زواج عبر «سكايب» وتعازٍ على «فيسبوك»... عادات جديدة في دمشق

«الشرق الأوسط» ترصد حياة أهالي العاصمة السورية

زواج عبر «سكايب» وتعازٍ على «فيسبوك»... عادات جديدة في دمشق
TT

زواج عبر «سكايب» وتعازٍ على «فيسبوك»... عادات جديدة في دمشق

زواج عبر «سكايب» وتعازٍ على «فيسبوك»... عادات جديدة في دمشق

أحدثت الحرب انقلاباً سلبياً في الحياة الاجتماعية لسكان دمشق، وغيرت عادات وتقاليد قديمة توارثها الدمشقيون آلاف السنوات عن الآباء والأجداد. ومن العادات الجديدة أن تتم حالات زواج عبر «سكايب»، وتقديم التعازي عبر «فيسبوك».
وبعد أن اعتاد المارة في شوارع دمشق في سنوات ما قبل الحرب، على إلقاء التحية على أغلب من يصادفونه، يلفت الانتباه حالياً عدم إقدام الغالبية على ذلك، في مقابل عدم رد التحية من قبل البعض على من يبادر إلى إلقائها.
«أبو إياد» (70 عاماً)، يعرب عن استغرابه من انحدار مستوى العلاقات بين الناس إلى هذه الدرجة، بعد أن كان السوريون مثالاً يحتذى في المحبة، ويعزو الأمر إلى «الحساسية الكبيرة» التي تولدت في نفوس الناس، من جراء «ممارسات طائفية» أقدم عليها البعض «في بداية الأحداث وتراجعت نوعاً ما حالياً».
العجوز الذي عكست تجاعيد وجهه إنهاكاً كبيراً يعيشه السكان، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نعيش في آخر الزمان».
ولا يقتصر التراجع في العلاقات الاجتماعية على الأفراد؛ بل طال العائلات، بحسب «أم محمد» التي اعتادت قبل الحرب على تناوب شرب القهوة في كل صباح عند جاراتها، والسهر معهن بشكل شبه يومي؛ لكنها ومنذ اشتداد الحرب باتت تشكو من «عزوف معظم جاراتها» عن هذه العادة. وتقول لـ«الشرق الأوسط» باستغراب: «ما من أحد يدق باب الآخر. لا أعرف ما الذي جرى للناس!»؛ لكنها تضيف: «الحال ضيقة. الله يكون بعون الناس. الناس صارت تحسبها من جميع الجهات»، في إشارة إلى حالة الفقر التي باتت تعاني منها معظم العائلات.
ومع تشتت الملايين والعائلة الواحدة بين من هم داخل البلاد واللاجئين خارجها، بسبب النزوح واللجوء هرباً من الموت، حُرم أفراد العائلة الواحدة من الجلسات الجماعية التي اعتادوا عليها مرة في الأسبوع على الأقل.
وتتحدث «أم مروان» التي فضل خمسة من أبنائها السبعة اللجوء إلى بلدان أوروبية على العيش في أجواء الحرب، لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «لم تجتمع بهم منذ خمس سنوات، ويقتصر الأمر على سماع أصواتهم ومشاهدتهم من خلال الهاتف!».

عزاء «فيسبوكي»

منعكسات الحرب طالت أيضاً عادة أداء واجب العزاء؛ حيث كانت مجالسه بدمشق تعج بالأقارب والأصدقاء وأهالي الحي لمواساة ذوي الفقيد؛ لكن هذا الأمر تراجع إلى درجة كبيرة خلال الحرب، وبات كثير من المجالس يبدو شبه فارغ.
«أبو يزن» (50 عاماً) معروف بحب مشاركة الناس مناسبتهم، سواء منها الأفراح والأحزان، يعرب عن أسفه لما وصلت إليه أحوال الأهالي، ويرى أن السبب في ذلك هو كثرة الهموم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل واحد لديه من الهم ما يكفيه»، على حين يعتبر الشاب «محمود»، أن العامل الأبرز في تراجع هذه العادة هو «العناء الكبير» للوصول إلى مكان العزاء؛ خصوصاً إذا كان في حي آخر، وذلك بسبب الوضع الأمني، وبالتالي «بات كثيرون يقومون بهذا الواجب عبر (فيسبوك)».
لكن «معتز» وهو شاب في العقد الثالث من العمر، يذكر لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم يقم مراسم عزاء في والده عند وفاته قبل عام؛ لأنه مهجر من جنوب العاصمة، ويقطن في ريف دمشق الشمالي الغربي، في حي لا يعرفه أحد فيه. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «اقتصر الأمر علينا نحن الإخوة والأخوات في المنزل، وقلة قليلة من الجيران».

