لولا السفر لكانت حياتي مملة وروتينية

لولا السفر لكانت حياتي مملة وروتينية
TT

لولا السفر لكانت حياتي مملة وروتينية

لولا السفر لكانت حياتي مملة وروتينية


جيني إسبر ممثلة من أب سوري وأم أوكرانية. خليط انعكس عليها شكلاً وشخصية، فهي منفتحة على الآخر وتحب اكتشاف ثقافات الغير والتعرف عليها عن قُرب. تقول إنها تعودت على السفر منذ صغرها، إذ كانت ترافق والدتها في رحلاتها إلى بلدها الأصلي أوكرانيا لتعود وتكتشف مع والدها بلدها الأم سوريا. مع الوقت أصبح السفر بالنسبة إليها جزءاً ضرورياً من الحياة لكسر الروتين وتجديد خلايا الفكر، كما يُزوّدها بطاقة إبداعية وإيجابية في مجال عملها الفني. تقول:
- لا أخفي أني أشعر بالملل عندما لا أقوم برحلة إلى بلاد جديدة أكتشفها لأول مرة أو أستعيد ذكريات سعيدة فيها. فغالبية أعمالي المصورة تجري وقائعها في سوريا وأحياناً في دولة الإمارات، ولذلك أفضّل تنظيم رحلات سياحية إلى أماكن أبعد حتى أشحذ طاقتي وأستعيد حماسي للعمل. وأعتقد أن السفر حاجة ضرورية لكل من له الإمكانيات والوقت.
- زُرت وجهات عديدة، لكني عموماً أميل إلى الرحلات التي أتعرف فيها على عادات وتقاليد بلدان بعيدة، لكني في الوقت ذاته أعشق أوكرانيا، بلد أمي، فهي تمنحني كمية أكسجين لا تتصورينها. فأول ما تحط بي الطائرة وأتنشّق هواءها، أستعيد لحظات وذكريات سعيدة من الطفولة، كوني عشت فيها إلى حين بلوغي الـ16 من عمري، وهذا يعني أني كوّنت فيها عدة صداقات لا تزال وطيدة إلى اليوم. لكن الأمر لا يعني لي مجرد لقاء صديقات الطفولة واستعادة ذكريات في مكان أعرفه جيداً وتعودت عليه، فأنا في هذا البلد أستعيد أيضاً صفحات من التاريخ والأدب تشربتها منذ الصغر ولا تزال تعني لي الكثير. لهذا يمكنني القول بكل ثقة إن أفضل ذكرياتي مع السفر هي تلك التي عشتها في أوكرانيا.
- إلى جانب أوكرانيا تربطني قصة حبّ أخرى بدبي، التي أعتبرها بلدي الثاني. فقد كوّنت فيها عدداً كبيراً من الأصدقاء الذين أقضي معهم أوقاتاً ممتعة تجعلني لا أشعر بالغربة أبداً. الغريب أنني أحببت دبي منذ أول زيارة وحتى قبل أن أكتشف كم هي مفعمة بالحداثة والرقيّ والأمان والنظام. ولا أخفيك أنه عندما يكون لديّ تصوير فنّي فيها، تغمرني السعادة. ورغم أني قضيت فيها أوقاتاً طويلة فإني في كل مرة أكتشف فيها جانباً جديداً كان غائباً عني أو تم استحداثه ونموه في غيابي القصير عنها.
- غالباً ما تطبع البساطة أسفاري خارج البلاد خصوصاً أن أغلبها يكون للعمل، وحتى عندما تكون الرحلة سياحية بحتة، أحاول قدر الإمكان أن أبقى على طبيعتي. أرتدي الجينز وحذاءً رياضياً وأمشي في الشوارع كأي سائح. لكن لا بأس من أن أعترف لك بأنني في بعض الأحيان أتوق إلى رحلات مرفّهة، لأني أكون بحاجة ماسة إلى الراحة والهدوء. عندما تنتابني هذه الرغبة، أدلل نفسي بجلسات التدليك في فندق فخم وأتناول وجبات غداء وعشاء في مطاعم فاخرة من باب التغيير. في هذه الحالة، لو خُيّرت بين المكسيك وباريس فإنني سأميل إلى باريس حتماً، لما تتمتع به من رمزية كبيرة في أوروبا. فتاريخها غني بالإنجازات الفنية والثقافية تتجلى في معالمها ومآثرها ومتاحفها، كما يوجد بها أهم دور الأزياء والمحلات التجارية الضخمة والفنادق الفاخرة. لهذا يمكنني القول إن السفر إلى باريس لا يمكن تفويته على أي حال، ليس مرة واحدة بل مرات عديدة من دون أن تشبع منها.
- عموما أفضل اكتشاف المدن الكبرى والذوبان في أحيائها وشوارعها ومتاجرها. هذا الأمر لا يعني أنني لا أحب اكتشاف الطبيعة، بل فقط بنسبة أقل، إذ أرى أنه من المبكر أن أتوخى الهدوء باللجوء إلى الطبيعة. ربما عندما يتقدم بي العمر سأقوم بذلك لأنه سيكون مناسباً. فالتنقل في شوارع المدن الكبرى والمشي لساعات يتطلب لياقة بدنية.
- التسوق من هواياتي المفضّلة. أنسى نفسي في المحلات الكبيرة التي يمكن أن أقضي فيها ساعات طويلة، أتسوق أو أتفرج على الواجهات.
- هناك أشياء كثيرة لا أستغني عنها في السفر، مثل هاتفي المحمول وحقيبة خاصة بمستحضرات التجميل، أطلق عليها اسم «الصندوق الأسود»، لما لها من أهمية وأولوية على باقي الأشياء، بما في ذلك حقيبة سفري، التي أرتبها بنفسي. ويمكنني أن أقول بكل تواضع إنني خبيرة في هذا الشأن، حيث أصبحت لي تقنية خاصة في ترتيبها.
- أسوأ ذكرياتي عندما فقدت حقيبة كبيرة كنت قد خصصتها لكل ما اشتريته خلال الرحلة من أزياء واكسسوارات ومستحضرات تجميل. وقتها كنت مضطرة إلى التوقف في مطارات لندن وإسطنبول ودبي لتغيير الطائرة، الأمر الذي أدى إلى ضياعها. وما زلت حتى الآن أشعر بالحزن والحسرة كلما فكرت في الأمر.
- أعشق المطبخ الياباني، لهذا أستغل فرصة السفر لأستكشف المطاعم المتخصصة فيه. فكل ما فيه من مكونات ونكهات يُعجبني، كما أنه صحي وخفيف على المعدة، وهذا أمر مهم بالنسبة إليّ لأني متخصصة في النظام الغذائي، وأومن بأن العقل السليم في الجسم السليم.


