تركيا متمسكة بوجود في «المنطقة الأمنية» وتطلب سحب سلاح «الوحدات»

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
TT

تركيا متمسكة بوجود في «المنطقة الأمنية» وتطلب سحب سلاح «الوحدات»

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، مع جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي، والوفد المرافق له الذي ضم مبعوثي الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وإيران، بريان هوك، عدداً من الملفات المهمة في مقدمتها الانسحاب الأميركي من سوريا والمنطقة الآمنة المقترح إقامتها في شمال شرقي سوريا.
وعشية اللقاء مع الوفد الأميركي، حذّر إردوغان من المماطلة في عملية سحب القوات الأميركية من سوريا، وجدد تأكيده أن المنطقة الآمنة شمالي سوريا ستكون تحت سيطرة تركيا.
وقال إردوغان، في مقابلة مع قناتين محليتين ليل الثلاثاء – الأربعاء: «لو تحول سحب القوات الأميركية إلى عملية إلهاء فسيكون لنا موقف مختلف، لكن على ما أعتقد أن الأمر ليس كذلك، فمنذ عدة أيام تحدثت مع الرئيس دونالد ترمب، هاتفياً وتناولنا مثل هذه الموضوعات».
وأضاف: «على ما أعتقد فهم سيسحبون معظم جنودهم من سوريا، وربما يتركون هناك وجوداً رمزياً بعدد يتراوح بين 300 و400 وربما 200 شخص أو ربما 500 شخص بشكل إجمالي بما في ذلك قواتهم المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي».
وأكد إردوغان، في الوقت ذاته، أن أنقرة لا يمكن أن تسمح لأحد بتولي مسؤولية الإشراف على المنطقة الآمنة المحتملة شمال شرقي سوريا، بما يشكل تهديداً لتركيا، قائلاً: «نحن من سيكون هناك».
وبشأن منبج، قال إردوغان إن الشعب السوري يثق بتركيا، وعشائر المنطقة تدعوها باستمرار لتطهير منطقة منبج السورية ممن سماهم «الإرهابيين»، في إشارة إلى مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية. وأضاف أن هدف تركيا الرئيس في الوقت الحاضر هو ضمان إخراج الوحدات الكردية من منبج، ووفاء واشنطن بوعدها المتمثل في جمع الأسلحة التي قدمتها لهم.
وشدد إردوغان على أن وحدة الأراضي السورية تمثل أمراً بالغ الحساسية بالنسبة إلى تركيا، قائلاً إن ما سماه «الممر الإرهابي»، الذي تريد «التنظيمات الإرهابية» إقامته شمال سوريا، «يريدون إقامته في المكان الذي نسمّيه منطقة آمنة بالنسبة إلينا. نحن لا يمكن أن نترك تلك المنطقة لبعضهم بما يشكّل تهديداً لنا، نحن سنكون حاضرين هناك».
وتابع: «وبقدر حساسيتنا حيال ذلك (الممر الإرهابي)، نحن كذلك حساسون بنفس القدر بخصوص وحدة الأراضي السورية. ولأن الشعب السوري واثق بنا فدائماً ما يدعونا إلى تطهير منطقة منبج من الإرهابيين».
ولفت إلى أهمية تركيا كعنصر أساسي في حل الأزمة السورية، قائلاً: «الجميع يدرك جيداً أنه لا حل لتلك الأزمة من دون تركيا التي لها حدود مشتركة مع سوريا بطول 911 كلم».
وذكر إردوغان أن بلاده تستعد لاستضافة النسخة الخامسة من القمة الثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران، التي انطلقت نسختها الأولى بمدينة سوتشي الروسية، دون أن يذكر تاريخاً محدداً.
وحول استخدام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عبارة «القوات الكردية في سوريا» للإشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، قال إردوغان: «توصيف السيد لافروف خاطئ. ومن الخطأ عودته لذكر هذا التوصيف رغم توضيحنا الأمر له مراراً». وأضاف: «حينما ننظر إلى الجماعات العرقية في تركيا، نجد أن المواطنين الأكراد يُعتبرون عرقاً واحداً، يخرج منه أناس جيدون وإيجابيون، وعلى الشاكلة ذاتها قد يخرج منه إرهابيون أيضاً».
وأضاف أنه خلال اللقاءات التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يحضر وزير الخارجية لافروف، «ودائماً ما كنت أؤكد لهم أن جميع التنظيمات ذات العلاقة بحزب العمال الكردستاني هي تنظيمات إرهابية، قد تكون هذه التنظيمات كردية أو غير كردية، فرنسية أو ألمانية أو إيطالية مثلاً، وبالتالي فمن الخطأ الحديث بهذا الشكل لإظهار ما مفاده أننا أعداء للأكراد. فتركيا بها كثير من الأكراد المحبين لوطنهم».
وتابع أن تكرار استخدام مثل هذه التوصيفات رغم توضيح الأمر لهم أكثر من مرة «أمر يدعو للتفكير»، مضيفاً: «كما أن هناك مسؤولين أميركيين يقولون لنا: (لا تقتلوا الأكراد)، ماذا يعني هذا؟ كيف يمكنني أن أتصرف حيال من يخون وطني، ويقتل جنودي؟».
في سياق متصل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تصريحات، أمس، إن بلاده قوية في مكافحة الإرهاب على الأرض وعلى طاولة المفاوضات، لافتاً إلى أن بلاده «هي الوحيدة من بين دول العالم التي أرسلت جنودها إلى سوريا وقاتلت تنظيم داعش الإرهابي وجهاً لوجه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».