«زواج السكايب»

تقاليد الزواج السائدة منذ عقود في المجتمع السوري، التي طالما تفاخر بها السوريون، كان لها نصيب كبير من تأثيرات الحرب. فبعد أن كان أهل العريس يقيمون الأفراح لعدة أيام قبل موعد يوم الفرح، ويعقدون حلقات «الدبكة»، ويولمون لضيوفهم الذين يهرعون إليهم من كل حدب وصوب، طغى ما يسمى «زواج السكايب» على هذه التقاليد، مع تشتت ملايين العائلات بين داخل البلاد وخارجها.
وغالباً ما يتم «زواج السكايب» عن طريق أهل أو أقارب «العريس» الذين يوجدون داخل البلاد، عبر زيارة يقومون بها لأهل العروس لطرح الأمر، وإن تمت الموافقة المبدئية بين العائلتين تتبعها خطوات رسمية أخرى، وتعارف أكثر بين العروسين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أن تتم الموافقة النهائية وعقد القران عبر «سكايب».
وتتلخص الطريقة في أن يرتدي الشاب بدلة أنيقة، والفتاة فستان العرس أو فستاناً أبيض على أقل تقدير. ويفتح الشاب في بلاد اللجوء «سكايب»، وحيداً أو مع عدد من الأصدقاء، بينما تكون العروس في سوريا، أو العكس، جالسة مع أهلها وأهله في كثير من الأحيان. يقرأ الشيخ في سوريا الفاتحة، فيرد الشاب عبر «سكايب» بـ«آمين»، ويحادثه الشيخ عبر «سكايب»، ويسأل الفتاة هل هي موافقة، وتعلن الفتاة موافقتها، ثم يرتدي الشاب محبسه وحده، وكذلك الفتاة، لتنطلق الزغاريد.

سرقة

ومع زيادة عمليات السرقة التي تقوم بها عناصر موالية للنظام للمنازل والمحال التجارية، لدى استعادتها السيطرة على المناطق، انتشرت في مناطق سيطرة النظام أسواق لبيع الأدوات المستعملة (تعرض أجهزة كهربائية بمختلف أنواعها، وأثاثاً منزلياً، ونوافذ، وأبواباً، وسجاداً وأحذية، وقطع السيارات...) ويطلق عليها بعض الأهالي: «أسواق الغنائم»، في استعادة لحروب العصر الجاهلي.
وينتهز البعض ممن يجاهرون بموالاة النظام، الفرصة لاقتناص صفقات من تلك المحلات، لاعتقادهم بأن «مصدرها مقبول؛ لأننا في حرب مع إرهابيين»، في حين يتردد عدد من النازحين إلى تلك المناطق وبعض السكان الأصليين، في الإقدام على الشراء من تلك المحال رغم صعوبة الأوضاع المعيشية، لاعتقادهم بأن مصدرها «حرام». وتقول امرأة تعمل مدرسة لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف قلبوا الأحكام، ولكن ذلك في أوساطهم فقط. بالنسبة لنا الحلال مبيّن حلال والحرام مبيّن حرام».

تراجع العمل الخيري

بخلاف ما كان سائداً في فترة ما قبل الحرب، من كثرة المتبرعين والتبرعات للمحتاجين، تراجع بشكل كبير العمل الخيري حالياً، رغم الفقر الذي تعانيه معظم العائلات، وانتشار ظاهرة التسوّل إلى حدّ كبير في شوارع دمشق، ووصول الأمر إلى مشاهدة أطفال ونساء وشيوخ يبحثون في أكياس القمامة والحاويات عن بقايا طعام.
«سوسن» أم لثلاثة أطفال من مدينة داريا بريف دمشق الغربي، أفقدتها الحرب زوجها وبيتها، وتقطن في شقة بريف دمشق الشمالي، واتخذت من أمام منزلها بسطة لبيع علب السجائر لتأمين معيشة أطفالها، وتؤكد أنه «حالياً، نادراً ما يطرق بابنا أحد المتبرعين. الناس كلها تعبت وكل إنسان همه نفسه».
ويلفت خبراء اقتصاديون إلى «تراجع كارثي» في الطبقة الوسطى السورية، التي كانت تشكل نحو 60 في المائة من السكان لتصبح أقل من 15 في المائة، فيما تشير تقديرات أممية إلى أن طبقة الفقراء باتت أكثر من 80 في المائة. أما الخمسة في المائة الباقية فيقول الخبراء إنها «طبقة أثرياء الحرب التي التفت على عنق الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب».

طغيان أنثوي

وفي ظل موت أعداد كبيرة من الرجال خلال الحرب، وعمليات الخطف، والاعتقال، والهجرة، وفقدان أعداد كبيرة من العائلات في مناطق سيطرة النظام للمعيل زوجاً وولداً، اندفع كثير من النساء إلى ممارسة مهن وأعمال كانت حكراً على الرجال، والقيام بدور الأب المعيل والأم بآن واحد، وهي ظاهرة لم تكن مألوفة في سوريا قبل الحرب، علماً بأن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» كشف في مارس (آذار) الماضي، أن حصيلة ضحايا الحرب مع دخولها عامها السابع تقدر بـ511 ألف قتيل.
وفي أسواق دمشق التجارية، بات من المألوف مشاهدة فتيات يعملن في محال بيع الألبسة الجاهزة الرجالية والنسائية، و«السوبر ماركت» والحلوى و«البوظة». ويصل الأمر إلى مشاهدة نساء يعملن في النظافة وامور اخرى لترتيب امور العيش. ووفق ما نقلت تقارير عن خبير اقتصادي من دمشق، فإن نسبة طغيان الطابع الأنثوي على الذكوري في الأسواق والأماكن العامة تصل إلى 80 في المائة. ويشير إلى أن عمالة النساء ساهمت في رفع نسبة الأنشطة التي تقوم بها المرأة السورية مقارنة بالرجل، بما يقارب 40 في المائة كحد وسطي، وأن هذه النسبة ارتفعت إلى 90 في المائة نهاية عام 2017، نتيجة لظروف فرضتها الحرب على الرجال.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».