين وخبراء اعتبروا قرارات مندلبليت «مسايرة جداً لنتنياهو»، وأنه فعل كل ما في وسعه ليحمي نتنياهو من الاتهامات، لكن الأدلة كانت راسخة وقوية ولم يستطع تجاهلها. وقال المدير العام السابق لوزارة الاتصالات الإسرائيلية، آفي يرغر، الذي قدم شهادة في إطار «الملف 4000» إن نتنياهو «متورط حتى الرقبة في الفساد»، وكشف أن رئيس الوزراء أقاله من منصبه في 2015، بعد أن رفض التوقيع على توحيد شركتي «بيزك» و«ييس» الذي كان سيحقق ربحاً بمئات ملايين الدولارات لصاحب الشركة شاؤول ألوفيتش.
وكان لافتاً إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترمب تصريحات من فيتنام قبل إعلان المدعي العام، قال فيها إن نتنياهو «رئيس حكومة ناجح ورجل ذكي وحازم وقوي».
يذكر أن عملية الاستماع الإجبارية قبل بدء المحكمة ستستغرق وقتاً طويلاً، إذ إن هناك عشرات الآلاف من الصفحات في الملفات، ويوجد 25 رجل نيابة يعملون، مقابل 5 محامين. وبانتهاء الجلسات، سيكون على المستشار القضائي أن يدرس نتائج الاستماع، علماً بأن المحامين سيحاولون إلغاء توجيه الاتهامات، وإن لم يفلحوا فإنهم سيحاولون تخفيف التهم وشطب تهمة تلقي الرشاوى لأنها الأشد خطورة، وإذا أدين بها نتنياهو فسيكون مصيره السجن. لكن هذه العملية ستتم على مدى سنتين أو ثلاث، إذ إن نتنياهو لا ينوي الاستقالة، ولكونه رئيس حكومة فستضطر المحكمة إلى العمل حسب أجندته هو، وليس حسب أجندتها. ففي حالة فوزه في الانتخابات المقبلة، سيدير حربه مع المحكمة على طريقته بفظاظة وشراسة. وعليه، فمن السابق للأوان تأبينه.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.