قرار قضائي مصري جديد يعزز حظر «الإخوان»

قيادي سابق لـ «الشرق الأوسط»: الدولة لن تسمح للجماعة بالوجود القانوني ولا الشعبي

TT

قرار قضائي مصري جديد يعزز حظر «الإخوان»

قالت محكمة مصرية، أمس، إن تنظيم الإخوان المصنف رسمياً «جماعة إرهابية» «لم يعد له ثمة وجود، وهو محظور بالفعل»، وذلك رداً على دعوى تطالب بحل الجماعة التي تأسست قبل نحو 90 عاماً. وتحظر الحكومة المصرية الإخوان منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013، وقد عدتها «جماعة إرهابية» بعد اتهامها بالمسؤولية عن أعمال العنف التي وقعت منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي للجماعة. ويخضع المئات من قادة وأنصار الجماعة حالياً، وعلى رأسهم الرئيس المعزول والمرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بالتحريض على العنف، صدر في بعضها أحكام بالإعدام.
وقضت محكمة القضاء الإداري، أمس، بعدم قبول دعوى تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي، بامتناع رئيس مجلس الوزراء عن حل جماعة «الإخوان المسلمين»، لانتفاء القرار الإداري، استناداً إلى أن هذه الجماعة «محظورة بالفعل». وأكدت المحكمة، في حيثيات حكمها، أنه سبق أن صدر «قرار مجلس قيادة الثورة (ثورة 1952) عام 1954 بحل جماعة الإخوان، ومصادرة أموالها وممتلكاتها. ومنذ ذلك التاريخ، تعتبر هذه الجماعة منحلة، ولم يعد لها وجود دستوري أو قانوني. كما أنه بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، صدر حكم محكمة الأمور المستعجلة، عام 2013، بحظر أنشطة التنظيم، والتحفظ على جميع أموالها؛ العقارية والسائلة والمنقولة».
وأشارت المحكمة إلى قرار وزير التضامن الاجتماعي السابق، بحل جمعية الإخوان المسلمين المقيدة بالوزارة، استناداً إلى انتماء الجمعية لجماعة الإخوان، وكذلك قرار محكمة جنايات القاهرة عام 2017 إدراج اسم جمعية الإخوان المسلمين على قائمة الإرهابيين. وانتهت المحكمة إلى أن «هذه الجماعة غير مُعتبرة دستوراً وقانوناً، ولم يعد ثمة وجود لجمعيتها. ومن ثم، فإن عدم الوجود القانوني والشرعي لهذه الجماعة وجمعيتها يجعل الدعوى مفتقدة لقرار إداري سلبي أو إيجابي مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء، لذا قضت المحكمة بعدم قبول هذه الدعوى لانتفاء القرار الإداري».
ويرى طارق أبو السعد، القيادي السابق بجماعة الإخوان الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن «جماعة الإخوان ليس لها شرعية قانونية منذ عام 1954، لكنهم في السبعينات استمدوا الشرعية من الموافقة الضمنية على العمل السياسي، وراهنوا على الشرعية الشعبية، بقبول الشعب لهم، وهو ما حدث بالفعل، رغم عدم وجود هذا الكيان قانوناً، فأصبحوا موجودين واقعياً، ومقبولين شعبياً».
وتابع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «الآن، الأمر اختلف، فالشعب هو من سحب شرعيته من الإخوان، عبر احتجاجات 30 يونيو (حزيران) ضد مرسي، وبالتالي فقد الإخوان الشرعية الشعبية، بجانب القانونية، وبقيت بعض الكيانات التي حاول الإخوان إنشاءها لتكون مساراً أو منفذاً لهم، ومنها جمعية جماعة الإخوان، وهي جمعية شكلية، كانت مساراً يسمح لهم باستخدامها فيما بعد، لكن هذا المسار تم إغلاقه، وكذلك حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية) الذي تم حله».
وبخصوص القرار الإداري الصادر أمس، أوضح أبو السعد أنه «يؤكد عدم وجودها القانوني والشرعي من نصف قرن... وبالتالي، ليس له قيمة كبيرة، إلا فيما يحمله من رسائل، أهمها أن الدولة الرسمية لن تتصالح مع الإخوان، ولن تسمح لها بالوجود، لا القانوني ولا الشعبي، ولا بسياسة إغماض العين عنهم، وأن كل رهانات الجماعة ومؤيديها على ضغوط دولية لإعادة دمج الإخوان في الحياة السياسية والاجتماعية المصرية أصبحت رهاناً خاسراً».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعلن مراراً رفضه المصالحة مع الإخوان، مؤكداً أن «دور الجماعة في مصر انتهى تماماً، وأن الشعب لن يقبل بعودة الإخوان مرة أخرى». واعتبر «مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة»، التابع لدار الإفتاء المصرية، أمس، أن حكم محكمة القضاء الإداري بمثابة «صفعة جديدة للجماعة الإرهابية، ولمن يمولها ويدعمها من التنظيمات والجماعات الإرهابية».
وأوضح المرصد، في بيان، أن «العنف لدى الجماعة الإرهابية لم يكن وليد اللحظة الراهنة، بل يعتبر استراتيجية متجذرة وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا في كثير من كتاباته ورسائله الموجهة إلى أنصاره».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.