إردوغان: المنطقة الأمنية ستنفذ قريباً وإبقاء اللاجئين في تركيا ليس حلاً

TT

إردوغان: المنطقة الأمنية ستنفذ قريباً وإبقاء اللاجئين في تركيا ليس حلاً

قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن مشروع المنطقة الآمنة في شمال سوريا «سينفذ قريبا جدا»، لافتا إلى أن تركيا أتمت استعداداتها على امتداد حدودها ووضعت خططها واستراتيجياتها الخاصة بهذه المنطقة.
وأضاف إردوغان أنه بحث هذا الموضوع بشكل مفصل مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، خلال قمة سوتشي الثلاثية الأسبوع الماضي، مؤكدا أن الدعم الأوروبي لهذه المنطقة سيمثل إسهاما في أمن أوروبا، من خلال الحيلولة دون تدفق اللاجئين وإزالة التهديدات الإرهابية.
واعتبر إردوغان، في كلمة خلال المؤتمر الوزاري السادس لعملية بودابست المعنية بإدارة ملف الهجرة، المنعقد حاليا في إسطنبول، بمشاركة ممثلين عن 52 دولة، و7 دول بصفة مراقب، و14 منظمة دولية، أن صيغة المنطقة الآمنة التي طرحها في الأعوام الأولى للأزمة السورية هي أنسب حل عملي لعودة اللاجئين.
وشدد الرئيس التركي على أن بلاده لن تستطيع تحمل العبء بمفردها بعد اليوم حال حدوث موجة هجرة جديدة من سوريا، معتبرا أن إبقاء اللاجئين داخل حدود تركيا لا يمكن النظر إليه على أنه الطريقة المثلى لحل مشكلة الهجرة، التي مصدرها سوريا.
وقال: «إذا لم نستطع إعادة ملايين السوريين المقيمين على أراضينا في تركيا، من خلال المنطقة الآمنة، فإن المشكلة ستمتد إلى أبواب أوروبا إن عاجلا أم آجلا».
وأعرب إردوغان عن ثقته بأن «الأصدقاء الأوروبيين» سيقدمون الدعم اللازم لتركيا، فيما يتعلق بإنشاء المنطقة الآمنة المزمع إقامتها في الجانب السوري من الحدود. ورهن نجاح صيغة المنطقة الآمنة بتولي تركيا الإشراف عليها، وتقديم بقية الدول للدعم المادي واللوجيستيي.
واقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إقامة منطقة آمنة بعمق 32 كيلومترا في شمال شرقي سوريا بعد أن قرر سحب القوات الأميركية في سوريا، لكن ملامح هذه المنطقة التي تحاول تركيا أن تتولى الإشراف عليها، لم تتضح بعد مع الغموض الذي يلف القرار الأميركي بالانسحاب.
وأكدت مصادر تركية أن المفاوضات مستمرة على أكثر من مستوى مع واشنطن بشأن تنسيق الانسحاب وإقامة المنطقة الآمنة المقترحة.
وفي السياق ذاته، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة ملتزمة بقرار انسحابها من سوريا، غير أنه لا يوجد جدول زمني محدد لذلك، لافتة أن هناك مباحثات تجري حالياً مع تركيا بشكل فعّال من أجل إقامة منطقة آمنة بسوريا.
وذكر المتحدث باسم الوزارة، روبرت بالادينو، في موجز صحافي، ليل الثلاثاء - الأربعاء، أن الولايات المتحدة «ليس لديها جداول زمنية لمناقشتها في الوقت الراهن، غير أن الانسحاب سوف يكون مدروسا ومنسقا».
وشدد بلادينو كذلك على «وجود اتصالات فعّالة مع تركيا فيما يتعلق بالشأن السوري، وجزء من هذه الاتصالات خاص بتحقيق الانسحاب الآمن لقواتنا من هناك، وتحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا».
وأضاف أنهم يحملون على محمل الجد المخاوف الأمنية المشروعة لدى أنقرة، مضيفا: «نحن نضع هذه المخاوف في الحسبان، كما أننا نجري تنسيقاً مشتركاً فيما بيننا، لكن لا يمكنني الحديث عن تفاصيل ملموسة في هذا الشأن».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».