السعودية والعراق لتدشين أكبر ساحة تبادل تجاري في منفذ عرعر

السفير عبدالعزيز الشمري السفير السعودي في بغداد («الشرق الأوسط»)
السفير عبدالعزيز الشمري السفير السعودي في بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية والعراق لتدشين أكبر ساحة تبادل تجاري في منفذ عرعر

السفير عبدالعزيز الشمري السفير السعودي في بغداد («الشرق الأوسط»)
السفير عبدالعزيز الشمري السفير السعودي في بغداد («الشرق الأوسط»)

تعتزم السعودية افتتاح أكبر ساحة للتبادل التجاري على حدودها الشمالية مع العراق خلال الأشهر الأربعة المقبلة، ويتزامن ذلك مع الافتتاح الرسمي لمنفذ «عرعر» من الجانب العراقي الذي تعهدت الرياض بإنشائه بجميع تجهيزاته.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» عبد العزيز الشمري، السفير السعودي في العراق، أن مجلس التنسيق السعودي – العراقي سيعقد في العاصمة العراقية بغداد في مارس (آذار) المقبل، ومن المنتظر توقيع الكثير من الاتفاقيات وإطلاق عدة مشروعات بين البلدين على هامش الاجتماع.
ولفت الشمري إلى أن العلاقات السعودية العراقية في أفضل حالاتها، كاشفاً عن زيارة قريبة لمسؤولين عراقيين للسعودية، وقال: «سيعقد مجلس التنسيق السعودي العراقي في مارس في بغداد، وسيكون هناك توقيع اتفاقيات وإطلاق مشروعات، وخلال الشهرين المقبلين سيتم منح تأشيرات للعراقيين من بغداد والافتتاح الرسمي للقنصلية السعودية هناك».
وفيما يتعلق بمنفذ عرعر الحدودي بين البلدين، تحدث السفير السعودي في بغداد أن بلاده أوفت بتعهدها بشأن إنشاء المنفذ من الجانب العراقي، وأن العمليات الإنشائية بدأت بالفعل عبر شركة سعودية، متوقعاً إنجاز العمل خلال أقل من 4 أشهر من الآن.
وأضاف: «نتوقع افتتاح المنفذ بشكل رسمي في يونيو (حزيران) المقبل». وأشار الشمري أن السعودية تعهدت ببناء منفذ عراقي كامل وتجهيزه بجميع المتطلبات التي يحتاجها أي منفذ، من بنية تحتية وتجهيزات مكتبية وفنية وأجهزة فحص، وخلال 4 أشهر سيكون المنفذ جاهزاً.
وأشار عبد العزيز الشمري إلى أن المنفذ الحدودي مع العراق سيحوي أكبر ساحة تبادل تجاري بين البلدين، وستكون في الجانب السعودي، وتابع: «لا شك أنه مع افتتاح المنفذ كل البضائع التي يستوردها التجار العراقيون من السعودية ستقل تكلفتها، فبدلاً من دخولها عبر دول مجاورة سيكون دخول هذه البضائع مباشرة، كما سينعكس ذلك على الحركة الاقتصادية داخل العراق». وأشار الشمري إلى أن «هنالك تعطش في السوق العراقية للمنتج السعودي، نظراً للجودة والمواصفات العالية والأسعار المناسبة».
وكشف الشمري عن إمكانية استخدام رجال الأعمال والتجار العراقيين لموانئ السعودية على البحر الأحمر في عمليات الاستيراد والتصدير، وقال: «كذلك يمكن للعراقيين استخدام موانئ السعودية على البحر الأحمر في عمليات التصدير والاستيراد من أوروبا وأفريقيا، كما سيكون طريق الحج والعمرة مفتوحاً طيلة أيام السنة عبر هذا المنفذ. والدول المجاورة للعراق ستستفيد من خلال عبور الحجاج والمعتمرين عبر هذا المنفذ إلى مكة والمدينة المنورة».
وتحدث السفير السعودي في بغداد عن نقاشات بين البلدين لتوقيع اتفاقية لإصدار التأشيرات لدخول رجال الأعمال والمواطنين العراقيين السعودية، مبيناً أن التوقيع النهائي سيكون خلال الاجتماع المقبل لمجلس التنسيق السعودي – العراقي في مارس المقبل في بغداد.
وأكد الشمري أن افتتاح منفذ عرعر من الجانبين ووجود أكبر ساحة للتبادل التجاري سيكون له مردود إيجابي جداً على منطقة الحدود الشمالية وانتعاش الحركة التجارية والاقتصادية فيها. وأضاف: «ستنتعش الحركة الاقتصادية، وستتحول المنطقة الشمالية إلى مركز رئيسي للسعودية حيث يمكن إقامة المستودعات والمصانع المختلفة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.