مقالات ذات صلة

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

يوميات الشرق جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

بالنسبة إلى جويل حجار، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة».

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر ارتفاع أعداد المسافرين 15 في المائة عام 2024 لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة منتجع ثوال الخصوصية المطلقة والفخامة البسيطة (الشرق الأوسط)

ثُوّال... منتجع على جزيرة سعودية خاصة وسط البحر الأحمر

افتتح منتجع ثُوّال الخاص أبوابه رسمياً ليصبح أول جزيرة خاصة من نوعها بالمملكة العربية السعودية قبالة ساحل جدة، حيث يقدم تجربة فريدة تجمع بين الخصوصية التامة والفخامة الاستثنائية

«الشرق الأوسط» (جدة)
سفر وسياحة دمياط تضم مجموعة من المساجد الأثرية (الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة)

دمياط... وجهة مصرية شاملة ترضي جميع الأذواق

عند اختيار وجهة لقضاء عطلتك قد تشعر بالحيرة بين رحلة مليئة بالنشاطات المتنوعة التي توفرها عطلة مميزة في مدينة صاخبة وبين الحاجة إلى عطلة شاطئية هادئة لكن لماذا تختار نوعاً واحداً فقط عندما يمكنك الاستمتاع بأفضل ما في كلتا التجربتين في بعض المدن حول العالم ومنها محافظة دمياط المصرية التي تستطيع أن تقضي فيها عطلة تلبي جميع متطلباتك على تناقضها.

نادية عبد الحليم (القاهرة)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».