المنتجات المالية المهيكلة... «عنقاء الأسواق» العائدة بقوة رغم «السمعة السيئة»

كانت بين أبرز أسباب أزمة 2008

منذ سقوط «ليمان براذرز» اعتقد العاملون في السوق أن المنتجات المالية المهيكلة ستنخفض لأدنى مستوى (رويترز)
منذ سقوط «ليمان براذرز» اعتقد العاملون في السوق أن المنتجات المالية المهيكلة ستنخفض لأدنى مستوى (رويترز)
TT

المنتجات المالية المهيكلة... «عنقاء الأسواق» العائدة بقوة رغم «السمعة السيئة»

منذ سقوط «ليمان براذرز» اعتقد العاملون في السوق أن المنتجات المالية المهيكلة ستنخفض لأدنى مستوى (رويترز)
منذ سقوط «ليمان براذرز» اعتقد العاملون في السوق أن المنتجات المالية المهيكلة ستنخفض لأدنى مستوى (رويترز)

بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 التي كادت تودي بالمنتجات المالية المهيكلة، عادت تلك المنتجات كطائر العنقاء الخرافي إلى الانتعاش مجددا على الرغم من تحميلها - إلى جانب الرهونات العقارية - تبعات أزمة مالية كانت الأعنف منذ عام 1929.
وتؤكد مصادر المصارف الاستثمارية في جنيف أن التوسع الجديد أتى مدفوعاً بتغيير في الشكل والمضمون تلبية لطلب مستمر على هذه المنتجات في الأسواق. إلى ذلك، هناك أسباب أخرى، أبرزها انخفاض معدلات الفوائد، ما دفع المستثمرين إلى منتجات وأدوات بعوائد أعلى، والتغيير الرقابي في مناخ أكثر تنظيما من ذي قبل.
ويذكر أن المنتجات المهيكلة يستخدمها صناع السوق لتلبية رغبة المستثمرين الدائمة في أقصى مستويات ممكنة لحماية رأس المال، مع خيار أرباح تفوق بكثير الفائدة المصرفية. هذا التوازن يعد المصدرون بالتوصل إليه بفضل توزيع السيولة المستثمرة بين أدوات مالية شبه منعدمة المخاطر منخفضة العائد، وبين الاستثمارات المنطوية على المزيد من المخاطر لكنها تحقق عوائد أعلى، وتعتمد غالبا على التحوط والمشتقات المالية مع جرعة مضاربية وفقا لاتجاهات الأسواق.
وتضيف مصادر البنوك الاستثمارية العاملة في جنيف: «من كان يعتقد بعد 10 سنوات على الأزمة أن المنتجات المالية المهيكلة ستبلغ حجم أعمال بواقع 300 مليار دولار؟ أي بزيادة نسبتها 20 في المائة في عام 2018، ونمو بنفس النسبة في 2017، فبعد سقوط (ليمان براذرز)، اعتقد العاملون في هذه السوق أن تلك المنتجات ستنخفض إلى أدنى مستوى، ثم تندثر بسبب سمعتها (السيئة). لكنها عادت للانتشار والنمو؛ ليس فقط بسبب حاجة الأسواق إليها، بل بفعل تأقلمها مع القيود الرقابية الجديدة وقدرتها على التجدد والابتكار والتماهي مع شروط الشفافية التي فرضت بعد الأزمة».
ويذكر أنه قبل الأزمة، كان الابتكار في الصناعة المالية الخاصة بالمنتجات المهيكلة يركز - في ظل الظروف المواتية - على أن يحصل المستثمر على ربح كبير، إضافة إلى تحصيل الدخل المضمون من الاستثمار في الأدوات منعدمة المخاطر... لكن المعروض من تلك المنتجات كان معقداً جداً بالنسبة للمستثمرين العاديين منهم وغير العاديين، الذين وجدوا أنفسهم بين أكبر الخاسرين لأن تلك التعقيدات انطوت على استثناءات وبنود لم يكن من السهل فهمها وتقدير مخاطرها.
