{الإدارة} الكردية ترحب بقرار واشنطن إبقاء 200 جندي

البيت الأبيض أعلن الاحتفاظ بـ«قوات سلام» شرق سوريا

عربات تابعة لحلفاء أميركا خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
عربات تابعة لحلفاء أميركا خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

{الإدارة} الكردية ترحب بقرار واشنطن إبقاء 200 جندي

عربات تابعة لحلفاء أميركا خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
عربات تابعة لحلفاء أميركا خلال المعارك ضد «داعش» شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)

رحبت الإدارة التي يقودها الأكراد والتي تدير مساحة كبيرة من شمال سوريا بقرار الولايات المتحدة إبقاء 200 جندي أميركي في سوريا بعد سحب القوات، قائلة إن ذلك سيحمي منطقتهم وقد يشجع دولا أوروبية على أن تبقي قواتها أيضا.
وقال عبد الكريم عمر أحد مسؤولي العلاقات الخارجية في المنطقة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة لـ«رويترز» أمس: «نقيم قرار البيت الأبيض بالاحتفاظ بمائتي جندي لحفظ السلام في المنطقة... إيجابيا».
وأعلن البيت الأبيض أمس الخميس عن خطط لإبقاء «قوة حفظ سلام صغيرة» في سوريا ليغير جزئيا قرار الرئيس دونالد ترمب سحب كل الجنود وعددهم 2000.
وقوبل قرار ترمب المفاجئ سحب القوات بمعارضة من مساعدين كبار بينهم وزير الدفاع السابق جيم ماتيس الذي استقال ردا على القرار.
كما أثار القرار صدمة بين الحلفاء، وبينهم قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والتي حاربت «داعش» لسنوات بدعم أميركي.
وقال عمر «ويمكن هذا القرار يشجع الدول الأوروبية الأخرى وخاصة شركاءنا في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، أيضا (على) الاحتفاظ بقوات في المنطقة».
وأضاف «أعتقد بقاء عدد من الجنود الأميركيين وعدد أكبر من قوات التحالف وبحماية جوية، سيلعب دورا في تثبيت الاستقرار وبحماية المنطقة أيضا».
وقوات سوريا الديمقراطية تحت قيادة وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا عدوا. وكان مسؤولون أكراد يخشون من أن الانسحاب الأميركي الكامل سيخلق فراغا أمنيا ويسمح لتركيا بشن هجوم تتوعدهم به منذ فترة طويلة.
وأجرى الأكراد، الذين يريدون حكما ذاتيا في سوريا، اتصالات مع حكومة الرئيس بشار الأسد طلبا لضمانات أمنية مع انسحاب واشنطن.
وقال عمر «أعتقد أن بقاء هذه القوات في هذه المنطقة، ريثما تحل أزمة البلد سيكون حافزا وداعما ووسيلة ضغط أيضا على دمشق لكي تحاول جديا في أن يكون هناك حوار لحل الأزمة السورية».
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز «ستبقى في سوريا لفترة زمنية مجموعة صغيرة لحفظ السلام قوامها نحو مائتي جندي».
ويأتي هذا الإعلان وسط انتقادات حادة لقرار ترمب سحب نحو ألفي جندي أميركي من سوريا بحلول 30 أبريل (نيسان)، حتى من أعضاء في حزبه الجمهوري يرفضون بشدة هذه الخطوة.
وفي ديسمبر (كانون الأول)، أعلن ترمب النصر على تنظيم داعش في سوريا رغم أن الآلاف من مقاتلي التنظيم الجهادي لا يزالون يدافعون عن آخر معاقلهم.
ويتخوف معارضو هذا الانسحاب من عدد من النتائج المحتملة، منها شن تركيا لهجوم على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، وإمكانية عودة تنظيم داعش من جديد.
ولم تذكر ساندرز أي تفاصيل إضافية، لكن وصف القوة بأنها «لحفظ السلام» في سوريا يمكن أن يحفز حلفاء أوروبيين على إرسال قوات إلى هناك لمهمة من هذا النوع.
وزار وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان أوروبا الأسبوع الماضي في محاولة لإقناع دول حليفة للولايات المتحدة بالإبقاء على قوات لها في سوريا بعد انسحاب الولايات المتحدة، لكنه واجه صعوبة في إقناع هذه الدول بالسبب الذي قد يدفعها للمخاطرة بجنودها بعد انسحاب القوات الأميركية.
وقال البيت الأبيض إن ترمب تحدث الخميس إلى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، موضحا أنهما ناقشا الموضوع السوري. وقال البيان إن «الرئيسين اتفقا على متابعة التنسيق حول إنشاء منطقة أمنية محتملة».
وكان «داعش» أعلن في 2014 السيطرة على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، لكنه مني بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين.
حاليا، تسعى قوات سوريا الديمقراطية التحالف العربي الكردي المدعوم من واشنطن، لإجلاء عدد كبير من المدنيين المحاصرين في آخر بقعة يسيطر عليها التنظيم في شرق سوريا، تمهيداً لحسم معركتها ضد الجهاديين وإعلان انتهاء «خلافة» أثارت الرعب طيلة سنوات.
ولا يزال التنظيم ينتشر في مناطق صغيرة في البادية السورية، وتنفذ «خلايا نائمة» تابعة له هجمات دامية في المناطق التي تم طرده منها.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص، وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية، وتسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.