البشير يجري تعديلات واسعة في قيادة الجيش السوداني

تكوين نيابات ومحاكم «طوارئ» والمعارضة تصفها بـ«محاكم التفتيش»

الرئيس البشير (أ.ف.ب)
الرئيس البشير (أ.ف.ب)
TT

البشير يجري تعديلات واسعة في قيادة الجيش السوداني

الرئيس البشير (أ.ف.ب)
الرئيس البشير (أ.ف.ب)

أجرى الرئيس عمر البشير تعديلات واسعة في قيادة الجيش السوداني، شملت رئاسة هيئة الأركان. وأصدر قرارات بترفيع عدد من الضباط إلى رتب أعلى، وأعاد بموجبها آخرين للخدمة. وذلك بعد أيام قلائل من قراره حل الحكومة وتكوين حكومة جديدة، فيما أصدرت النيابة العامة قراراً بتشكيل نيابات الطوارئ، وأصدر رئيس القضاء قراراً بتكوين محاكم «طوارئ»، فيما شهدت البلاد وقفات احتجاجية ومواكب في عدد من المنشآت. وقال بيان صادر عن الجيش، إن القرارات التي اتخذت أمس، تصنف ضمن «التدابير الإدارية الراتبة» التي تتخذها القوات المسلحة سنوياً، وبحسب البيان فإن الرئيس أصدر قراراً بتعيين الفريق ركن مراقب جوي عصام الدين مبارك حبيب الله، وزيراً للدولة بالدفاع، وترفيع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن إلى رتبة الفريق أول.
وأبقت القرارات الرئاسية على الفريق أول ركن كمال عبد المعروف الماحي، في منصبة رئيساً لهيئة الأركان المشتركة، وترقية الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب من المفتش العام، إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة.
وعيّن البشير الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن مفتشاً عاماً للقوات المسلحة، والفريق طيار ركن صلاح عبد الخالق سعيد، رئيساً لأركان القوات الجوية، والفريق الركن محمد عثمان الحسين رئيساً لأركان القوات البرية، والفريق بحري ركن عبد الله المطري الفرضي، رئيساً لأركان القوات البحرية.
وعيّن البشير الفريق ركن شمس الدين كباشي إبراهيم رئيساً لهيئة العمليات المشتركة، والفريق ركن مصطفى محمد مصطفى رئيساً لهيئة الاستخبارات العسكرية.
وبحسب القرارات، تم ترفيع عدد من الضباط إلى رتبة الفريق، وهم اللواء مهندس مستشار، عيسى إدريس بابكر، واللواء ركن، منور عثمان نقد، واللواء ركن، ياسر عبد الرحمن حسن العطا، واللواء ركن، محمد إبراهيم حسن محمد، واللواء محاسب، عصام خالد بشير.
وأعاد البشير ضباطاً للخدمة وترفيعهم لرتبة الفريق، وإحالتهم للتقاعد، وهم كل من اللواء ركن «م» النعيم خضر مرسال، واللواء ركن «م» الطيب المصباح عثمان.
من جهة أخرى، أصدر النائب العام عمر أحمد محمد قرارات بتكوين نيابات طوارئ في الخرطوم وولايات السودان المختلفة، تنفيذاً لأوامر الطوارئ التي أصدرها الرئيس البشير أول من أمس.
وذكرت النيابة العامة في بيان، أن القرارات التي أصدرها النائب العام حددت اختصاصات وسلطات نيابات الطوارئ، وفقاً لأوامر الطوارئ التي أصدرها الرئيس البشير أول من أمس (الاثنين)، وعددها خمسة، منع بموجبها التجمهر والتظاهر وتحشيد المواكب، واعتقال الأشخاص، وتفويض القوات النظامية دخول أي مباني وتفتيشها، وتفتيش الأشخاص، وتجريم التقليل من «هيبة الدولة».
وفي السياق، أصدر رئيس القضاء السوداني عبد المجيد إدريس قراراً بتشكيل «محاكم طوارئ» في الدرجتين الابتدائية والاستئنافية بجميع ولايات البلاد، تختص بمحاكمة المتهمين بمخالفة أحكام القانون الجنائي، وقانون الطوارئ وحماية السلامة العامة، وأوامر الطوارئ الصادرة من الرئيس، وتصل العقوبات التي تصدرها هذه المحاكم إلى السجن 10 سنوات والغرامة.
وفي تحدٍ لأوامر الطوارئ التي أصدرها البشير، وتمنع التجمهر والتظاهر وتسيير المواكب دون إذن، نظّم أطباء في عدد من مستشفيات البلاد، وقفات احتجاجية، أعلنوا فيها رفضهم لحالة الطوارئ في البلاد، وجددوا تمسكهم بتنحي الرئيس البشير وحكومته.
