جنرالات السياسة... وسياسة الجنرالات

جنرالات السياسة... وسياسة الجنرالات
TT

جنرالات السياسة... وسياسة الجنرالات

جنرالات السياسة... وسياسة الجنرالات

جاء بيني غانتس إلى السياسة، بعدما أمضى فترة الحظر البالغة ثلاث سنوات (القانون الإسرائيلي يمنع قادة الجيش وأجهزة الأمن الأخرى من دخول الحلبة السياسية قبل مرور 3 سنوات على تركهم الخدمة)، ولقد أمضاها في حقل رجال الأعمال. إلا أنه كان فاشلاً تماماً في مجال الأعمال؛ إذ إن الشركة التي ترأسها أفلست وكلف إفلاسها أصحابها خسائر تقدر بأكثر من 10 ملايين دولار.
لكن، إبان هذه الفترة، شارك غانتس مع جنرالات آخرين متقاعدين من الجيش وأذرع الاستخبارات المختلفة (الشاباك والموساد وأمان) والشرطة، في الأبحاث حول أوضاع إسرائيل تحت حكم بنيامين نتنياهو الطويل. وجمع هؤلاء الجنرالات شعور مشترك ومخاوف مشتركة بأن الرجل يقود إسرائيل إلى أضرار استراتيجية. وكما رأوا، بالإضافة إلى تورّط نتنياهو في ثلاثة ملفات فساد، فإنه يقود إسرائيل إلى جمود سياسي يضيع عليها فرصة تاريخية لصنع سلام مع العالم العربي ويدير سياسة (show) مظهرية خالية من المضمون، ويقيم علاقات تحالف مع التيار اليميني المتطرف المتنامي في العالم، وهذا قلق جدّي يساور جنرالات كثيرين في الولايات المتحدة وأوروبا. ويقلقهم، أيضاً، التراجع في القيم الديمقراطية وفرض قوانين جديدة، عنصرية وغير ليبرالية وغير ديمقراطية. ومن أبرز هؤلاء الجنرالات غابي أشكنازي، وعاموس يدلين، ويائير غولان، وغيرهم.
بعض هؤلاء خرجوا بمواقفهم علانية، مثل غولان، الذي اعتبر إسرائيل «بلا قائد»، داعياً الإسرائيليين إلى البحث عن قائد بقامة ونستون تشرتشل أو موشيه يعلون، الذي اتهم نتنياهو بالشراكة في صفقة الفساد المرتبطة بشراء سفن حربية من ألمانيا. ومع أن غانتس لم يتفوّه بتصريحات كهذه، بل حافظ على الصمت شهوراً طويلة، فإن حضوره كان قوياً.
ولقد أجمع الجنرالات على أن لا أمل في أن يتغيّر نتنياهو، بعكس رؤساء حكومات سابقين كانوا يستفيدون من الفرص ويواجهون الشعب بمواقف جريئة جارفة... مثل ديفيد بن غوريون، أول رئيس حكومة، الذي قبل بقرار التقسيم رغم أنه رآه «مجحفاً لليهود»، أو مناحيم بيغن الذي انسحب من سيناء حتى آخر شبر، أو إسحق رابين الذي قاد إسرائيل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، أو أريئيل شارون الذي انسحب من قطاع غزة وهدم مستوطناته، أو إيهود أولمرت الذي عرض على الرئيس الفلسطيني محمود عباس صيغة يوافق من خلالها على منح الفلسطينيين أراضي شاسعة من أراضي 48؛ تعويضاً لهم عن أراضي المستوطنات التي ستضم لإسرائيل ضمن الاتفاق النهائي للتسوية.

- من أقوال «الجنرال» الطموح
بالنسبة لغانتس، آخر نسخة من «الجنرالات» الذين تحولوا من السلك العسكري إلى السياسة، فإنه كان عبّر عن تصوراته في غير مناسبة خلال السنوات الأخيرة. وفيما يلي بعض فيما رؤيته، وعلى لسانه:
> عن الجمود في عملية السلام مع الفلسطينيين، عام 2015، أي قبل أن يطرح اسمه في التنافس الانتخابي: «كل الوقت الذي لا نتقدم فيه بالعملية السلمية، سنحصد تدهوراً في الأوضاع الأمنية».
> «إيران سبب مشكلات المنطقة. إذا لم تعدّل سياستها ستقود إلى كوارث لشعبها ولكل شعوب المنطقة».
> «الحروب شيء سيئ. يجب أن نلجأ إليها فقط وقت الضرورة».
> «إسرائيل قوية جداً. وتحتاج إلى حكومة قوية. لكن الحكومة القوية هي التي تحكم لكي توحّد ولا تفرّق لكي تحكم».
> «الحكومة القوية تحرص على الأمن لكي تهدئ الخواطر، وليس لكي تؤجج المخاوف من أجل تقوية نفسها».
> «مجرد التفكير بأن إسرائيل يمكن أن تقبل بأن يحكمها رئيس حكومة مقدمة ضده لائحة اتهام هو أمر مفزع. مثل هذا الأمر لا يجوز إطلاقاً».
> «صرنا دولة (هاي تك) عظمى، لكن مع حكومة (لو تك) مشغولة بنفسها. نحن سنقيم حكومة تنظر إلى الأمام وترسم خريطة لإسرائيل 2048».
> «قانون القومية اليهودية ضروري، لكن يجب تعديله لكي يتضمن المساواة لجميع المواطنين».



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»