ماكي سال يدعو السنغاليين للتصويت

الأمم المتحدة طلبت منهم الحفاظ على الهدوء من أجل اقتراع «سلمي وتشاركي»

ملصقات الدعاية الانتخابية للرئيس ماكي سال في شوارع العاصمة داكار قبل يوم من التوجه إلى صناديق الاقتراع (إ.ب.أ)
ملصقات الدعاية الانتخابية للرئيس ماكي سال في شوارع العاصمة داكار قبل يوم من التوجه إلى صناديق الاقتراع (إ.ب.أ)
TT

ماكي سال يدعو السنغاليين للتصويت

ملصقات الدعاية الانتخابية للرئيس ماكي سال في شوارع العاصمة داكار قبل يوم من التوجه إلى صناديق الاقتراع (إ.ب.أ)
ملصقات الدعاية الانتخابية للرئيس ماكي سال في شوارع العاصمة داكار قبل يوم من التوجه إلى صناديق الاقتراع (إ.ب.أ)

قال ماكي سال، الرئيس السنغالي المنتهية ولايته، إنه قطع 6100 كيلومتر ليلتقي بأكبر قدر من السنغاليين. وأضاف سال الذي كان يتحدث مساء الجمعة في آخر خطاب يلقيه قبل التصويت، ودخول البلاد مرحلة «الصمت الانتخابي» (أمس السبت): «في كل مكان مررت منه خلال الحملة الانتخابية، استقبلتموني بكثافة غير مسبوقة». وزاد سال قائلاً: «لم يبقَ أمامكم سوى يوم الأحد لتصوتوا لصالح البطاقة الوحيدة ذات القيمة، إنها البطاقة التي تحمل شعار رأس الخيل، ذلك الخيل الذي سيسبق الجميع». وملأ أنصار سال ملعب «ليبولد سيدار سنغور»، الواقع وسط داكار، الذي تصل سعة مدرجاته إلى 60 ألف متفرج، كما امتلأت أيضاً أرضية الملعب، وبعض الساحات والشوارع المحيطة به، وكان من بين الحضور الفنان السنغالي المعروف يوسو أندور، الذي دعا محبيه إلى إعادة انتخاب سال رئيساً للبلاد. ورفع سال رفقة أنصاره ساعات قبيل الانتخابات شعار الفوز في الدور الأول، وخصص جل خطابه لمخاطبة الشباب والنساء، فيما كان أنصاره يهتفون بأنه هو «مرشح الشباب».
وقال: «حصيلتي معروفة لدى الجميع، لذا لن أتحدث عنها، وإنما سأتحدث عن الوقت الضروري للعمل، الوقت الذي سنخصصه لبناء مستقبل السنغال، ذلك هو شغفي»، قبل أن يضيف: «سأعمل على خلق مليون فرصة عمل، إنه أمر ممكن من خلال برامج تنموية عملاقة، كمشروع القضاء على أحياء الصفيح، ومشروع السنغال الأخضر».
في المقابل، كان منافسو الرئيس الأربعة يجوبون أحياء العاصمة السنغالية ساعات قبيل انتهاء فترة الحملة الانتخابية، على غرار المرشح الشاب عثمان سونغو (44 عاماً) الذي عقد مهرجاناً في ضاحية شعبية، حذر فيه من محاولة تزوير الانتخابات، وقال إنه سيدعو للتظاهر إذا حدث أي تزوير.
وقال سونغو، المعروف بخطابه الحاد ولغته القاسية التي تثير تعاطف الشباب والبسطاء، إن «رغبة الشباب السنغالي في التغيير إذا ترجمت لأصوات، فإن ماكي سال سيغادر الحكم يوم 24 فبراير (شباط) الجاري (اليوم)، لا أحد يمكنه الوقوف في وجه إرادة الشعب»، قبل أن يضيف أن قناعته راسخة بأن «التغيير ممكن»، داعياً أنصاره إلى عدم الاستسلام للتوقعات التي يتحدث عنها البعض، من أن سال هو المرشح الأوفر حظاً.
وخلص سونغو إلى القول: «إذا نجح سال في الانتخابات بطريقة ديمقراطية وشفافة، سأكون أول من يهنئه، ولكن إذا حاول اختطاف إرادة الشعب، سأطلب من الشباب السنغالي الزحف باتجاه القصر وإخراجه من هناك، لأنه من غير المقبول أبداً أن يتم اختطاف إرادة هذا الشعب ومستقبله».
