مادورو يعلن «إغلاقاً كاملاً» للحدود البرية مع البرازيل

أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أمس، الإغلاق الكامل للحدود البرية مع البرازيل قبل يومين على الموعد الذي حدده المعارض خوان غوايدو لإدخال المساعدات الإنسانية إلى البلاد.
وقال مادورو، خلال اجتماع مع القيادة العسكرية العليا: «قررت أنه اعتباراً من الساعة الثامنة بتوقيت غرينتش، ستبقى الحدود البرية مع البرازيل مغلقة كلياً حتى إشعار آخر».
ويأتي ذلك بعدما غادر المعارض الفنزويلي خوان غوايدو الذي نصّب نفسه رئيساً بالوكالة، كراكاس أمس متوجهاً إلى الحدود الكولومبية ليحاول شخصياً إدخال مساعدات إنسانية أميركية يرفضها مادورو. وقال متحدث باسمه لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنه في طريقه» إلى الحدود الكولومبية، مؤكداً أن غوايدو غادر كراكاس ليقطع مسافة 900 كيلومتر تفصل بين العاصمة والحدود. وأفاد مراسلو الوكالة الفرنسية أن قافلة من نحو 10 آليات غادرت كراكاس من دون التمكن من القول ما إذا كان غوايدو فيها أو أنه غادر في موكب آخر.
وتشكل خطوة غوايدو تحدياً يمكن أن يؤدي إلى مواجهة مع الرئيس نيكولاس مادورو. وبأوامر من مادورو، عزّز الجيش أمن الحدود، وأغلق جسراً حدودياً مهماً، لمنع المساعدات من دخول البلاد من كوكوتا في كولومبيا، التي تكدّست فيها أطنان المساعدات.
ورغم أنه لم يتضح تماماً ما الذي يعتزم غوايدو فعله، فإنه يقول إنه جنّد مئات الآلاف من المتطوعين في الأيام الأخيرة لإدخال المساعدات وتوزيعها. والأربعاء، حشد سائقي الحافلات للتوجه إلى الحدود لنقل المساعدات للشعب الفنزويلي الذي يعاني من نقص المواد.
وصرح بينما كان يقف على ظهر شاحنة بين مجموعة من أنصاره: «رغم أنهم يصوّبون الأسلحة تجاهنا - وجميعنا تلقينا تهديدات ورصاصات مطاطية، حتى رصاصات حية - نحن لا نشعر بالخوف». وقال: «سنبقى في الشوارع بصدور عارية، مطالبين بالحرية لكل الفنزويليين».
وأصبحت شحنات الأغذية والأدوية للشعب الذي يعاني من الأزمة، محل تركيز رئيسي في الصراع بين مادورو وغايدو. وكان غوايدو، رئيس الجمعية الوطنية التي تسيطر عليها المعارضة، نصّب نفسه الشهر الماضي رئيساً للجمهورية بالوكالة، وقد اعترفت به نحو 50 دولة رئيساً انتقالياً. ويريد الإطاحة بمادورو وتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات جديدة. وصرّح غوايدو لتلفزيون «تيلفيزا» المكسيكي: «يمكن أن يحدث ذلك قريباً، ما بين 6 و9 أشهر، حالما ينتهي اغتصاب مادورو الحالي للسلطة». ويقول غوايدو إن 300 ألف شخص يمكن أن يموتوا في حال عدم دخول المساعدات، ويؤكد أنه يهدف إلى حشد مليون متطوع للبدء في إدخالها بحلول غد (السبت).
وفي كلمة أمام أنصاره، تحدّث عن نقاط العبور المقرّرة على الحدود البرازيلية والكولومبية، وجزيرة كوراساو، وموانئ بورتو كابيلو ولا غويرا، إلا أن الجيش الموالي لمادورو أغلق جسر تينديتاس عبر الحدود الكولومبية، وأكد نائب الرئيس ديلسي رودريغز أن الحكومة ستغلق المعابر الجوية والبحرية بين كوراساو وفنزويلا. وأعلن الجيش في مرسوم حظر مغادرة السفن الموانئ الفنزويلية حتى الأحد، لتجنب أي تحركات لجماعات «إجرامية».
من جهتها، حضّت مديرة منظمة العفو الدولية للأميركيتين، إريكا غيفارا، السلطات على «الاعتراف بهذه الأزمة الخطيرة، وأيضاً ضمان دخول» هؤلاء الذين ينقلون المساعدة. ولا تزال القيادة العسكرية في فنزويلا موالية لمادورو، وقد منعت حتى الآن إدخال المساعدات من كولومبيا.
ويرفض مادورو السماح بإدخال المساعدات الأميركية، على الرغم من حاجة البلاد الماسّة إليها، مبرّراً رفضه بأنّ هذه المساعدات هي ستار لخطة أميركية للتدخل في بلاده. ويؤكد مسؤولون أميركيون أن المساعدة ستصل إلى آلاف الفنزويليين، لكن لم تعرف أي تفاصيل أخرى كيف تعتزم المعارضة توزيعها.
وقد حذّر وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو، الثلاثاء، من أنّ القوات المسلّحة «منتشرة في حالة تأهب على طول حدود البلاد (...) لمنع أي انتهاك لسلامة أراضيها».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وجّه الإثنين تحذيراً شديد اللهجة للقادة العسكريين الفنزويليين بأنّهم قد «يخسرون كل شيء»، في حال رفضوا دعم المعارض غوايدو.
ورفض بادرينو تهديدات ترمب، ووصفه بأنه رئيس «مغرور». ورغم امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم، تعاني فنزويلا من أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء. ويشهد اقتصادها انهياراً منذ 4 سنوات، وسط تضخم هائل.
على صعيد متصل، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، أول من أمس، إن الملحق العسكري الفنزويلي بالأمم المتحدة اعترف بخوان غوايدو رئيساً مؤقتاً للبلاد، وهو ما يزيد الضغط على مادورو. وكتب بولتون على حسابه بـ«تويتر»: «الملحق العسكري الفنزويلي بالأمم المتحدة الكولونيل بيدرو شيرينوس أعلن اعترافه الرسمي بخوان غوايدو رئيساً مؤقتاً لفنزويلا».
في غضون ذلك، دعت فنزويلا هذا الأسبوع نحو 50 دولة إلى دعمها في مطالبتها الأمين العام للأمم المتحدة وقف كل تهديد باستخدام القوة ضدها، بحسب رسالة حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منها الأربعاء. وتأتي هذه البادرة الفنزويلية بعد تشكيل مجموعة الأسبوع الماضي لدول أعضاء في الأمم المتحدة بهدف الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة، التي اعتبرتها هذه الدول موضع انتهاك في ملف فنزويلا.
وفي مشروع رسالة بتاريخ الثلاثاء، ندّدت 46 دولة، وهي ذاتها أعضاء المجموعة المستحدثة مؤخراً، بانتهاكات ميثاق الأمم المتحدة، دون الإشارة صراحة إلى الولايات المتحدة. وضمن هذه الدول روسيا والصين وكوبا وإيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية.
وأكدت الرسالة أن المشكلات التي تعيشها فنزويلا هي «شأن داخلي»، مشيرة إلى «قلق كبير إزاء التهديدات باللجوء للقوة ضد الوحدة الترابية والاستقلال السياسي» لفنزويلا.