مخاوف في العراق من «الدواعش» العائدين من سوريا

TT

مخاوف في العراق من «الدواعش» العائدين من سوريا

لم ينفع تأكيد الجهات الأمنية العراقية أنها تسلمت عناصر «داعش» من قوات «سوريا الديمقراطية» لأنهم مطلوبون للقضاء العراقي بموجب المادة 4 إرهاب، في تهدئة مخاوف المطالبين برحيل القوات الأجنبية؛ خصوصاً الأميركية.
فبعيداً عن الاتفاق الذي يجري تنفيذه بتسليم هؤلاء على شكل دفعات، آخرهم 14 مقاتلاً فرنسياً، أكد مصدر أمني لوكالة «الصحافة الفرنسية» أمس تسلمهم، فإن آمال الرافضين للوجود الأميركي بدأت بالانتعاش لجهة رسم مزيد من سيناريوهات إعادة تصدير «داعش» إلى العراق. وبينما أكد نائب رئيس الوزراء العراقي السابق بهاء الأعرجي أن تصدير «الدواعش» إلى العراق بداية لسيناريو جديد، فإن النائب عن المحور الوطني عبد الله الخربيط أكد من جانبه أن السفارة الأميركية حددت، طبقاً لطلب رسمي تم توجيهه إليها، مهمة قواتها بالعراق وأعدادهم.
وقال الأعرجي في بيان: «إن الولايات المتحدة الأميركية تريد تنفيذ سيناريو جديد بالعراق يتوجب على القادة العراقيين الانتباه له، وذلك باتخاذ الخطوات اللازمة بعدم تنفيذه». وأضاف الأعرجي أن «المطلوب هو إيجاد نوع من التهديد الجديد للقوات الأمنية، من أجل أن تكون هناك ذريعة لبقاء القوات الأميركية في العراق؛ بل وزيادة عددها بعد بدء الانسحاب من سوريا».
لكن للنائب عن محافظة الأنبار عبد الله الخربيط رأياً مختلفاً؛ حيث يقول إن «وجود القوات الأميركية في العراق ينقسم إلى قسمين؛ حيث هناك قوات مهمتها تدريب القوات العراقية، بينما هناك قوات أخرى مهمتها هي إدارة القوة الجوية الأميركية في العراق».
ويضيف الخربيط أن «تقرير السفارة الأميركية يؤكد أيضاً على عدم وجود أي قوات برية أميركية»، مبيناً في الوقت نفسه أن «الكتل السياسية في مجلس النواب ستوجه سؤالاً لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، عن مدى حاجة الحكومة العراقية لهؤلاء المدربين».
إلى ذلك، حذر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الكربولي، وهو نائب عن محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «إعادة تدوير (داعش) في العراق»، مبيناً أن «هناك فرقاً بين الحديث عن وجود القوات الأميركية في العراق، وطبيعة المهام التي تقوم بها، وبين تجدد الحديث عن (داعش)». وأضاف أن «جرائم (داعش) وإن كانت تستهدف الجميع، لكن ومثلما ثبت على أرض الواقع فإن جمهور المحافظات الغربية هو المتضرر الأكبر». وأشار إلى «أننا سبق أن حذرنا في وقت مبكر من دخول (الدواعش) إلى العراق عبر الحدود العراقية – السورية، التي هي غير مؤمنة بشكل جيد؛ لأننا سنكون أول من يدفع الثمن».
وحول الحديث عن صلة ذلك بالوجود الأميركي في العراق، أكد الكربولي أن «الوجود الأميركي في العراق هو من مسؤولية الحكومة العراقية؛ لأنها هي من طلبته، كما أنها هي التي تقرر فيما إذا كانت هناك حاجة له».
لكن النائب عن كتلة الفتح، حسن سالم، أكد من جانبه أن الأميركيين يعيدون «داعش» ثانية إلى العراق، من خلال إعداد وتدريب 3000 «داعشي» من جنسيات مختلفة في منطقة وادي حوران بالأنبار. وأضاف سالم في تصريح صحافي أمس، أنهم «قاموا بنقل قسم من (داعش) إلى الحويجة والموصل وصحراء الأنبار لإعادة الانتشار»، منبهاً الحكومة إلى «القيام بعمليات عسكرية ودهم الخلايا النائمة والمشتبه بهم».
وكانت وتيرة الأصوات المؤيدة لإخراج القوات الأميركية في العراق قد ارتفعت، بالتزامن مع تسليم «قوات سوريا الديمقراطية» مئات «الدواعش» إلى الجانب العراقي، وقيام التنظيم بخطف واغتيال العشرات من المواطنين في صحراء الأنبار من جامعي نبات «الكمأ»، علماً بأن التنظيم أطلق أعداداً من مواطني حديثة، بينما قتل 5 من أبناء مدينة النجف في محاولة لإثارة الفتنة الطائفية.
من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن تحالف الفتح، محمد كريم عليوي، إن «هنالك تحركات مريبة من قبل القوات الأميركية داخل الأراضي العراقية، مع تصريحات غير مسؤولة من بعض القيادات الأميركية، ومن بينها تصريحات الرئيس دونالد ترمب بكشف أسباب وجود قواته داخل العراق»، في إشارة إلى حديث الرئيس الأميركي عن البقاء في العراق لمراقبة إيران. وأضاف عليوي أن «هذا الحراك يقابله تحركات برلمانية لإصدار قانون بإخراج تلك القوات من العراق، وهنالك اتفاق بين (الفتح) و(سائرون) بهذا الشأن».
وأضاف عليوي أن «واشنطن ونتيجة للتحركات البرلمانية والتحشيد الجماهيري لإخراج قواتها، قد بدأت بالتراجع عن مواقفها وتصريحاتها السابقة، وبدأت تتحدث عن استعدادها للانسحاب من العراق بحال طلبت الحكومة العراقية منها ذلك»، لافتاً إلى أن «أميركا متخوفة من البرلمان العراقي، ما جعلها تتراجع عن بعض الأشياء في محاولة لنزع فتيل الأزمة».
وأكد عليوي أن «مجلس النواب قد يعمل على استضافة القيادات الأمنية والقائد العام للقوات المسلحة، في جلسات البرلمان الأولى بالفصل التشريعي المقبل، بغية الاطلاع على عدد القوات الأميركية الموجودة، وأهدافها ومقراتها، وهل هي قوات استشارية أم قتالية».


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.