جدل حول مادة الإسلام في مشروع الدستور التونسي تنتهي بصيغة وسط

المقرر العام: ننتظر إنهاء جلسات النقاش يوم 13 يناير

رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر يتحدث في أولى الجلسات المخصصة لمناقشة مشروع الدستور في العاصمة تونس أمس (أ.ب)
رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر يتحدث في أولى الجلسات المخصصة لمناقشة مشروع الدستور في العاصمة تونس أمس (أ.ب)
TT

جدل حول مادة الإسلام في مشروع الدستور التونسي تنتهي بصيغة وسط

رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر يتحدث في أولى الجلسات المخصصة لمناقشة مشروع الدستور في العاصمة تونس أمس (أ.ب)
رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر يتحدث في أولى الجلسات المخصصة لمناقشة مشروع الدستور في العاصمة تونس أمس (أ.ب)

عقد المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان)، أمس، أولى الجلسات المخصصة لمناقشة مشروع الدستور الجديد، وحضر الجلسة التي عُدت من أهم الأحداث التي تطبع بداية السنة الجديدة، أكثر من 190 نائبا من مجموع 217.
وشهدت جلسة أمس نقاشا حول تسمية الدستور الجديد، وخضعت الفقرة الثالثة من مشروع الدستور لنقاشات حادة بشأن اعتماد عبارة «تأسيسا على تعاليم الإسلام»، واستبدلت بها في النهاية عبارة «تعبيرا عن تمسك شعبنا بتعاليم الإسلام». وحظيت الصيغة الثانية بموافقة 168 صوتا، فيما رفض الصيغة 11 نائبا، وامتنع سبعة نواب عن التصويت.
ويعود الاختلاف حول هذه الفقرة من الدستور إلى خشية الأحزاب الليبرالية واليسارية من تمرير مشروع الدولة الدينية، والتراجع التدريجي عن مشروع الدولة المدنية.
ومن المنتظر أن تمهد جلسات مناقشة الدستور ضمن خيار تلازم المسارات، التي فرضتها حركة النهضة، في تجاوز الأزمة السياسية، وتشكيل المهدي جمعة للحكومة الجديدة لعرضها، حسب تسريبات أولية، على رئيس الجمهورية وعلى المجلس الوطني التأسيسي، في غضون الأسبوع المقبل.
وعقدت الجلسة الأولى وسط حذر تام من جميع الأطراف السياسية، خشية الوقوع من جديد في خانة التجاذب السياسي، وعبر أعضاء من المجلس التأسيسي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» منذ الوهلة الأولى، عن تخوفهم من شبح المرور إلى الاستفتاء في حالة تعذر الاتفاق على نسخة الدستور في صيغته النهائية.
وقالوا إن فرضية الاستفتاء قد تهدد تشكيل حكومة جمعة وتؤخرها لأسابيع إضافية، وذلك على خلفية التزام الأطراف السياسية المشاركة في الحوار مع قيادات رباعي الحوار، بضرورة إنهاء المسارات الثلاثة معا (الحكومي والتأسيسي والانتخابي) قبل يوم 14يناير (كانون الثاني) الحالي.
ونجح الفرقاء السياسيون في عقد أول جلسة برلمانية مخصصة لمناقشة مشروع الدستور الجديد بعد نحو 800 يوم من انتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011. وبقي مشروع الدستور في حالة انتظار بعد الانتهاء من صياغته في الأول من يونيو (حزيران) 2013، وإعلان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس عن الانتهاء من صياغته. وطالت مدة الانتظار لأكثر من سبعة أشهر بسبب المطالب المتكررة بإسقاط الحكومة، وتنامي ظاهرة الإرهاب، وخضوع الطبقة السياسية لمنطق التجاذب السياسي بديلا عن التوافق.
وبشأن ضغط الروزنامة على جلسات مناقشة مشروع الدستور الجديد، قلل الحبيب خضر المقرر العام للدستور من هذا الأمر، وأشار في المقابل إلى التزام كل النواب بكلمات موجزة لا تزيد عن ثلاث دقائق لكل متدخل. وحول ما جرى الترويج له من إغراق جلسات المجلس التأسيسي بعدد مهول من المقترحات التعديلية، قال خضر إن رئاسة المجلس التأسيسي كانت تتوقع مثل هذا العدد الذي قارب 250 مقترحا، وأكد أن «العملية صحية بالأساس وتكشف عن إرادة جماعية لتضمين مختلف الأفكار والتوجهات ضمن الدستور الجديد. وتمسك خضر بموعد 13يناير (كانون الثاني) الحالي، وقال: «إنه الموعد المحدد والمتفق عليه لإنهاء مناقشة الدستور»، وأضاف: «كل الأطراف السياسية ساعية إلى احترام هذا الموعد».
ولم تخل هذه الجلسة من انتقادات كثيرة، من بينها هيمنة بعض الأطراف السياسية على القرار داخل المجلس التأسيسي، واتخاذ القرارات الحاسمة عن طريق التصويت، وهذا ما يمكّن الحزب صاحب غالبية الأصوات من تمرير دستور على المقاس، وفق تصريحات قيادات المعارضة.
وتخطت الانتقادات المتعلقة بمشروع الدستور الجديد حدود النقاط الشكلية إلى ملاحظات تمس الجوهر، إذ صرح قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري لـ«الشرق الأوسط» بأن مشروع الدستور الجديد لم يتغير بصفة جوهرية، وأبقى على الخطوط العريضة القديمة نفسها، ومن بينها إضفاء المشروعية على السلطة، وعلى أنظمة الحكم.
وأضاف أن النسخة الحالية من الدستور تخضع لمنطق اقتسام النفوذ بين التيارات السياسية المتناقضة، ولا تحتكم إلى ثوابت دستورية قابلة لمسايرة طموحات التونسيين خلال العقود المقبلة، على حد تعبيره.
ولا تعد المقترحات التعديلية المعروضة على أنظار المجلس التأسيسي هي الأولى من نوعها، فقد خضع الدستور التونسي منذ إعلانه لأول مرة سنة 1959 لنحو 15 تعديلا، من بينها تمكين الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة من الرئاسة مدى الحياة. وأدخلت معظم التعديلات على الفصل 40 من الدستور التونسي، وهو فصل يحدد مقاييس الترشح لرئاسة البلاد، وغالبا ما استعملت تلك التعديلات خاصة في نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي لإقصاء الخصوم السياسيين من المنافسة السياسية على رئاسة تونس عند كل محطة انتخابية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.