مع اقتراب يوم 29 مارس (آذار)، وهو الموعد المحدد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تعيش بريطانيا أعمق أزمة سياسية منذ نصف قرن، وتعمل لإيجاد صيغة للانسحاب من التكتل الأوروبي الذي انضمت إليه عام 1973. الأزمة عكست نفسها على معظم أحزاب المؤسسة، وبدأت الشروخ تظهر في تكويناتها الحزبية، واستقال لحد الآن 11 عضوا من البرلمان، ثمانية من حزب العمال المعارض وثلاثة من حزب المحافظين الحاكم الذي تتزعمه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
وتحاول ماي إعادة التفاوض مع المفوضية الأوروبية حول صيغة جديدة من الاتفاق، منذ رفضه من قبل مجلس النواب البريطانيين في يناير (كانون الثاني). وترغب في الحصول على «تغييرات ملزمة» لـ«شبكة الأمان» التي يفترض أن تبقي الحدود في آيرلندا مفتوحة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويرفض الاتحاد الأوروبي إعادة التفاوض حول النص، لكنه يؤكد أنه منفتح على مفاوضات حول الإعلان السياسي المرفق به وهو نص يتضمن الخطوط العريضة للعلاقات مع لندن بعد الخروج ن التكتل.
وصرح وزير المال البريطاني فيليب هاموند أمس الخميس أن المفاوضات حول بريكست بين لندن والاتحاد الأوروبي سجلت «تقدما» يمكن أن يفضي إلى اختراق «في الأيام المقبلة». وقال هاموند لهيئة البث البريطاني (بي بي سي) «نحقق تقدما في المحادثات من أجل الحصول على ضمانة (...) للطابع المؤقت لشبكة الأمان» أو «ترتيبات بديلة».
وقال هاموند إنه من الممكن أن يعرض على النواب اتفاقا معدلا الأسبوع المقبل. وأضاف «لكن ذلك مرتبط بالتقدم الذي سيتحقق في الأيام المقبلة». وكانت ماي تحدثت الأربعاء عن «تقدّم» في مباحثاتها مع بروكسل، لكنّ اجتماعها برئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر لم ينجح في إبعاد شبح خروج كارثي بدون اتفاق للمملكة المتحدة من الاتّحاد الأوروبي بعد ستة أسابيع.
وقال يونكر أمس الخميس بعد يوم من اجتماعه بماي إنه «ليس متفائلا للغاية» بشأن فرص مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي باتفاق، مُحذرا في الوقت نفسه من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق على خروج مُنظم سيكون مكلفا اقتصاديا.
وفي بيانهما المشترك، قالت ماي ويونكر إن المحادثات كانت «بناءة» وإن فريقيهما سيواصلان العمل «لاستكشاف الفرص بروح إيجابية». ويعتزم الاثنان الاجتماع مجددا قبل نهاية فبراير (شباط). ويقول دبلوماسيون بالاتحاد الأوروبي إن أمام ماي أقل من شهر
لحل المشكلة، معتبرين أن التوصل إلى تسوية يجب أن يتم قبل أسبوع أو نحو ذلك من قمة تعقد يومي 21 و22 مارس قد تصدق على اتفاق.
ورفض الاتحاد الأوروبي إدخال تغييرات على الاتفاقية أو إضافة نص جديد يغضب آيرلندا عبر تحديد إطار زمني للترتيب الخاص بها أو إعطاء لندن الحق بأن تنسحب من جانب واحد من ترتيب يلزم بريطانيا باتباع قواعد الاتحاد التجارية والصناعية لحين الوصول إلى ما هو أفضل ربما باستخدام التكنولوجيا حتى تظل الحدود مفتوحة بينما يصبح بإمكان لندن الحياد عن معايير الاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤولون إنه جرى بحث نصوص متنوعة عن طبيعة العلاقة التجارية المستقبلية بعد فترة انتقالية لكن زعماء الاتحاد الأوروبي، الذين يلتقي كثير منهم مع ماي خلال قمة بين الاتحاد والجامعة العربية في مصر مطلع الأسبوع المقبل، يريدون ضمانات بأنها تستطيع الحصول على تصديق البرلمان على أي اتفاق جديد قبل أن يقدموا أي تنازلات.
وبعد زيارة ماي الأربعاء يزور زعيم المعارضة العمالية البريطانية جيريمي كوربن بدوره بروكسل حيث سيجتمع بكبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه. كما أعلن أن وزير الدولة البريطاني المكلف بريكست ستيفان باركلي والنائب العام النافذ جيفري كوكس المكلف تقديم الاستشارة القانونية للحكومة البريطانية يزوران بروكسل حاليا.
وعقب مناقشات استمرت ساعة مع يونكر للمرة الثانية خلال أسبوعين قالت ماي لقناة تلفزيونية بريطانية إنها دعت مجددا إلى إجراء «تغييرات ملزمة قانونا» على اتفاق توصلت إليه مع الاتحاد في نوفمبر (تشرين الثاني) لتفادي أن تؤدي السياسة المتعلقة بالترتيب الخاص بحدود آيرلندا إلى إلزام بريطانيا بالإبقاء على قواعد الاتحاد لأجل غير مسمى.
ورفض البرلمان البريطاني الشهر الماضي هذا الجزء من الاتفاق الذي يهدف لتجنب تفجر اضطرابات جديدة في آيرلندا الشمالية. وقالت ماي «سلطت الضوء على حاجتنا إلى أن نشهد تغييرات ملزمة قانونا على الترتيب الخاص بآيرلندا بما يضمن ألا يستمر الوضع إلى أجل غير مسمى. هذا هو المطلوب حتى يقر مجلس العموم اتفاقا... الزمن جوهر العقد»، مشددة على أهمية التحرك في إطار زمني محدد.
قال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي الأربعاء «إذا أخفقت بريطانيا في تجهيز خيار معقول في الوقت المناسب، فإن من الممكن دوما تمديد هذه المفاوضات. سيكون هذا أفضل من خروج دون اتفاق».
وذكرت صحيفة (الصن) البريطانية الشعبية أن بعض الوزراء في الحكومة حذروا رئيسة الوزراء تيريزا من أنه يتعين عليها الموافقة على تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق أو مواجهة تمرد في البرلمان الأسبوع المقبل. وقالت الصحيفة إن وزيرة العمل والمعاشات آمبر راد ووزير العدل ديفيد جوك ووزير العمل جريج كلارك ووزير شؤون اسكوتلندا ديفيد مانديل قالوا إنها يتعين أن تستبعد ماي الخروج بدون اتفاق عن طريق تمديد المادة 50. وقال الوزراء إنه إذا رفضت ماي ذلك فسوف يدعمون ومعهم 20 من أعضاء الحكومة خطة إيفيت كوبر عضو مجلس النواب من حزب العمال كي يتولى البرلمان مسؤولية عملية الخروج.
تيريزا ماي ووزير الخزانة متفائلان بإحراز تقدم في مفاوضات بريكست
وزراء في حكومتها يهددون بدعم نقل مسؤولية المفاوضات لتجنب الخروج دون اتفاق
تيريزا ماي ووزير الخزانة متفائلان بإحراز تقدم في مفاوضات بريكست
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة