هيئة تطالب ألمانيا بتعويضات عن اغتيال زعيم تونسي على أراضيها

TT

هيئة تطالب ألمانيا بتعويضات عن اغتيال زعيم تونسي على أراضيها

قال عضو بهيئة الحقيقة والكرامة، التي أشرفت على التقصي في انتهاكات الماضي بتونس وتطبيق قانون العدالة الانتقالية، إن الدولة الألمانية مطالبة بالمساهمة في تمويل صندوق التعويضات على خلفية اغتيال زعيم تونسي على أراضيها.
وأبرز العضو عادل المعيزي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أن دولا أجنبية ومنظمات دولية: «تتعلق بها مسؤوليات قانونية وأخلاقية في الانتهاكات الجسيمة التي حصلت بتونس، من بينها فرنسا وألمانيا وسويسرا، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي».
وأضاف المعيزي أن ألمانيا «شهدت على أراضيها اغتيال الزعيم التونسي المعارض صالح بن يوسف، وهو اغتيال سياسي بامتياز ومن الطراز الكبير، كان يفترض على الدولة الألمانية التحقيق في الجرائم التي تقع على أرضها وملاحقة الجناة».
واغتيل بن يوسف عام 1961 بمدينة فرنكفورت الألمانية، وكان معارضا للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، الذي تولى الرئاسة إبان استقلال تونس عن فرنسا. والاثنان من قياديي الحزب الحر الدستوري الجديد، لكنهما اختلفا في سياسة دحر فرنسا عن تونس.
ويتهم أنصار بن يوسف نظام بورقيبة بالتورط المباشر في عملية الاغتيال. وفي هذا السياق قال المعيزي إن «هناك وثائق تشير إلى توقف التحقيق في الجريمة بطلب من الدبلوماسية الألمانية، نظرا للعلاقة الوطيدة بين منفذي الاغتيال وبورقيبة. كما أن التحقيق كان سيؤدي إلى المس بالعلاقات بين البلدين».
وتابع المعيزي موضحا أن موقف ألمانيا «كانت له آثار كبيرة على حقوق الإنسان بتونس لأنه شجع على الإفلات من العقاب، والاستمرار في الانتهاكات، وهو ما حصل فعلا في العقود التالية».
وبحسب العضو في هيئة الحقيقة «تتعلق بألمانيا مسؤولية أخلاقية وقانونية بالأساس عن تلك الفترة».
وأنهت هيئة الحقيقة والكرامة أعمال التقصي بشأن الانتهاكات، التي امتدت بين عامي 2014 و2018، وشملت الفترة الممتدة بين عامي 1955 و2013، وقد نظرت في أكثر من 60 ألف ملف، من بينها ملفات تخص انتهاكات ضد حقوق الإنسان، وأخرى ترتبط بفساد مالي. كما أحالت الهيئة عددا من شكاوى المتضررين إلى دوائر قضائية متخصصة في العدالة الانتقالية للكشف عن حقائق في قضايا ترتبط بالتعذيب، وقتل
معارضين ومحاسبة الجناة الذين وقفوا وراءها.
كما أن هناك شكاوى ترتبط أيضا بدور فرنسا الاستعماري في البلاد، لا سيما حرب بنزرت الأخيرة عام 1961، وقالت الهيئة إن تمويل صندوق «الكرامة»، المخصص لجبر الأضرار المادية والمعنية للضحايا، سيكون عبر الهبات والمساهمات الدولية، إلى جانب مساهمة الدولة التونسية بقيمة 10 ملايين دينار.
على صعيد غير متصل، لوح عبد الفتاح مورو، النائب الأول لرئيس البرلمان والقيادي في حركة النهضة، بالاستقالة من منصبه بعد عدد من المشادات الكلامية الحادة مع نواب من المعارضة، خاصة من تحالف الجبهة الشعبية اليسارية، وممثلي حزب التيار الديمقراطي، حيث اتهموه باعتماد «سياسة المحاباة»، وحرمان نواب المعارضة من حق التدخل.
وفيما أكد فيصل خليفة، المتحدث باسم البرلمان، عدم تلقي أي طلب استقالة من نائب رئيس البرلمان بصفة رسمية، أوضحت مصادر برلمانية أن مورو اجتمع قبل أيام مع نواب حركة النهضة بالبرلمان، وأخبرهم عزمه الاستقالة من منصبه بصفة نهائية، مرجعا هذا القرار إلى تواتر المشادات الكلامية وصعوبة السيطرة على الحوار داخل البرلمان.
ووفق مصادر حقوقية، لم يلتحق مورو بالمجلس منذ الخميس الماضي، إثر نشوب خلاف بينه وبين النائب عن حركة النهضة سمير ديلو، الذي انتقد هروبه من المواجهة في كل مرة.
في غضون ذلك، عقدت أمس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بالبرلمان أول جلسة استماع لرئاسة الجمهورية بشأن المبادرة التشريعية، المتعلقة بالمساواة في الميراث بين المرأة والرجل. ومن المنتظر أن يفتح هذا المقترح الكثير من الجدل داخل البرلمان، في ظل الخلافات العميقة في المواقف تجاه هذه المبادرة الرئاسية، حيث رفض مجلس شورى حركة النهضة هذا المقترح، فيما تمسك به عدد من الأحزاب اليسارية والليبرالية.
من جهة ثانية، نفى محمد علي التومي، المتحدث باسم حزب «البديل التونسي»، الذي يتزعمه مهدي جمعة، رئيس الحكومة التونسية السابق، علمه بوجود نية لدى حركة النهضة لدعم رئيس الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال إن جمعة «ليس مدعوما من قبل حركة النهضة»، موضحا أنه لم يعلن بعد عن نيته بخصوص الترشح من عدمه للانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويأتي هذا التصريح إثر نشر أنباء عن قرار حركة النهضة عدم ترشيح أي شخصية من قياداتها للانتخابات الرئاسية المقبلة، مقابل دعم شخصية من خارجها في هذه الانتخابات. وأكدت هذه الأنباء نية الحركة دعم مهدي جمعة في الانتخابات الرئاسية، وأنها ستوجه قواعدها للتصويت لفائدته في الاستحقاق الانتخابي المقبل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.