بدوره، اختتم المرشح إدريسا سك (59 عاماً) حملته في منطقة «ريفيسك»، بالقرب من داكار، وقال في مهرجان شعبي كبير إنه واثق من أن السنغاليين سيمنحونه الثقة، موجهاً انتقادات لاذعة لحصيلة حكم الرئيس سال. ويتنافس في هذه الانتخابات أيضاً كل من ماديكي نيانغ (65 عاماً)، وعثمان سونكو (44 عاماً)، وعيسى سال (63 عاماً).
ولم يسبق أن ثارت شكوك كبيرة حول نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي نظمت في السنغال، وكانت دوماً تجري في هدوء، وتقبل المعارضة النتائج التي تسفر عنها، وسط نشاط قوي لوسائل الإعلام وهيئات المجتمع المدني التي تلعب دوراً رقابياً مهماً، بالإضافة إلى بعثات المراقبين الدوليين القادمين من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وفي غضون ذلك، دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب أفريقيا والساحل، محمد بن شمباس، السنغاليين إلى الحفاظ على الهدوء من أجل اقتراع «سلمي وتشاركي».
وقال بن شمباس، في بيان أصدره مساء الجمعة، إن «المرشحين للانتخابات الرئاسية وأنصارهم وجميع الأطراف المتدخلة مدعوون إلى الحفاظ على جو الهدوء، ليتمكن السنغاليون من ممارسة حقهم في التصويت بشكل سلمي وتشاركي».
وأكد البيان أن بن شمباس «يحث المواطنين السنغاليين على استغلال هذه الفرصة من أجل المشاركة في توطيد المؤسسات الديمقراطية بالبلاد»، داعياً «جميع المرشحين إلى حل أي خلاف يتعلق بالمسلسل الانتخابي بالطرق القانونية والمؤسساتية القائمة».
وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب أفريقيا والساحل قد نوه في بيان سابق بالتزام المرشحين الخمسة لرئاسيات السنغال، وأنصارهم، من أجل انتخابات تشاركية وسلمية. وقال بن شمباس الذي زار مكاتب الحملات الانتخابية للمرشحين الخمسة إن «انتخابات 2019 تشكل محطة كبرى لتوطيد الديمقراطية التي ظلت تتسم بالتسامح والسلام. وأشجع السنغاليين على الحفاظ على روح التسامح حتى تكون السنغال هي الرابحة».
بدورها، قالت فيلينا فالانسيانو، رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي، إنها زارت كثيراً من مكاتب التصويت في العاصمة داكار وخارجها، والتقت بالمسؤولين السنغاليين والمشرفين على مكاتب التصويت ومكاتب توزيع بطاقات الناخب، من أجل الاطلاع على الاستعدادات ليوم الاقتراع، وأكدت في تصريح صحافي أمس (السبت) أن «الوضع طبيعي، وكل الاحتياطات تم اتخاذها، على الأقل في المكاتب التي زرتها»، كما عقدت فالانسيانو رفقة مساعديها، أمس، اجتماعاً تشاورياً مع بقية بعثات مراقبي الانتخابات التي أرسلها الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وتميز يوم «الصمت الانتخابي» في العاصمة داكار بالهدوء، ولاحظت «الشرق الأوسط» أنه عند البوابة الرئيسية لجامعة الشيخ أنتا ديوب توقفت عشرات الحافلات الكبيرة، في انتظار مئات الطلاب الراغبين في السفر إلى مختلف مدن وقرى البلاد من أجل الإدلاء بأصواتهم هناك، ذلك أن الأحزاب السياسية لا تريد التفريط في أي صوت، لذا تكرر المشهد نفسه في كثير من مناطق العاصمة السنغالية.
ورغم الدعوات التي أطلقها الرئيس السابق عبد الله واد (93 عاماً)، والتي يطالب فيها السنغاليين بمقاطعة الاقتراع، فإن هناك رغبة لدى الغالبية من السنغاليين في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، فيما تشير التوقعات إلى أن نسبة المشاركة قد تكون مرتفعة، وقد تتجاوز نسبة الانتخابات الرئيسة لعام 2012 التي بلغت 55 في المائة.



بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.