«الفتح» و«سائرون» يعيدان رسم المشهد السياسي في العراق

بعيداً عن كتلتي «الإصلاح» و«البناء»

TT

«الفتح» و«سائرون» يعيدان رسم المشهد السياسي في العراق

بدأ العد التنازلي لاستئناف جلسات البرلمان العراقي في الخامس من الشهر المقبل حيث يبدأ الفصل التشريعي الجديد. وبينما انتهى الفصل التشريعي الأول على وقع استمرار الأزمة السياسية المتمثلة بعدم اكتمال كابينة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي فإن المؤشرات طبقا للتسريبات التي يجري تداولها في الغرف المغلقة تشير إلى استمرار الأزمة مع وعد بالتصويت على ما تبقى من وزارات.
البرلمان العراقي الذي لم يتمكن من إقرار سوى قانون واحد طيلة الفصل التشريعي الأول وهو قانون الموازنة بات يجد نفسه محرجا من الشارع العراقي، الأمر الذي حمل رئيسه محمد الحلبوسي على إجراء سلسلة لقاءات مع زعامات الكتل السياسية وبالذات تحالف سائرون المدعوم من مقتدى الصدر انتهت إلى نتيجة اتفق عليها الطرفان وهي البدء بتثبيت أركان الدولة والانتهاء من إدارتها بالوكالة. وبينما يبدأ العمل بملف الهيئات المستقلة وعددها 22 هيئة والوكالات والدرجات الخاصة وعددها أكثر من 4000 درجة خاصة بدءا من وكيل وزير وسفير ومدير عام مع بدء الفصل التشريعي خلال شهر مارس (آذار) فإنها تنتهي في موعد أقصاه 30 يونيو (حزيران).
في سياق ذلك، وطبقا لمصدر عراقي مطلع تحدث لـ«الشرق الأوسط» فإن «لقاء بعد يومين بين قيادتي تحالفي سائرون والفتح، بزعامة هادي العامري، سيضع النقاط على حروف التفاهمات التي جرت بينهما خلال الفترة الماضية»، مبينا أن «اللقاءات التي جرت بين الطرفين لم تحظ بعضها بتوافق من قبل شركائهم، لا سيما الشيعة منهم، في كل من كتلتي الإصلاح والإعمار (تضم عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة وحيدر العبادي رئيس الوزراء السابق) وكتلة البناء التي تضم نوري المالكي زعيم دولة القانون». وأوضح المصدر الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «الشركاء الشيعة الكبار مثل المالكي والعبادي والحكيم يرون أن (سائرون) و(الفتح) لا يمكنهما الانفراد بالقرار السياسي للبلاد بينما تبدو مواقف السنة والأكراد أكثر ليونة من منطلق أن استحقاقاتهم الانتخابية سوف تبقى كما هي بينما لن تكون لهم مشاركة هامة في صناعة القرار خصوصا بعد أن أعلنت (الفتح) و(سائرون) أنهما من سيتحمل نجاح أو إخفاق حكومة عادل عبد المهدي».
بدوره، يرى الدكتور وائل عبد اللطيف، عضو مجلس الحكم والوزير السابق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الواضح أنه ليس هناك كتلة دستورية تم تشكيلها داخل البرلمان وهي التي تسمي من بين أعضائها مرشحا لتشكيل الحكومة وذلك طبقا للمادة 76 من الدستور العراقي التي تم تجاهلها تماما عند اختيار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بطريقة التوافق وهي بدعة لا وجود لها في الدستور الذي تم تجاوزه وهذا أمر يجب الإقرار به بصرف النظر عن أي حجج أو تبريرات». وأضاف عبد اللطيف أن «مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عددا هي التي يجري تسجيلها في الجلسة الأولى للبرلمان ومن ثم يسمي رئيس الجمهورية مرشحها لكن ما حصل عمليا غير هذا الذي يجب أن يحصل وهو ما بتنا ندفع ثمنه سواء على صعيد تعطيل أو عرقلة تشكيل الحكومة أو كيفية التعامل مع الملفات الحاكمة وهي كبيرة خلال الفترة المقبلة خصوصا مضى أكثر من 100 يوم من عمر الحكومة وبرنامجها دون أن يتحقق شيء ملموس». وتساءل عبد اللطيف وهو قاض سابق: «هل الكتل التي توافقت فيما بينها على كل شيء وتريد أن تدير البلد وفقا لما تراه هي أكبر من الدستور بحيث تتم الاستهانة به بهذه الطريقة غير المسبوقة؟». وأوضح عبد اللطيف أنه «ليس هناك معايير في الاختيار والترشيح كما أنه لا يوجد برنامج سواء عند (الفتح) أو (سائرون)».
لكن عضو البرلمان العراقي عن تحالف الفتح، نعيم العبودي، يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التفاهم بين (الفتح) و(سائرون) أفضى إلى تشكيل لجان وظيفتها إكمال الحكومة ودعمها من خلال متابعة الملفات العالقة في مجالس المحافظات وغيرها وكذلك الموقف الموحد والرسمي باتجاه رفض أي وجود أجنبي على الأرض العراقية». وأضاف العبودي أن «فشل الحكومة سوف يتحمل مسؤوليته تحالف الفتح وسائرون كون الحكومة الحالية جاءت نتيجة توافق بينهما». وأشار إلى أن «هذا التقارب الأخير كان للتهديدات الأمنية دور فيه بالإضافة إلى أن نجاح الحكومة يعتمد على مدى الانسجام بين الكتل المسؤولة عن تشكيلها حيث إننا نرى أن هذه الحكومة تمثل مرحلة مهمة في تاريخ الدولة العراقية الحديثة». وأوضح أن «من بين أهم الأمور التي تنتظر هذه الحكومة هي مأسسة الدولة وكذلك توفير الخدمات للمواطنين لا سيما في المناطق التي تقع تحت خط الفقر»، كاشفا أن «إكمال الكابينة الحكومية سيكون خلال الأسبوع الأول من بدء الفصل التشريعي الجديد».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.