الليبيون يعلّقون آمالاً كبيرة على القمة لحل أزمات بلادهم

يعلق كثير من الليبيين آمالاً كبيرة على القمة العربية - الأوروبية في وضع حلول جذرية لعدد من الملفات التي ترهق البلاد، وفي مقدمتها ملف الإرهاب والأمن، والجريمة المنظمة. لكن تظل إشكالية الهجرة غير المشروعة، وما يترتب عنها من اختراق للحدود من أكثر ما يؤرق السلطات الحاكمة في البلاد، فيما يرى الليبيون أن دولاً أوروبية تكتفي بتوجيه اللوم لبلادهم، دون تقديم حلول حقيقية للأزمة التي تعصف بليبيا منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.
ورغم أن الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية للاتحاد (فرونتكس) أكدت تراجع أعداد المهاجرين غير النظاميين العام الماضي عبر مسار وسط البحر المتوسط باتجاه إيطاليا، بنسبة 80 في المائة، مقارنة بسنة 2017، فإن سلطات طرابلس والأجهزة المعنية بالهجرة غير المشروعة في ليبيا ما تزال تشتكي من تدفق مئات المهاجرين من جنسيات أفريقية وآسيوية إلى ليبيا، عبر عمليات التهريب عبر الحدود.
وفي هذا السياق، قال العميد أيوب قاسم، المتحدث باسم القوات البحرية الليبية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مساهمات الدول الأوروبية في التصدي لأزمة المهاجرين غير الشرعيين لا تزال محدودة، في مقابل الجهود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة المحلية في مواجهة الخروقات الأمنية».
وأضاف قاسم أن «ليبيا تحملت فوق طاقتها خلال السنوات الماضية، ولا تزال تتحمل كثيرا، خاصة مع استمرار تدفق المهاجرين الأفارقة في ظل صعوبات المعيشة في بلدانهم»، مشددا على أنه «كان يتحتم على الدول الأوروبية المتضررة من الهجرة توجيه جهودها لتنمية الدول الأفريقية الفقيرة ومساعدتها، بدلاً من ترك بلادنا تتحمل تبعات هذه القضية بمفردها».
وأفادت تقارير إعلامية بأن جدول أعمال القمة سيتطرق إلى مناقشة مجمل الأوضاع في ليبيا، وفي مقدمتها ملف الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي. وقالت فيدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنجري مناقشات صريحة ومفتوحة لكن ليس فقط حول الهجرة»، مشيرة في المقابل إلى «التعاون الاقتصادي في حوض المتوسط».
لكن مسؤولاً في الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه، قال إن «بعض الدول الأوروبية لا تريد التطرق إلى الهجرة».
، مضيفا: «إذا كانت هناك مقاربة سلبية للغاية (من جانب أوروبا)، فقد يؤدي هذا إلى تجميد كل النقاشات الأخرى»، في إشارة إلى النمو الاقتصادي والتجارة.
وتؤكد تقارير أن عدد المهاجرين المنطلقين من شواطئ ليبيا انخفض العام الماضي بنسبة 87 في المائة، مقارنة بعام 2017، بينما تراجعت أعداد القادمين من الجزائر بمقدار النصف تقريبا، في حين ظل حجم المغادرة من تونس دون تغيير تقريبا. وقد بلغ أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى الاتحاد الأوروبي عبر هذا المسار أكثر من 23 ألف مهاجر.
في السياق ذاته، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن 3536 مهاجراً قاصراً غير مصحوبين بذويهم، وصلوا إلى إيطاليا عام 2018 عن طريق البحر. وأضاف تقرير للمنظمة الأممية، أمس، أن «عدد المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم في إيطاليا يبلغ 10787، مقارنة بـ18 ألف قاصر سجلوا حتى نهاية عام 2017»، مبينا أن «ذلك يرجع إلى انخفاض عدد الوافدين، وبلوغ سن الرشد لكثير من الأطفال والمراهقين، الذين رسوا على سواحل البلاد خلال العامين الماضيين».
وبينما قال سياسي ليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض الدول الأوروبية «تستشعر خطراً من العملية العسكرية القائمة في الجنوب، وتأثير ذلك على التوافق في البلاد، ومن ثم الإضرار بتدفقات النفط»، نقلت صحيفة «المتوسط» الليبية عن موغيريني قولاً مشابهاً، حيث قالت إن «القمة التي سيحضرها رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ستناقش ملف الهجرة، وسط مخاوف من أن تؤدي أي فوضى عسكرية وأمنية في البلاد إلى رجوع ملف الهجرة إلى نقطة الصفر».