مصادر بالأوقاف لـ «الشرق الأوسط»: الوزارة سيطرت على منابر جمعيات الإسلاميين

أنصار «الإخوان» يتوعدون شيوخ الدعوة السلفية.. وإلغاء ندوة «برهامي» في السويس

مصادر بالأوقاف لـ «الشرق الأوسط»: الوزارة سيطرت على منابر جمعيات الإسلاميين
TT

مصادر بالأوقاف لـ «الشرق الأوسط»: الوزارة سيطرت على منابر جمعيات الإسلاميين

مصادر بالأوقاف لـ «الشرق الأوسط»: الوزارة سيطرت على منابر جمعيات الإسلاميين

خاضت وزارة الأوقاف في مصر معركة جديدة أمس، لبسط سيطرتها الدعوية على منابر مساجد جمعيات الإسلاميين التي تقررت مصادرة أرصدتها في البنوك لعلاقاتها بجماعة الإخوان المسلمين، والتي أصبحت أرضا خصبة لدعاة التطرف والتحريض منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن السلطة في يوليو (تموز) من العام المنصرم. وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الأوقاف، إن «الوزارة قامت أمس ببسط سيطرتها على المساجد التابعة للجمعيات المجمدة أرصدتها من قبل الحكومة». وأضافت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» أنه «اعتلى منابر مساجد أنصار السنة والجمعية الشرعية لأول مرة خطباء أزهريون حدثوا الجماهير بلسان واحد عن حرمة أكل مال الدولة بالامتناع عن دفع فواتير الكهرباء».

في حين توعد أنصار جماعة الإخوان شيوخ الدعوة السلفية أمس، وقال قيادي مسؤول في الدعوة السلفية إنه بعد رصد تهديدات وتحريض عنيف من شباب الإخوان ضد ندوة نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي، ضمن حملة «نعم للدستور» التي يقوم بها حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية في محافظات مصر، تم إلغاء الندوة «حفاظا على سلامة المواطنين وخوفا من إراقة دماء جديدة».

وأدى عدد كبير من علماء الأزهر والأوقاف خطب الجمعة أمس بالمساجد الكبرى التابعة للإسلاميين المجمدة أموالهم، في محاولة للسيطرة على المنابر، وبث خطب الدفع بالوطن إلى الأمام بأسلوب وسطي بعيدا عن اللغو والتشدد.

وجمد البنك المركزي المصري أموال عدد من الجمعيات الأهلية المرتبطة بجماعة الإخوان تنفيذا للحكم الصادر بحظر نشاطها ومصادرة ممتلكاتها، وخضع للقرار 1055 جمعية أهلية تابعة لجماعة الإخوان، وجماعة أنصار السنة المحمدية. وأخطر البنك المركزي جميع المصارف التي يبلغ عددها أربعين مصرفا بالتحفظ على أموال تلك الجمعيات.

وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الأوقاف لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزير الدكتور محمد مختار جمعة أوفد أئمة الوزارة وخطباءها للمساجد التابعة لهذه الجمعيات، مثل المقر الرئيس للجمعية الشرعية بشارع رمسيس، والمقر الرئيس لجماعة أنصار السنة بحي عابدين»، لافتة إلى أن الوزارة حددت موضوع الجمعة وهو «الحث على الكسب الحلال والتحذير من أكل أموال الناس بالباطل وحماية المال العام في الإسلام».

وشهدت وزارة الأوقاف عملا هو الأول من نوعه لتطبيق قرار الحكومة بالتحفظ على أموال جمعيات الإسلاميين، حيث صعد منبر مسجد الجلاء المقر الرئيس للجمعية الشرعية بشارع رمسيس، الدكتور محمد أبو زيد الأمير الأستاذ بجامعة الأزهر. كما صعد منبر مسجد التوحيد المقر الرئيس لجماعة أنصار السنة بحي عابدين (بوسط القاهرة)، خطيب من وزارة الأوقاف وهو الشيخ صفوت نظير المرسي. وخطب الشيخ جابر طايع وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة، في مسجد دعوة الحق المقر الرئيس للجمعية الشرعية بالدقي.

من جانبه، قال وزير الأوقاف إن «رجال الأزهر والأوقاف جاهزون لسد أي فراغ دعوي وأداء رسالتهم وفق سماحة الإسلام وسعة أفقها».

وتأتي هذه الإجراءات ضمن حملة الوزارة على مساجد جمعيات الإسلاميين التي تقرر مصادرة أرصدتها في البنوك لعلاقاتها بجماعة الإخوان، لمنع تسخير المنابر للترويج لمواقف سياسية، ولمواجهة حالة انفلات دعوي عمت المساجد في مصر، وبغرض إبعاد المساجد عن الصراعات السياسية بين الأحزاب والتيارات المختلفة.

وأوضح وزير الأوقاف أن «دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية والاجتماعية في تخفيف الأعباء عن الفقراء والكادحين في غاية الأهمية»، محذرا من توظيفها حزبيا أو طائفيا أو مذهبيا بما يشق صف المجتمع، ويحدث شرخا في بنيانه.

وطالب وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، في بيان له، أمس، بمراقبة جادة لأموال جميع الجمعيات سواء في تحصيلها أو في إنفاقها، بحيث تقوم الجهات الرقابية بدورها في تفعيل القانون بعدم جمع أي أموال دون تصريح، ودون أن يكون ذلك مقابل إيصال رسمي، ومن خلال جهة أو جمعية مشهرة ومعتمدة وتحت المراقبة، وأن تكون جميع وجوه الإنفاق كذلك وفق آليات قانونية واضحة. وحذر الوزير جمعة من وجود أجنحة دعوية خاصة لجمعيات أخرى لا تقدم أعمالا اجتماعية ملموسة، إنما تعمل فقط في مجال الدعوة أو الثقافة، وفي الغالب الأعم أنشئت لأغراض حزبية أو سياسية أو مذهبية أو شخصية، بل إن بعضها قد يستخدم في الإضرار بالمصالح العليا للوطن، والعمل على هدم بنيانه، وإشاعة الفرقة بين أبنائه.

وأشار وزير الأوقاف إلى استعداد الوزارة، في إطار دورها، لتخصيص جزء من برنامجها الدعوي في الخطب والدروس والندوات والقوافل والإصدارات والنشرات الدعوية والفقهية والعلمية لتلك الجمعيات، لعدم تشتيت الخطاب الدعوي.

في سياق آخر، قال قيادي مسؤول في الدعوة السلفية، إنه «بعد رصد تهديدات وتحريض عنيف من شباب جماعة الإخوان على (فيس بوك)، ضد ندوة ياسر برهامي بأحد المساجد الكبرى بالسويس، تم إلغاء الندوة حفاظا على سلامة المواطنين وخوفا من إراقة دماء جديدة»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «إلغاء الندوة هو دافع من ديننا ومنهجنا في حقن الدماء بغير حق ورفض الحشد والحشد المضاد، وتم الإلغاء بعد تأكيدات من حدوث أعمال عنف وصدام واشتباكات».

وقام عدد من الصفحات التابعة لجماعة الإخوان على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» بدعوة أنصارها للاعتداء على القيادي السلفي ياسر برهامي. ويذكر أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يعتدي فيها أنصار الإخوان على برهامي، حيث سبق أن تظاهروا أمام منزله، فيما قاموا بالتظاهر في مؤتمرات الحزب، الخاصة بالدستور الجديد، متهمين برهامي وحزب النور بالخيانة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.