مصر تدعو لاستراتيجية دولية موحدة للقضاء على الإرهاب

مؤتمر إقليمي في الأقصر يبحث ظاهرة «المقاتلين الأجانب»

جانب من اجتماعات مؤتمر إقليمي حول مكافحة الإرهاب في الأقصر (جنوب مصر) أمس (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات مؤتمر إقليمي حول مكافحة الإرهاب في الأقصر (جنوب مصر) أمس (الشرق الأوسط)
TT

مصر تدعو لاستراتيجية دولية موحدة للقضاء على الإرهاب

جانب من اجتماعات مؤتمر إقليمي حول مكافحة الإرهاب في الأقصر (جنوب مصر) أمس (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات مؤتمر إقليمي حول مكافحة الإرهاب في الأقصر (جنوب مصر) أمس (الشرق الأوسط)

دعا رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان)، لاستراتيجية دولية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب، «لا تقتصر على الجوانب الأمنية والعسكرية فحسب، وإنما تشمل دحض الأسس الفكرية التي يقوم عليها»، موضحاً خلال افتتاحه مؤتمراً إقليمياً حول مكافحة الإرهاب، أمس، بالأقصر (جنوب مصر)، أن القضاء على هذه الظاهرة لن يتحقق إلا من خلال «التصدي للجذور الآيديولوجية التكفيرية». ويعقد المؤتمر خلال الفترة من 26 إلى 28 فبراير (شباط) الحالي، بالتعاون بين مجلس النواب المصري والاتحاد البرلماني الدولي، والأمم المتحدة، ومشاركة 120 برلمانياً عربياً ودولياً، ويبحث على وجه الخصوص ظاهرة «المقاتلين الأجانب».
وفي كلمته أشار عبد العال لضرورة عدم الفصل بين نشر الفكر المتطرف وبين ارتكاب أعمال إرهابية مادية، مؤكداً أن «الواقع يؤكد أن الأمرين مترابطان، ومن غير المنطقي تجريم الفعل الإرهابي وغض الطرف عن المحرض». وأضاف: «يأتي مؤتمرنا هذا كاشفاً عن الأهمية التي تمثلها القضية التي يتصدى لها، والتي تفرض التعامل معها بخطى واستراتيجيات موحدة ومتسقة: داخلياً وإقليمياً ودولياً، مع أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به البرلمانات في هذا المجال». وأكد رئيس مجلس النواب أن دحر خطر الإرهاب يستلزم استراتيجية شاملة، تشمل العمل على دحض الأسس الفكرية التي يقوم عليها، وتعزيز قيم الديمقراطية، بالإضافة إلى تصويب الخطاب الديني بما يعزز القيم السمحة للأديان، ويرسخ قيم التعايش المشترك واحترام الآخر. وقال إنه لا يمكن القضاء نهائياً على الإرهاب واستئصال جذوره إلا باتخاذ موقف دولي موحد تجاه جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، وعدم اختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين، فجميعها ينبثق عن موقف آيديولوجي متطرف واحد.
وأوضح عبد العال أنه رغم اختلاف مسميات التنظيمات الإرهابية، أو أهدافها الاستراتيجية في كل دولة، فإن جميعها يُشكل شبكة متكاملة من المصالح المتبادلة تدعم بعضها بعضاً، معنوياً ومادياً، سواءً بالتمويل أو التنسيق العسكري أو المعلوماتي، كما تجمعها مظلة فكرية واحدة، وتنتمي جميعها للآيديولوجية التكفيرية المتطرفة ذاتها. وقال: «لا شك في أن أي دولة تسمح باستخدام منابرها الإعلامية والسياسية للترويج لتلك الآيديولوجيات المتطرفة تساهم بشكل رئيسي في تفشي خطر الإرهاب».
وشدد رئيس المجلس على أن «ظاهرة المقاتلين الأجانب التي يركز عليها المؤتمر في جلساته المختلفة، باتت أحد التهديدات الخطيرة المرتبطة بالصراعات الجارية في عدد من دول المنطقة، وفي مقدمتها سوريا، حتى بات هؤلاء المقاتلون لاعباً رئيسياً في الصراع، لما اكتسبوه من خبرات قتالية وتدريبات على استخدام الأسلحة». وأوضح أنه على الرغم مع الهزائم العسكرية التي تكبدها تنظيم داعش في العراق وسوريا، وفقدانه الكثير من قواعده، وعودة بعض الكتل الرئيسية من المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم، أو تحركهم إلى ساحات أخرى، فإن الخطر ما زال قائماً، خصوصاً في ظل المخاوف من انخراطهم في أعمال إرهابية داخل أوطانهم بعد عودتهم، أو تحولهم لخلايا نائمة بين ثنايا المجتمع، ‏يمكن لها أن تنشط في أي وقت، فضلاً عن دورهم في تجنيد مقاتلين آخرين وتكوين خلايا إرهابية جديدة.
ودعا عبد العال، الاتحاد البرلماني الدولي، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة من خلال المجموعة الاستشارية رفيعة المستوى لمكافحة الإرهاب، لإصدار دليل إرشادي للبرلمانات، يتضمن نصائح وإرشادات ونماذج للممارسات الجيدة والتشريعات الناجزة والإجراءات الفعالة التي أثبتت نجاعتها في أكثر من بلد، سواءً في الوقاية من الأعمال الإرهابية قبل وقوعها، أو في التصدي لها حال وقوعها.
حضر افتتاح المؤتمر، أمل عبد الله القبيسي، رئيس المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات، ومارتن تشونجونج، أمين عام الاتحاد البرلماني الدولي، وماورو ميديكو، المستشار الخاص لوكيل الأمين العام، مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة الإرهاب، وعدد من البرلمانيين والخبراء من دول مختلفة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.