مقتل شاب وجرح أكثر من ستين شخصا في مصادمات بين المواطنين والقوات الأمنية في «سيد صادق»

على خلفية اعتراضهم على إلحاق قضائهم بمحافظة حلبجة في إقليم كردستان العراق

جانب من مظاهرات قضاء سيد صادق في محافظة السليمانية («الشرق الأوسط»)
جانب من مظاهرات قضاء سيد صادق في محافظة السليمانية («الشرق الأوسط»)
TT

مقتل شاب وجرح أكثر من ستين شخصا في مصادمات بين المواطنين والقوات الأمنية في «سيد صادق»

جانب من مظاهرات قضاء سيد صادق في محافظة السليمانية («الشرق الأوسط»)
جانب من مظاهرات قضاء سيد صادق في محافظة السليمانية («الشرق الأوسط»)

أدت المظاهرات التي انطلقت في قضاء سيد صادق التابع إداريا لمحافظة السليمانية، والتي استمرت ليومين، إلى «مقتل شخص وجرح أكثر من ستين شخصا، إثر تصادمات بين المواطنين وقوات الأمن، بعد إطلاق القوات الأمنية الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين».
هذه المظاهرات أتت إثر اعتراض المواطنين على الوضع الخدمي الرديء الذي يعيشه القضاء، بالإضافة إلى بعض الأصوات التي نادت بالرفض لإلحاقه (القضاء) بمحافظة حلبجة «مع أن مستواها الإداري لم يرتفع بعد، وما زال مجلس الوزراء العراقي ومجلس النواب العراقي لم يبتا النظر في ذلك».
المظاهرة بدأت أول من أمس الخميس، وانتهت بمقتل شاب في العقد الثاني من العمر يدعى «بريار حسن» متأثرا بعيارات نارية في رأسه. كما أعلنت المصادر الصحية في القضاء وفي محافظة السليمانية عن وجود أكثر من ستين جريحا «نتيجة تعرضهم للضرب أو لعيارات نارية من قبل القوات الأمنية». بالإضافة إلى اعتقال العشرات من المتظاهرين.
بهروز حمه صالح، محافظ السليمانية، أعلن في بيان له نشر على الموقع الرسمي لحكومة إقليم كردستان العراق عن «أسفه لما يحصل في القضاء»، مؤكدا على أن «المحافظة تؤيد جميع المطالب المشروعة التي تقدم بها سكان هذه المنطقة»، مشيرا إلى أن لجنة «إدارية وفنية ستتشكل اليوم من ممثلي المحافظة وجميع الهيئات الإدارية في محافظة السليمانية للاستماع لمطالب سكان المنطقة وتقديمها لمجلس الوزراء، مع تأكيده على أن المحافظة قدمت جميع طلبات سكان القضاء في الفترات السابقة لحكومة الإقليم».
ودعا حمه صالح القوات الأمنية إلى ضبط النفس وعدم المبادرة بإطلاق العيارات النارية والتعامل بشكل مدني مع المتظاهرين. كما دعا أيضا المتظاهرين إلى «الابتعاد عن أساليب العنف في مواجهة القوات الأمنية وتوصيل مطالبهم بشكل مدني للجهات المعنية». وشدد المحافظ على أن أي اعتقال لأي شخص من المتظاهرين «يجب أن يكون بأمر القضاء»، مؤكدا على أن «التحقيقات بدأت بالفعل في ما يتعلق بمقتل الشاب بريار حسن».
وإثر هذه التطورات التي شهدها القضاء، وصل وفد من مختلف الكتل البرلمانية الكردستانية إلى مكان المظاهرة «للاطلاع على حقيقة الوضع والمطالب التي رفعها المتظاهرون للحكومة».
آري هرسين، عضو برلمان الإقليم عن قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني، نفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تكون هذه المظاهرات ذات مغزى سياسي الهدف منه «التقليل من أهمية قرار مجلس الوزراء العراقي برفع المستوى الإداري لقضاء حلبجة لمحافظة». وأشار إلى أن الهدف الأساسي من هذه المظاهرة هو «الاعتراض على الواقع الخدمي السيئ الذي يشهده القضاء، حيث لا توجد لحد الآن شوارع معبدة في القضاء ولا مشاريع حيوية، بالأخص ما يتعلق بمشاريع الماء والصرف الصحي». لكن هرسين لم يستبعد أن تكون هناك بعض الأصوات التي نادت «بعدم إلحاق القضاء بمحافظة حلبجة إن تم إعلانها كمحافظة أخرى في الإقليم والعراق نظرا لتخوفهم من عدم اهتمام المحافظة الجديدة بالخدمات في القضاء، وتكرار ما هو موجود حاليا على أرض الواقع».
أما النائب في برلمان إقليم كردستان عن قائمة الجماعة الإسلامية في الإقليم، والتي يترأسها علي بابير، فأعلن أن الوضع الآن في القضاء «سيئ جدا، وهناك مصادمات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بسبب إطلاق الأخيرة عيارات نارية وقنابل غازية مسيلة للدموع».
وفي تطور آخر للوضع في القضاء، أعلن قائمقام قضاء سيد صادق أركان حسن عن استقالته من منصبه نتيجة للضغوط التي تعرض لها من قبل المتظاهرين، حيث أكد في تصريحات صحافية أن هذه المظاهرات تستهدفه شخصيا، وهي تحمل أهدافا وأبعادا سياسية تعترض على كون القضاء جزءا من محافظة حلبجة، مؤكدا على أن رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني عندما زار القضاء أعرب عن ارتياحه للمشاريع المنجزة والمنفذة فيها.
وقد كانت القوات الأمنية في القضاء أعلنت أن المتظاهرين هجموا عليهم «بإطلاق أعيرة نارية، مما أدى إلى إصابة بعض أفراد الشرطة والقوات الأمنية الأخرى التي قامت بدورها بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.