باريس تحذر من التضحية بقوات سوريا الديمقراطية

وزيرة الدفاع الفرنسية تنصح الأطراف بالتنبه لـ«ازدواجية» النظام السوري

باريس تحذر من التضحية بقوات سوريا الديمقراطية
TT

باريس تحذر من التضحية بقوات سوريا الديمقراطية

باريس تحذر من التضحية بقوات سوريا الديمقراطية

لم تعثر باريس بعد على الحل السحري لوضع الأكراد لمرحلة ما بعد الانتهاء من الحرب على «داعش» وانسحاب القوات الأميركية من شمال وشمال شرقي سوريا. ولأن باريس يساورها القلق من هذا الموضوع بحسب ما أسر به مصدر فرنسي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، ولأنها تعتبر نفسها «الصديق الوفي للأكراد»، فإن وزيرة دفاعها فلورانس بارلي عادت أمس لتقرع ناقوس الخطر ولتنبه الجانب الأميركي من المنزلق الذي تفضي إليه سياسته «غير المفهومة» التي وصفها وزير الخارجية قبل يومين بأنها بمثابة «اللغز» للجانب الفرنسي.
وفي مقال نشرته في صحيفة «لو باريزيان» يوم أمس وتناولت فيه الحرب على «داعش» والخوف من عودته مجددا إلى الساحة رغم الهزائم التي لحقت به وقرب القضاء على آخر معاقله شرق الفرات، شددت بارلي على أن بلادها «ليست ناكرة للجميل» بالنسبة «للكثير الذي قدمه شركاؤنا من قوات سوريا الديمقراطية». واعتبرت الوزيرة الفرنسية التي قامت الأسبوع الماضي بتفقد قوات بلادها العاملة في العراق، أن الانسحاب الأميركي «يعيد خلط الأوراق ويدفع إلى وضعيات جديدة»، منبهة إلى أن «لا أحد يعرف حتى الآن إلى ما سيفضي» إليه من ترتيبات تتناول المنطقة المذكورة. ولهذا، تضيف فلورانس بارلي، فإن «واجبنا هو القيام بكل ما يمكن القيام به من أجل تلافي أن تكون قوات سوريا الديمقراطية هي الضحية». ولمزيد من الإيضاح، فإن الوزيرة المذكورة أفادت أنها «نبهت» الحلف الأطلسي ونظيريها الأميركي والتركي.
في لقاء أجرته «الشرق الأوسط» مع مسؤول فرنسي معني مباشرة بالملف السوري وتطوراته، تبين بوضوح أن أيا من السيناريوهات المتداولة لا يحظى برضا فرنسي. ورغم التواصل المستمر بين باريس وواشنطن، فإن الطرف الفرنسي لم يعرف بعد تفاصيل التصور الأميركي لـ«المنطقة الآمنة» ولا من سيتولى الإشراف عليها. ولم تتأخر المصادر الفرنسية بالرد رفضا على دعوة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الأوروبيين في اليوم الأول من أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن، للمساهمة في «قوة المراقبة» التي تريد واشنطن أن تحل محل قوتها المنسحبة قريبا بعد انتهاء المعارك في آخر جيب لـ«داعش». وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس هناك من عاقل يتصور أننا سنبقى في الشمال السوري في حال انسحب الأميركيون». كذلك فإن باريس تتخوف على المنطقة الكردية من خطر تركيا على الأكراد حيث إن أنقرة ترى أنها «الوحيدة» التي يتعين أن توجد قواتها في المنطقة الفاصلة. وتتساءل باريس وفق مصادرها عن «حقيقة» ما تم التوافق عليه بين الرئيسين الأميركي والتركي فيما خص المنطقة المذكورة، وبين الثاني والرئيس الروسي الذي اتصل به الرئيس ماكرون، مساء أول من أمس، ليتشاور معه بخصوص هذه المسألة والوضع في سوريا بشكل عام.
من بين السيناريوهات المطروحة للمنطقة الخاضعة اليوم للقوات الكردية ــ العربية في إطار قوات سوريا الديمقراطية، إمكانية التفاهم بين الأكراد والنظام السوري. لكن من الواضح أن باريس التي يتشاور معها الأكراد باستمرار تدفع باتجاه «تناسي» هذا الخيار. وبدا ذلك واضحا مما كتبته بارلي أمس حيث أكدت أنه يتعين على فرنسا أن تكون «حازمة» لأن «التجربة علمتنا أن النظام السوري يعتمد سياسة مزدوجة». وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن دمشق «لا يمكن أن تعطي الأكراد الكثير لأنها تعتبر من جهة أنها ربحت الحرب وأنها سوف تستعيد السيطرة على كل المناطق السورية اليوم أو غدا، ومن جهة ثانية فإنها ترفض كل ما يطالب به هؤلاء من لا مركزية موسعة». ووفق هذه المصادر واستنادا إلى تصريحات مسؤولين سوريين، فإن أقصى ما يمكن أن تتنازل عنه دمشق هو الاعتراف «ببعض الحقوق الثقافية» للأكراد.
ولكن هل يمكن التعويل على «وساطة» روسية لدفع النظام لتقديم بعض التنازلات وتسهيل الحوار بينه وبين الأكراد؟ تدعو باريس الأكراد لعدم التعويل على تفهم ودعم لقضيتهم. وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن موسكو نصحت الأكراد بـ«التفاهم» مع دمشق.
إزاء هذه الخطط المتضاربة، تجد باريس التي تتحرك في كل اتجاه، أن «المخرج» يكمن في الدفع باتجاه الحل السياسي بالتفاهم مع روسيا بالدرجة الأولى، لأن الانسحاب الأميركي يفقد الغربيين ورقة ضاغطة ويوجد اختلالا في الموازين. ويبقى التلويح بورقة المشاركة في عملية إعادة الإعمار في سوريا هي الرافعة الأبرز التي تستطيع أوروبا ومن بينها فرنسا، اللجوء إليها للحصول على «شيء» ما في هذه المعمعة، حيث الكلمة الأولى والفاعلة للأطراف التي لها حضور عسكري ميداني. وهكذا يبدو بوضوح أن باريس تفتقر لتصور واضح يمكن أن تقدمه للحلفاء الأكراد حتى لا يكونوا مرة أخرى ضحايا لعبة الأمم.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.