وكانت الأدوات المهيكلة تسوق للاكتتاب فيها بعد مزج غير حميد أحيانا بين سندات مضمونة - أو شبه مضمونة - لحماية رأس المال معطوفة على خيار الحصول على عوائد مرتفعة بفعل المشتقات المالية وعمليات «سواب» مستخدمة فوق كل ما سبق. وازداد التعقيد بإضافة أدوات أخرى متاحة هنا وهناك في الأسواق المالية. وتعددت التسميات والأشكال وتنوعت المضامين والمكونات على نحو غير مسبوق، حتى باتت تلك المنتجات تضم استثمارات مباشرة وغير مباشرة في الأسهم والسندات والعقار والأصول البديلة... وعندما حلت الأزمة، وقعت تلك المنتجات المهيكلة تحت وطأة خسارة قطاعات لم تكن لها علاقة ظاهرة بها، لكن تمدد الاستخدام والتركيب كان سببا في خسائر معظم المستثمرين في هذه الأدوات التي سقطت كأحجار الدومينو على الرغم من كل الوعود القائمة على ربح من الاستثمار في الجزء المدر للدخل (أصول تنطوي على مخاطر عالية)، وفي حال كانت نتيجة الاستثمار في الجزء المدر للدخل سلبية، فإن الربح المضمون من الجزء المنعدم المخاطر يحول دون تكبد خسارة بشرط أن يكون مستوى حماية رأس المال عند قيمته القصوى. وكان المصدرون لهذه الأدوات يتنافسون على تقديم منتجات تختلف كثيرا عن منافسيهم. لكن سنوات ما قبل الأزمة تعددت الأشكال والمسميات والتركيبات حتى ضاع المستثمر في غابة من المنتجات والأدوات المالية المعقدة.
وبعد إفلاس «ليمان براذرز»، رسخت لدى المصدرين قناعة مفادها أن العودة إلى الأسواق تحتاج إلى ثقة المستثمرين أولا وأخيرا. فقرروا خفض مستوى التعقيد إلى أدنى حد ممكن، وعمدوا إلى ترتيب وتنظيم الإصدارات في انسجام فيما بينها، سواء لجهة السداد أو المسميات والتركيب مهما اختلف المصدرون.
واقترحت الجمعية السويسرية للمنتجات المهيكلة توزيع الإصدارات في 4 فئات. الأولى خاصة بحماية رأس المال، والثانية خاصة بالأداء، والثالثة لأدوات المشاركة، والرابعة للاقتراض والتمويل. واستطاع المستثمرون في هذه الأدوات المفصلة تبيان إمكان حفاظهم على رساميلهم في حال تعرض المصدر للمصاعب أو التعثر.
ويشير محللو الأسواق إلى أن المصدرين يجنحون أكثر الآن نحو الشفافية بتطبيق شروط عالمية وضعت بعد الأزمة مع توزيع إلزامي لكتيبات قصيرة ومركزة تضم الشروحات الوافية عن المنتج المطروح للتسويق والاكتتاب، وتشمل الشروحات المخاطر والتكلفة وطريقة عمل المنتج والأداء المتوقع وفقا لمختلف سيناريوهات الأسواق وتقلباتها.
ويرى العاملون في هذه السوق أن تطور سوق المنتجات المالية المهيكلة بات لا يرتبط فقط بالظروف الاقتصادية والمالية المحيطة، بل أيضا بمدى الإبداع والابتكار في هذه الأدوات الاستثمارية حتى تستطيع مجاراة رغبة المستثمرين الدائمة في عوائد أعلى وأضمن.
وينشط المصدرون حاليا في اعتماد التكنولوجيا والرياضيات المالية المحسوبة آليا على مدار الساعات والدقائق والثواني، لتشكيل منتجات متطورة ومنخفضة التكلفة بالنسبة للمصدر بفعل التقنيات المالية الحديثة (فينتك). وتلك التقنيات تسمح الآن بتقديم أدوات استثمارية «على المقاس» اعتبارا من 20 ألف دولار، أي أنها تلبي رغبات كل المستثمرين من الصغار منهم حتى الكبار.. الهندسة المالية المذكورة كانت صعبة جدا قبل عدة سنوات؛ لكنها الآن بمتناول الجميع، ما يعني أنها تعد بفرص قل نظيرها في تاريخ الأسواق المالية.



«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو بالعاصمة البريطانية لندن من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.