تألق ويلسون مع ديربي كاونتي ومنتخب بلاده يعيده قريباً إلى ليفربول

في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، كان اللاعب الويلزي الشاب هاري ويلسون يشاهد التلفزيون وهو على فراشه في بلدة إكليستون، على مقربة من أكاديمية ليفربول للناشئين في كيركبي، عندما رن هاتفه مرة أخرى. ولم يكن ويلسون قد رأى مكالمتين أخريين من رقم غير معروف. يقول ويلسون وهو يبتسم: «في الغالب أنا لا أرد على المكالمات الهاتفية التي تأتيني من أرقام لا أعرفها، لكن شيئاً ما جعلني أرد على تلك المكالمة، ووجدت على الطرف الآخر من الهاتف إيان راش. لقد ارتبكت ولم أكن أعرف كيف أرد عليه، وهل أناديه بإيان أو راش. لم أكن أعرف حقا بماذا أناديه».
وانتهت هذه المكالمة بأن طلب راش من ويلسون أن يذهب إلى كارديف في صباح اليوم التالي للانضمام إلى معسكر منتخب ويلز، قبل أن يخوض ويلسون أول مباراة له مع منتخب بلاده أمام بلجيكا وهو يبلغ من العمر 16 عاما و207 أيام في إطار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، بعد نحو أسبوع. وبذلك، كسر ويلسون الرقم المسجل باسم نجم ريال مدريد غاريث بيل كأصغر لاعب في تاريخ منتخب ويلز الأول.
يقول ويلسون عن تلك المباراة: «كنا متأخرين بهدف دون رد قبل نهاية المباراة بخمس أو عشر دقائق، وطلب مني المدير الفني لمنتخب ويلز كريس كولمان النزول إلى أرض الملعب. لقد شعرت في ذلك الوقت بمزيج من السعادة والارتباك في حقيقة الأمر، فقد كان الأمر ضبابياً في ذلك الوقت، لكني أردت فقط أن أشارك وأحاول وأن ألمس الكرة وأبذل قصارى جهدي خلال الخمس دقائق المتبقية من عمر المباراة. لقد نجحنا في إدراك التعادل وانتهت المباراة بهدف لكل فريق، وبالتالي فقد ساهمت في تعديل النتيجة».
ويضحك ويلسون وهو يتذكر كيف عاد إلى الواقع مرة أخرى بعد أربعة أيام فقط من مواجهة نجوم كبار مثل كيفن دي بروين وإيدن هازارد مع منتخب بلجيكا أمام 45 ألف متفرج، عندما عاد للعب في مباريات النادي تحت 18 عاما أمام نادي بلاكبيرن. لكن عندما ذكر ويلسون أن دي بروين حاول أن يحصل على قميصه وفشل في ذلك، طلبت منه أن يتحدث بالتفصيل عن تلك الليلة التي لا تُنسى في بروكسل.
يقول ويلسون: «ذهبت إلى هازارد أولاً لكي أحصل على قميصه، لكنني وجدت أنه قد استبدله مع لاعب آخر بالفعل، لكني اعتقدت أنه سيكون لديه قميص آخر وسأطلب منه الحصول عليه. وبالفعل طلبت منه أن أحصل على قميصه، ووافق وقال إنه سيعطيني إياه داخل غرفة خلع الملابس. لكن نظرا لأن منتخب بلجيكا قد تأهل لنهائيات كأس العالم بعد تلك المباراة، فقد كان اللاعبون يركضون حول الملعب لتحية جماهيرهم، أما نحن فكنا نريد الخروج من الملعب بأسرع وقت ممكن. وقابلت كيفن دي بروين، الذي أراد أن يحصل على قميصي، لكنني قلت إن هذا القميص الذي لعبت به أول مباراة دولية مع منتخب بلادي، ولا يمكنني أن أعطيه إياك».
وبعد هذه المباراة الأولى، انتظر ويلسون 1619 يوما كاملا لكي يلعب مباراته الدولية الثانية مع منتخب ويلز. وفي نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 2016، كان ويلسون من بين أكثر من 10 آلاف مشجع ويلزي متواجدين في بوردو بفرنسا من أجل مشاهدة المباراة الافتتاحية للمجموعة الأولى ضد سلوفاكيا. أما الآن، فقد وصل ويلسون إلى الحادية والعشرين من عمره وأصبح أحد الأعمدة الأساسية لمنتخب ويلز بقيادة المدير الفني ريان غيغز، كما يلعب بشكل دائم مع نادي ديربي كاونتي في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا.
وقد شارك يوم السبت الماضي في مباراة فريقه أمام برايتون في الجولة الخامسة من كأس الاتحاد الإنجليزي، لكن ديربي كاونتي خسر المباراة بهدفين مقابل هدف وحيد، ليتأهل برايتون إلى دور الثمانية للبطولة. وتطرق ويلسون، الذي يتسم بالتواضع الشديد، للحديث عن كيفية تطوره تحت قيادة فرانك لامبارد مع نادي ديربي كاونتي، كما أشار إلى أنه تلقى رسالة تشجيعية من المدير الفني لليفربول، يورغن كلوب، بعد الركلة الحرة الرائعة التي نفذها أمام مانشستر يونايتد في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة واحتفاله برفع أصابع يده الخمسة بعد إحرازه لهذا الهدف.
