المدعي العام المالي: النظام القانوني يحمي الفساد في لبنان

TT

المدعي العام المالي: النظام القانوني يحمي الفساد في لبنان

أعلن المدعي العام المالي، القاضي علي إبراهيم، أن هناك «نظاماً قانونياً فاسداً يحمي الفساد والمفسدين في لبنان»، مشيراً إلى «أن أكبر التحديات التي تواجه النيابة العامة المالية في مهمتها الصعبة في مكافحة الفساد هي الثغرات المرتبطة ببعض القوانين، والتي على القاضي الالتزام بها، وتطبيقها وفقاً للمعطيات القائمة بين يديه، وتقف حدود مهمته هنا، كونه لا يمكن له أن يأخذ عمل المشرع ويسنّ القوانين».
وجاء تصريح إبراهيم خلال حوار مع إعلاميين، بموازاة ورشة سياسية على المستوى الوطني لمكافحة الفساد، وهي مهمة معقدة، كما يقول الخبراء. وقال إبراهيم، أمس: إن «مكافحة الفساد لا يمكن حصرها بمؤسسة واحدة، بل هي عملية تتحمل مسؤوليتها المؤسسات المعنية والمواطن والإعلام على حد سواء».
وتحدث القاضي إبراهيم عن «تحديات كثيرة تواجه النيابة العامة المالية، وتقف عائقاً أمام تأديتها مهمتها الصعبة، وفي مقدمها بعض القوانين، كالحصانة، وعدم إمكانية ملاحقة أي موظف إلا بموافقة الوزير المعني، وعادة ما يمتنع الوزير عن الإجابة على طلب الإذن، فلا يرفض الإذن ولا يقبله، وبالتالي لا يمكن للنيابة العامة المالية الرجوع للنيابة العامة التمييزية؛ لأنه لن يرفض منح الإذن رسمياً، ولا تستطيع استكمال التحقيقات لأن الوزير لم يتجاوب، حامياً بذلك الفاسد بطريقة أو بأخرى».
ولفت إلى أن النيابة المالية تعمل على تخريجة قانونية، تحدد فترة طلب الإذن من الوزير خلال شهرين، وإلا تعتبر عدم الرد رفضاً ضمنياً، وتكمل تحقيقاتها على هذا الأساس.
ورأى إبراهيم «أننا نعيش جواً جديداً فيما يخص مكافحة الفساد، من القوى السياسية التي ما عادت في وارد أن تخطو خطوة عكس هذا التيار؛ فكل الناس تحكي اليوم عن مكافحة الفساد»، مشدداً على «ضرورة العمل على تغيير الذهنية لدى المواطن، الذي يسهّل بطريقة غير مباشرة عمل الفاسدين عبر الانجرار لأعمالهم من رشوة وغيرها؛ ما يساهم في ترسيخ مبدأ الزبائنية في المؤسسات والإدارات العامة».
وعن الضغوط السياسية التي يتعرض لها مع طرح كل ملف من ملفات الفساد الحساسة، قال إبراهيم: «السياسي يعمل واجباته أمام النظام الزبائني القائم على الخدمات؛ ولذلك يقوم بالتدخل وإجراء الاتصالات المكثفة بالقاضي المعني، لكن أنا أعرف في المقابل كقاضٍ أن أقوم بعملي أيضاً، وألا أرضخ لأي نوع من الضغوط السياسية بل الحكم وفقاً للمعطيات القائمة».
وأكد إبراهيم «أن النيابة العامة المالية تعمل على ما يقارب الـ8000 ملف سنوياً، وكل هذا مع فريق عمل يضم أنزه القضاة الجديين، إلى جانب قلم وموظفين من أنزه الموظفين».
وعن قانون الإثراء غير المشروع لعام 1999، لفت إبراهيم إلى أن «هذا القانون وُضع كي لا يطبق». ولفت إلى أن غايته كمدعٍ عام مالي «ليست اجتثاث الفساد في لبنان وهو أمر موجود في كل دول العالم، فذلك لا أستطيع فعله، بل أحاول تخفيفه لأدنى حد ممكن، ليوازي لبنان على الأقل الدول المتحضرة في معدلات الفساد».
 



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.