الصراع بين «الاستقلال» المغربي وابن كيران ينتقل إلى «المحاكم»

الحزب المعارض يتهم رئيس الحكومة بالانقلاب على الدستور

وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو
وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو
TT

الصراع بين «الاستقلال» المغربي وابن كيران ينتقل إلى «المحاكم»

وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو
وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو

دخلت الحرب المحمومة بين رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران وحليف الأمس حزب الاستقلال، منعطفا جديدا من التوتر، ذلك أن الصراع بينهما انتقل من قبة البرلمان إلى ردهات المحاكم بعد أن قررت قيادة حزب الاستقلال عقب اجتماع اللجنة التنفيذية للحزب، الذي التأم مساء أول من أمس في الرباط، وهو ما عد سابقة هي الأولى من نوعها، ورفع «الاستقلال» دعويين قضائيتين ضد رئيس الحكومة بتهمة القذف، الأولى باسم الحزب والثانية باسم وزيرة الصحة السابقة ياسمينة بادو، والتي كانت هدفا مباشرا لهجوم رئيس الحكومة في البرلمان.

وقال النائب عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم الحزب، إن لجوء حزبه للقضاء «كان ضروريا لرد الاعتبار»، عادا أن «أي سكوت عن اتهامات رئيس الحكومة سيؤكد تورط قادة حزب الاستقلال في جريمة تهريب الأموال للخارج».

وذكر بنحمزة أنه أمام تأخر تحريك المتابعة التلقائية من طرف النيابة العامة التي يشرف عليها مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، القيادي في حزب العدالة والتنمية، عقب الاتهامات التي أدلى بها رئيس الحكومة في البرلمان، نظرا لما تمثله من تستر على الجريمة الأصلية، وهي جريمة تهريب الأموال إلى الخارج، فقد التجأ الحزب لاتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة.

في غضون ذلك، قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال مر في ظروف غضب عارم بسبب اتهامات رئيس الحكومة لقادة الحزب خلال الجلسة الشهرية أمام مجلس النواب، وأضافت المصادر أنه جرى تسجيل إجماع تام من طرف كل أعضاء اللجنة التنفيذية على ضرورة مواجهة الاتهامات التي أطلقها ابن كيران في حق الحزب وقادته.

وانتقدت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال خلط رئيس الحكومة بين رئاسته للسلطة التنفيذية، وارتداء حلة المدعي العام التي تبقى حصرا بيد السلطة القضائية.

في سياق ذلك، طالبت اللجنة التنفيذية للحزب من برلمانييها في الغرفة الأولى والثانية بالتقدم بمبادرة لتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول ما بات يعرف بـ«صفقة اللقاحات»، والتي تتهم فيها ياسمينة بادو وزيرة الصحة السابقة وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بالاستفادة من جزء من أموالها لشراء شقق في باريس.

وأدان بيان للجنة التنفيذية للحزب صدر أمس (الجمعة) السلوك الصادر عن رئيس الحكومة، عادا أن ابن كيران «حول جلسة دستورية لمراقبة العمل الحكومي وتنفيذ السياسات العمومية إلى مهرجان خطابي حزبي لتصفية الحسابات السياسية بشكل يعد تحريفا للمقتضيات الدستورية، ويمس في العمق الممارسات الديمقراطية النموذجية بما يهدد كل التراكمات التي حققتها بلادنا على مستوى الإصلاح السياسي والديمقراطي».

وحذر البيان من «تجاوز رئيس الحكومة لاختصاصاته الدستورية، وتراميه على اختصاصات السلطة القضائية التي تملك وحدها سلطة الاتهام»، عادا ذلك «مسا بمبدأ دستوري ثابت هو فصل السلط».

واتهم البيان ابن كيران بالانقلاب على الدستور من خلال الكشف عن «العقلية الشمولية لرئيس الحكومة والهيئة السياسية التي يقودها»، في إشارة لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية.

وأكد البيان أن الحزب «سيظل مصرا على المطالبة بكشف كل ملفات الفساد، وكل اللوائح التي تضم المفسدين في كل القطاعات، ويرفض بصورة مطلقة أن تتحول أو أن تظل محاربة الفساد مجرد شعار للتكسب الانتخابي».

واتهمت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال رئيس الحكومة بـ«احتضان الفساد والتستر عليه من خلال إصراره على رفض نشر لوائح مهربي الأموال إلى خارج البلاد».

في غضون ذلك، سيعقد حزب الاستقلال اليوم (السبت) مؤتمرا صحافيا لإطلاع الرأي العام على حيثيات قرار الحزب بمقاضاة رئيس الحكومة، كما سيعلن الحزب، وفق مصادر مطلعة، الخطوات التي سيقدم عليها في مواجهته القضائية مع رئيس الحكومة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.