وذكر التجمع على صفحته في «فيسبوك»، أن أطباء في ولاية جبال النوبة والنيل الأزرق، وهي المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان، نظموا وقفة احتجاجية، كما نظمت كوادر طبية بعدد من المستشفيات وقفات احتجاجية في مستشفى الأسنان بالفاشر (الخرطوم).
وانتقد تجمع المهنيين والقوى المتحالفة معه، المعروفة بتحالف «قوى الحرية والتغيير» إعلان الطوارئ وأوامر الطوارئ التي أصدرها الرئيس البشير، ووصفها بأنها «تماثل محاكم التفتيش، وتذكر بالمحاكمات الإيجازية ومحاكم (العدالة الناجزة) التي سبقت سقوط حكم الرئيس جعفر النميري». وأوضح أن «طريق الطغيان» يقود حتماً إلى سقوط الأنظمة الديكتاتورية، وقال: «هذا طريق يتنكبه الطغاة كالبغال، على مر العصور، ونتيجته الحتمية هي السقوط كشجرة خبيثة، اجتثت من فوق الأرض، ما لها من قرار».
وطالب القانونيين وأجهزة تنفيذ القوانين والمحامين الوطنيين، بالتصدي لإجراءات الطوارئ، و«فضحها؛ حيث هي تمثل جريمة جديدة للنظام ورأسه، ونحر وجزّ للدستور»، وذلك بحسب بيان.
من جهة أخرى، أبدت دول «الترويكا» الغربية (الولايات المتحدة الأميركية، المملكة المتحدة، النرويج)، إضافة إلى كندا، قلقها العميق من الأوضاع في السودان.
وانتقدت بشدة إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وتعيين عسكريين وأمنيين في مناصب عليا في الدولة، وإصدار أوامر طوارئ تجرم الاحتجاجات السلمية، وتسمح للقوات الأمنية بممارسة القمع والإفلات من العقاب.
وقال بيان صادر عن المجموعة أمس: «العودة للحكم العسكري، لا يخلق بيئة مواتية لتجديد الحوار السياسي، وإجراء انتخابات ذات مصداقية». وتابع: «ندعو حكومة السودان إلى أن تتقيد بالتزاماتها العامة، وتطلق سراح المعتقلين والمحتجزين تعسفياً».
وقطعت المجموعة بمواصلة رصد الوضع عن كثب، مؤكدة أن ردة فعل الحكومة السودانية تجاه الاحتجاجات وممارسات الحكومة العسكرية، «تحدد تعامل بلداننا معها في المستقبل».
وبحسب البيان، فإن طلاب وطالبات في جامعة الأحفاد للبنات، وكلية الفجر الجامعية نظموا أمس موكباً احتجاجياً، ورددوا هتافات «سلمية سلمية ضد الحرامية، تسقط تسقط بس» وغيرها من شعارات المظاهرات السودانية.
وقال «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يقود الاحتجاجات في البلاد، إن عدداً من العاملين في شركة «كنار للاتصالات»، وهي الشركة الرابعة لتقديم خدمة الاتصالات بالبلاد، نظموا وقفة احتجاجية أمام الشركة، رفعوا خلالها شعارات تندد بنظام الحكم وتنادي بإسقاطه، إضافة إلى العاملين في شركة «عاديات».
ويشهد السودان منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، احتجاجات ومظاهرات بدأت منددة بالغلاء، قبل أن تتبنى أهدافاً سياسية، تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير وسقوط حكومته.
وواجهت السلطات الأمنية المتظاهرين السلميين بعنف مفرط، أدى لمقتل 31 متظاهراً ومتظاهرة، بحسب الحصيلة الرسمية، وأكثر من 50 بحسب حصيلة منظمات حقوقية دولية وأحزاب المعارضة، إضافة إلى مئات الجرحى والمصابين.
بيد أن الاستخدام المفرط للقوة الأمنية، لم يوقف المظاهرات والاحتجاجات، بل حوّلها إلى حالة عامة ويومية، ما اضطر الرئيس البشير إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام، وحل الحكومة المركزية والحكومات الولائية، لكن قراراته الصادرة الجمعة لم تُرضِ المعارضة التي واصلت الاحتجاج والتظاهر، فأصدر أول من أمس أوامر الطوارئ التي منع بموجبها التجمهر والتظاهر والنشر والتقليل من هيبة الدولة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.