{المستقبل} يستنكر استهداف «حزب الله» لحكومة السنيورة

فؤاد السنيورة
فؤاد السنيورة
TT

{المستقبل} يستنكر استهداف «حزب الله» لحكومة السنيورة

فؤاد السنيورة
فؤاد السنيورة

فتح «حزب الله» ملف الحقبة السياسية التي كان فيها وزراؤه معتكفين عن العمل في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في 2006 و2007، من باب ملف الحسابات المالية للدولة اللبنانية، والاتهامات بأن «هناك فوضى منظمة ومتعمدة لتضييع الأموال»، وهو ما رأت فيه مصادر في «المستقبل» محاولة «للاقتصاص من الموقف السياسي والاقتصادي (للسنيورة) ودوره في إقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان».
وعقد عضو كتلة الحزب البرلمانية النائب حسن فضل الله مؤتمراً صحافياً في مجلس النواب أمس، أعلن فيه أن «تصحيح حسابات الدولة هو من أجل استقامة المالية العامة للدولة وقطع الحساب ثم إنجاز الموازنة». وخلال المؤتمر، تطرق إلى ملف الهبات المالية في «حرب تموز (يوليو)»، قائلاً إن «الملايين منها ضاعت»، كما رأى أن القسم الأكبر من الحسابات المالية الضائعة من المال العام، تم خلال حكومة الرئيس السنيورة في عامي 2006 و2007، وكان خلالها وزراء الحزب معتكفين عن العمل الوزاري. وقال: «في عام 2010 تبين أن الحوالات كانت تقيد ثم تلغى ثم يعاد قيدها، والحسابات الدائنة تصبح مديونة، وهناك أموال طائلة ضاعت».
ورأت مصادر سياسية بارزة في «المستقبل» أن ما قاله النائب فضل الله «يمثل استهدافاً للدور السياسي والاقتصادي للرئيس السنيورة، ودوره في إقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. وشددت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن ذلك «استهداف ومحاولة لتشويه السمعة وضرب صورته السياسية، بل ينطوي أكثر على انتقام وتشفٍ من كامل دوره السياسي».
وكان السنيورة يترأس الحكومة اللبنانية خلال «حرب تموز» 2006، ووافقت حكومته على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهو ما دفع بالوزراء الشيعة وآخرين مؤيدين لهم في قوى «8 آذار» للاعتكاف في خريف 2006. وبعدها، اعتصمت قوى «8 آذار» في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت في ظل استمرار الوزراء العشرة باعتكافهم، كما أقفل مجلس النواب ولم تتوصل الأطراف إلى اتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتصاعد التوتر السياسي في البلاد قبل أن ينتهي في مايو (أيار) 2008 باتفاق الدوحة، حيث اتفق الأطراف على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وعلى قانون انتخابي جرت إثره الانتخابات النيابية في مايو 2009.
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن كل شيء تم صرفه في تلك الحكومة «موثق ومسجل في قيود الدولة»، مشددة على أن «كل ما أنفق في ذلك الوقت، كان لتسيير حاجات الدولة والمواطنين، ومسجل بنداً ببند، ولم ينفق على قضايا سياسية، وهم يعرفون ذلك». وقالت: «كان واجب الدولة أن تنفق مضطرة من خارج الموازنة التي لم تقر بسبب إقفال المجلس النيابي بأمر من (حزب الله)، لتسيير أمور الناس وشؤون الدولة والمواطنين»، وسألت: «لو لم تنفق الدولة، فكيف يمكن أن تدفع رواتب الموظفين وثمن فيول الكهرباء وعلاج المواطنين وخدمة الدين العام وغيرها؟» وقالت المصادر: «كان المعتكفون يرفضون أي مشروع قانون يرسل من الحكومة إلى مجلس النواب لغايات سياسية»، عادّة أن ما يُساق من اتهامات «افتراء سياسي».
وتطرق فضل الله إلى ملف الهبات المالية الدولية بعد «حرب تموز»، معلناً أن «هناك ملايين الدولارات التي كانت تأتي بشكل هبات بعد (حرب تموز)، ولكن لا تسجل وفق الأصول؛ بل لحساب الهيئة العليا للإغاثة»، مشيراً إلى أن «المال الذي جاء إلى لبنان كان يكفي لأضرار الحرب وللقيام بالبنى التحتية، وأنا مسؤول عن كلامي، ولكن أين اختفى هذا المال؟». وقال: «من يعرف كيف صرفت هذه الأموال فليقل لنا، وليقم القضاء بدوره ومسؤولياته في الدفاع عن المال العام».
لكن مصادر «المستقبل» شددت على أن «كل الهبات معروف كيف أنفقت، وموجودة في حسابات مصرف لبنان»، مشيرة إلى أن هبات كثيرة «لا تُنفق إلا بمشية الواهب، وليست الدولة من تحدد وجهات صرفها، وتشرف الجهات الواهبة على صرفها»، نافية ضياع أي هبات مالية كما قال فضل الله.
وقال فضل الله، أمس، إن ما يطرحه هو مستندات ووثائق رسمية... «وإن سلكت مسارها القانوني الصحيح، فستؤدي إلى محاسبة رؤوس كبيرة تمارس السياسة حتى اليوم»، لافتاً إلى أن «هناك الآلاف من المستندات، وهي موجودة في وزارة المال. وقد أبلغنا وزير المال بأنها ستحول إلى ديوان المحاسبة». وقال إن «هناك فوضى منظمة ومتعمدة لتضييع الأموال».
ولا يعارض «المستقبل» الذهاب إلى القضاء، ويؤكد دعمه ذلك. ودعا عضو «كتلة المستقبل» النائب سامي فتفت «كل من يمتلك ملفات من هذا النوع إلى أن يتوجه بها للقضاء، والكف عن توجيه الاتهامات يمينياً وشمالاً، ويزود القضاء بالأدلة والبراهين»، مشدداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أنه «حين تذهب الملفات للقضاء، فالجميع مستعدّ للمضي فيها إلى الآخر بهدف القضاء على الفساد». وقال فتفت: «ما أؤكده أنه في فترة الرئيس السنيورة، لم يكن أي طرف بوارد الذهاب إلى تلك الممارسات» في إشارة إلى الملفات التي تحدّث عنها فضل الله لجهة الهبات المالية في «حرب تموز» 2006.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.