عقارات جزيرة سردينيا الإيطالية بين المتعة والاستثمار

الفاخرة منها بملايين الدولارات

جانب من جزيرة سردينيا
جانب من جزيرة سردينيا
TT

عقارات جزيرة سردينيا الإيطالية بين المتعة والاستثمار

جانب من جزيرة سردينيا
جانب من جزيرة سردينيا

يعد منتجع كوستا سميرالدا أكثر المناطق روعة وسحرا في جزيرة سردينيا. والمنتجع عبارة عن امتداد للخط الساحلي في أقصى الشمال الشرقي في بورتو كيرفو، والتي قامت شبكة الأغا خان للتنمية بتطويرها في ستينات القرن الماضي من أجل مشاهير العالم. ويجري بيع العقارات الواقعة مباشرة على الشاطئ في جزيرة كوستا سميرالدا مقابل عشرات الملايين من الدولارات، وحسب بعض المقاييس، تعد تلك المنطقة هي الأغلى في سوق العقارات في القارة الأوروبية.
ويقبل المشترون الأجانب والأثرياء الإيطاليون على الاستحواذ على العقارات في المناطق التي تجاور كوستا سميرالدا، وشبه الجزيرة المحاطة بأولبيا في الشرق، وكذلك كاستيلساردو في الغرب. ويقول وكلاء العقارات بأن أسعار العقارات القريبة من مياه البحر، مثل الفيللا التي جرى الحديث عنها أعلاه، تبدأ من نحو 3 ملايين دولار، بينما تبدأ أسعار العقارات البعيدة إلى حد ما عن الشواطئ من مليون دولار.
وتقول ميلاني بوريلي، مؤسِسَة وكالة عقارات (ResRei) في سردينيا، بأنه يزداد الإقبال على المزارع التي تحتوي على مبان جرى تجديدها وصيانتها. وتضيف بوريلي بأن المشترين أيضا يهتمون بالاستحواذ على العقارات الكائنة في الطرف الجنوبي من جزيرة سردينيا، لا سيما حول كالياري، حيث تبدأ أسعار العقارات الفاخرة هناك من 1.25 مليون دولار. أما هواة المغامرة، فيمكنهم الحصول على بعض المنازل التي تستلزم الكثير من الجهد في صيانتها وتجديدها في مقابل نحو 65.000 دولار. وتنتشر تلك العقارات في طول الجزيرة وعرضها.
ويقول وكلاء العقارات بأن السوق الإيطالية اتسمت باستقرار كبير في الأسعار منذ بداية عام 2012. ويعلق روبرت فاوست، مدير قسم المبيعات الإيطالية في مؤسسة نايت فرانك الاستشارية العقارية، على الأسعار بقوله «إذا نظرنا لسوق العقارات على مدار العامين الماضيين، نجد أننا شهدنا انخفاضا معتدلا في الأسعار. انخفضت الأسعار بنحو 10 في المائة منذ أن وصلت لأقصى ارتفاع لها في عام 2007».
ويضيف فاوست «بشكل عام، لقد كانا عامين في غاية الصعوبة، حيث سيطر على جميع المشترين فكرة تخفيض الأسعار بينما كان أصحاب العقارات غير عازمين على القبول بتلك الفكرة. إننا نتطلع إلى عام أفضل حالا، بينما نشهد في الوقت الحالي انتعاشة في سوق العقارات».
وتشير دانييلا تشيبودو، مديرة مكتب انجل وفولكرز في بورتو كيرفو، إلى أن المشترين الأثرياء، الذين يطمحون في الحصول على عقار يقع مباشرة على البحر، لا يلقون بالا لقضية انخفاض الأسعار من عدمها بالنسبة للعقارات الكائنة في قلب كوستا سميرالدا. وتصف تشيبودو سوق كوستا سميرالدا بأنها تشهد حاليا نقطة تحول، حيث إن العقارات بدأت تؤول لأبناء جيل المشترين الأوائل في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وقد بدأ أولئك الأبناء في عرض تلك العقارات للبيع.
ويشير مسح ربع سنوي، أجراه البنك المركزي الإيطالي، إلى بعض أسباب التفاؤل فيما يخص سوق العقارات، حيث يشير القليل من وكلاء العقارات إلى حدوث تراجع في أسعار البيع في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بالمقارنة بشهر يوليو (تموز) وقد زادت نسبة الاستقرار في الأسعار بنحو ثماني نقاط. ويقول وكلاء العقارات بأن الفارق بين أسعار الشراء وأسعار البيع بقي مستقرا عند نحو 16 في المائة، وهو ما يعني أنه ينبغي على المشترين أن يفتحوا باب التفاوض مع أصحاب العقارات.
وتقول جوليا براكو، مديرة مكتب وكالة عقارات ايموبيلزردا في بورتو كيرفو، أن 75 في المائة من المشترين المتعاملين مع وكالتها يأتون من خارج إيطاليا، حيث يأتي الروس في المقدمة بشرائهم للعقارات التي تبدأ من 13 مليون دولار ثم القادمون من شمال وغرب أوروبا الذين يسيطرون على سوق العقارات التي تتراوح بين اثنين وأربعة ملايين دولار.
وتكشف دراسة أجرتها مؤسسة نايت فرانك الاستشارية العقارية أنه غالبية المشترين الذين تعاملوا في السوق الإيطالية يأتون من روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق، ثم إيطاليا وبريطانيا والدول الاسكندينافية، ثم الولايات المتحدة.
ويقول وكلاء العقارات بأن نشاط الإيطاليين خلال الأعوام القليلة الماضية شهد تراجعا كبيرا بسبب الركود الذي أصاب الاقتصاد والوضع السياسي غير المستقر. بيد أن جوليا براكو، مديرة مكتب وكالة عقارات ايموبيلزردا، تقول: إن وكالتها بدأت تلاحظ ازدياد الإقبال من جانب الإيطاليين «الذين يرون الحصول على منزل ثان في سردينيا كخيار استثماري استراتيجي وآمن».
وعن قواعد الشراء يقول وكلاء العقارات أنه لا توجد قيود على المشترين الأجانب. وتجري عمليات البيع والشراء من خلال مكاتب التسجيل العقاري التي تدير خطوات المفاوضات وإنهاء العقود وتضمن توريد الأتعاب والضرائب للسلطات المختصة.
ويقول روبرت فاوست، مدير قسم المبيعات الإيطالية في مؤسسة نايت فرانك الاستشارية العقارية، بأن تكاليف الصفقة بالنسبة للمشترين تبلغ 10 في المائة من سعر الشراء، حيث تبلغ الضرائب 4 - 5 في المائة بينما أتعاب مكتب التسجيل العقاري تبلغ 1 - 2 في المائة. وتبلغ أتعاب وكيل العقارات في إيطاليا نحو 6 في المائة تُقسم بالتساوي بين المشتري والبائع. ويضيف فاوست أن وكالته تنصح المشترين الأجانب أنه ينبغي عليهم التفكير في توكيل محام رغم هذا الأمر ليس ضروريا. وتقدر الضرائب السنوية على العقار بـ3.000 يورو، أو نحو 4.100 دولار
* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»