الحوثيون يصعّبون مهمة غريفيث ويرفضون تسليم الحديدة وموانئها

الخارجية اليمنية تتهم الميليشيات بتعطيل جهود السلام والمماطلة في التنفيذ

TT

الحوثيون يصعّبون مهمة غريفيث ويرفضون تسليم الحديدة وموانئها

ذكرت مصادر سياسية مطلعة في صنعاء أن الجماعة الحوثية رفضت خلال النقاشات التي يجريها المبعوث الأممي مارتن غريفيث، مع قادة الجماعة تسليم الحديدة وموانئها الثلاثة لسلطات الحكومة الشرعية بعد انسحاب ميليشياتها، وأنها مصممة على تنفيذ انسحاب شكلي يضمن لها البقاء في الحديدة.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن المبعوث الأممي منذ وصوله إلى صنعاء أول من أمس (الثلاثاء)، منخرط في نقاشات مستفيضة مع قيادات الجماعة في انتظار أن يقابل زعيمها عبد الملك الحوثي لإقناعه بتنفيذ بنود خطة الانتشار المقترحة من الجنرال الأممي رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار وكبير المراقبين الدوليين، مايكل لوليسغارد.
جاء ذلك في وقت اتهمت فيه الحكومة الشرعية الجماعة الحوثية بالمماطلة وتعطيل جهود السلام، وعدم الانصياع للإرادة الدولية والأممية في الحديدة وبمحاولة السعي لتجزئة الاتفاقات بغرض الالتفاف عليها وإفقادها مضامينها.
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في حسابها الرسمي على «تويتر»: «على العالم أن يدرك أن الميليشيات الحوثية تتبع سياسة ممنهجة لتعطيل جهود السلام من خلال الذهاب إلى المشاورات بعد شروط تعجيزية وعدم التوقيع على الاتفاقات، كما حدث في مشاورات الكويت، وإن اضطرت للموافقة تعمل على إفراغ الاتفاقات من محتواها بتجزئة الاتفاقات والمماطلة في التنفيذ».
وأوضحت الخارجية اليمنية أن الجماعة الحوثية خالفت الخطة المتفق عليها وتراجعت عن تنفيذ الانسحاب من ميناءي الصليف ورأس عيسى، كما أشارت إلى أن الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار طالب الجنرال لوليسغارد بكشف أسباب تأخير الحوثيين في تنفيذ الخطوة الأولى، وذلك بعد أن عمل الفريق بمعية الجيش الوطني على إنجاح وصول الأمم المتحدة إلى مطاحن البحر الأحمر يوم الثلاثاء الماضي.
وعلى وقع التعنت الحوثي الذي يرجح المراقبون أن يضاعف من تعقيد مهمة المبعوث الأممي مارتن غريفيث، أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في تغريدة على «تويتر» أن الحل الشامل في اليمن يجب أن يركز على جوهر المشكلة المتمثل في الانقلاب الحوثي. وقال هادي: «إن أي حل شامل للوضع في اليمن لا يمكن أن يكون ناجحاً دون العودة إلى جوهر المشكلة وأسبابها الحقيقية وليس الوقوف على النتائج، ولا بد أن يكون الحل مرتكزاً على المرجعيات الثلاث والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار رقم 2216».
كان غريفيث قد وصل إلى صنعاء، الثلاثاء، في زيارة هي الثالثة له خلال أقل من شهر، في مسعى منه لحلحلة العراقيل الحوثية المستمرة منذ اتفاق السويد في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومحاولة الدفع إلى تنفيذ الاتفاق الذي تحاول الجماعة التنصل منه.
وكان كبير المراقبين الدوليين لوليسغارد قد توصل إلى اتفاق جزئي مع ممثلي الحكومة والجماعة الحوثية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار للانسحاب الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى مسافة خمسة كيلومترات في المرحلة الأولى مع انسحاب القوات الحكومية من شرقي مدينة الحديدة، إلى ما بعد مطاحن البحر الأحمر حيث يوجد مخزون القمح الأممي، غير أن الجماعة ماطلت في التنفيذ ثلاث مرات خلال أسبوع.
وفي حين يصر الوفد الحكومي على إحلال قوات الأمن المحلية والسلطات المحلية الشرعية الموالية للحكومة مكان الميليشيات والقيادات الحوثية الانقلابية، يحرص الحوثيون على بقائهم في الحديدة وموانئها وتنفيذ عملية انسحاب شكلي. في السياق نفسه، أفادت المصادر الحكومية اليمنية بأن رئيس الحكومة معين عبد الملك ناقش مع وزيرة خارجية السويد مارغو والستروم، خلال لقاء في جنيف، الجهود الدبلوماسية والسياسية المبذولة للضغط على ميليشيات الحوثي الانقلابية لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.
وتناول اللقاء مستجدات الأوضاع في اليمن على ضوء اتفاقات السويد، والتي تنص على انسحاب ميليشيات الحوثي الانقلابية من مدينة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وتبادل إطلاق سراح جميع الأسرى والمختطفين، وفتح الممرات الإنسانية في تعز، ووجهات النظر حيال العراقيل المفتعلة من قبل ميليشيات الحوثي في المضي قدماً بتنفيذ هذه الاتفاقات، باعتبارها خطوات لبناء الثقة نحو الحل السياسي الشامل. وأوردت وكالة «سبأ» الحكومية أن رئيس الحكومة جدد تأكيد انفتاح الحكومة الشرعية على كل الحلول السياسية التي تسهم في تجنيب اليمن المزيد من الدمار وسفك الدماء، مشيراً إلى حرص الحكومة على التنفيذ الكامل لاتفاق السويد في ما يخص مدينة وموانئ الحديدة وتبادل الأسرى والمختطفين، دون تجزئة أو تسويف.
ونقلت الوكالة عن وزيرة خارجية السويد شعور حكومتها بالفخر والسعادة كونها أسهمت في توصل اليمنيين إلى بداية اتفاق، في الإشارة إلى اتفاق استوكهولم، مبديةً استعداد حكومة بلادها لمواصلة تعهدها ودعمها لليمن واليمنيين على الصعيد السياسي والتوصل إلى حل سلمي للأزمة، بالإضافة إلى الدعم المتصل على الصعيد الإنساني وإغاثة اليمنيين.
وخلال نقاشات غريفيث مع الجماعة الحوثية ذكرت المصادر الرسمية التابعة لها أن قياداتها أثاروا الحديث عن رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها وفتح مطار صنعاء، وهو ما يشير إلى تهرب الجماعة من مناقشة عراقيلها للانسحاب في الحديدة.
ورغم سريان وقف إطلاق النار رسمياً في 18 ديسمبر (كانون الأول)، بموجب اتفاق السويد فإن الجماعة الحوثية صعّدت من خروقها المتمثلة في قصف القرى والمناطق الخاضعة لقوات الجيش اليمني والاستمرار في حفر الخنادق والأنفاق وإغلاق شوارع مدينة الحديدة فضلاً عن تعزيز قدراتها العسكرية.
وتسببت هذه الخروق التي اقترب عددها من 1500 خرق -حسب تقارير حكومية- في مقتل وجرح ما يزيد على 600 شخص، على الأقل، في مقابل التزام الجيش بضبط النفس وعدم الاندفاع إلى إشعال المعارك مجدداً.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».