انضم ويلسون إلى صفوف فريق الناشئين بنادي ليفربول وهو لم يكمل التاسعة من عمره. وحتى السادسة عشرة من عمره، كان ويلسون ينتقل إلى التدريبات من شمال ويلز مع والدته، نيكولا، ووالده، مارك، وجديه. ويقول عن ذلك: «أعتقد أن المسافة بين المنزل والتدريبات كانت تصل إلى 63 ميلا. كنت أذهب إلى التدريبات أيام الاثنين والأربعاء والجمعة من كل أسبوع حتى بلغت الثانية عشرة من عمري، ثم أصبح الأمر بعد ذلك أربع مرات في الأسبوع ثم خمس مرات في الأسبوع. لقد كان الأمر صعبا ويتطلب بذل مجهود كبير، ولم يكن بإمكاني أن أصل إلى ما أنا عليه الآن لولا الجهود المضنية التي بذلها والدي ووالدتي وأجدادي».
ويرتبط ويلسون بنادي ليفربول منذ أن كان في الثامنة من عمره، ويشعر بأن مدينة ليفربول هي «بيته الثاني». وكما قال المدير الفني لأكاديمية الناشئين بنادي ليفربول، أليكس إنغليثورب، في الآونة الأخيرة، فإن بعض اللاعبين يصعدون لأعلى سريعا وهم يركبون المصعد، مثل الظهير الأيمن ترينت ألكسندر أرنولد، الذي صعد بسرعة الصاروخ وحجز مكانا أساسيا له مع الفريق الأول بالنادي، والبعض الآخر يصعد على السلالم درجة بدرجة، مثل ويلسون.
ولم يشارك ويلسون، الذي حمل شارة قيادة فريق الناشئين بليفربول تحت 23 عاما في 2016، مع الفريق الأول للريدز سوى في مباراة واحدة، عندما لعب أمام بلايموث في العام التالي كبديل للنجم البرازيلي فيليب كوتينهو. لكن من المؤكد أن مباراته الثانية مع الفريق الأول بليفربول لن تتأخر كثيرا. وفي نادي ديربي كاونتي، تألق ويلسون في مركزي محور الارتكاز والجناح الأيمن. ورغم أن ويلسون قد لعب فترة جيدة مع هال سيتي الموسم الماضي ونجح في تسجيل سبعة أهداف في 14 مباراة، فقد اعترف بأن أول فترة قضاها على سبيل الإعارة مع نادي كرو ألكساندرا في عام 2015 لم تكن ناجحة.
وقال ويلسون عن هذه التجربة: «لقد علمتني الكثير وساعدتني على التطور بشكل أسرع. إنني أتحلى بقدر أكبر من الثقة الآن، وأعتقد أنني قد أصبحت أتحلى بقدر أكبر من الحكمة أيضا. لقد كنت ألعب مع فريق يعاني في دوري الدرجة الثانية، ورأيت كيف يكون الأمر صعبا للغاية عندما تحاول اقتناص النقاط وأنت تقبع في مؤخرة جدول الترتيب. أما الآن فأنا ألعب في فريق يقدم كرة قدم جيدة في مقدمة جدول الترتيب، وأشعر بأنه يمكنني التعبير عن نفسي بقدر أكبر من ذي قبل».
ومن المؤكد أن ويلسون قد نجح في القيام بذلك بالفعل، حيث أكد لامبارد على أن اللاعب الويلزي الشاب قد طور مستواه من جميع النواحي، لكن ليس هناك شك في أن قوة ويلسون الأكبر تتمثل في القيام بأشياء غير متوقعة ومذهلة في حقيقة الأمر. ويجب الإشارة إلى أن أكبر سلاح لدى ويلسون في الوقت الحالي يتمثل في قدرته على تسديد الركلات الحرة بعيدة المدى بكل قوة وإتقان، ولعل خير مثال على ذلك الهدف الرائع الذي أحرزه من قذيفة مدوية في مرمى مانشستر يونايتد.
يقول ويلسون عن ذلك: «لم أكن أدرك أن الهدف كان بهذه الروعة، لأنني كنت أحتفل فور رؤية الكرة وهي تدخل الشباك، لكن وأنا في الحافلة في طريق العودة إلى هنا شاهدت الهدف مرة أخرى على «تويتر» ورأيت كيف سجلته بهذه الطريقة الرائعة. هذا هو الأمر الذي أتدرب عليه دائماً، لذا فإن رؤية ذلك يتحقق داخل الملعب، وخاصة على ملعب مثل أولد ترافورد، يعد أمرا استثنائيا».
وكان ويلسون يعرف أنني سأسأله عن الطريقة التي أحتفل بها بعد إحرازه لهذا الهدف، حيث أشار بالأصابع الخمسة ليده، في إشارة إلى البطولات الأوروبية الخمس التي فاز بها ليفربول في مقابل الثلاث بطولات التي فاز بها مانشستر يونايتد. وقال ويلسون عن ذلك: «أرسل لي بعض المشجعين في ليفربول بعض الرسائل وصورا لفرناندو توريس وهو يحتفل بالطريقة نفسها، وكذلك ستيفن جيرارد، لكنني كنت أود أن أقول لهم إنني لم أصل إلى مستوى هؤلاء اللاعبين العظماء. لكن هذه الحركة كانت وليدة اللحظة ولم تكن لدي أي خطة للقيام بها». وعن تشبيه بتوريس، قال ويلسون: «أنا لا أرى أنني أشبهه، لكن كثيرين يقولون ذلك. لكنني سأكون سعيدا للغاية لو نجحت في إحراز نصف عدد الأهداف التي أحرزها توريس».