فوتيل في العراق لبحث ضمان عدم عودة «داعش»

تهديدات ترمب بإطلاق المسلحين المعتقلين تثير قلق بغداد

جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية (يسار) في مطار بغداد أمس (رويترز)
جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية (يسار) في مطار بغداد أمس (رويترز)
TT

فوتيل في العراق لبحث ضمان عدم عودة «داعش»

جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية (يسار) في مطار بغداد أمس (رويترز)
جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية (يسار) في مطار بغداد أمس (رويترز)

وصل الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الذي يشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، إلى العراق، أمس، في زيارة تهدف لإجراء محادثات مع مسؤولين أميركيين وعراقيين من المتوقع أن تركز على ضمان ألا يعود تنظيم «داعش» للظهور مجدداً بعد سحب القوات الأميركية من سوريا.
ولم يدل فوتيل بتصريحات للصحافيين عند هبوطه في العراق، حيث يُنتظر أن يستمع لتقارير ميدانية عن المرحلة الأخيرة لاستعادة الأراضي الباقية تحت سيطرة تنظيم داعش الذي كان يسيطر من قبل على مساحات شاسعة من الأراضي في سوريا. وحسب وكالة «رويترز»، فإنه من المتوقع أيضا أن يبحث فوتيل مع المسؤولين في بغداد الأثر الذي يمكن أن يحدثه الانسحاب الأميركي من سوريا على العراق حيث تحول التنظيم المتشدد بالفعل إلى أسلوب الكر والفر بعد أن خسر كل الأراضي التي كان يسيطر عليها.
كان فوتيل قال في وقت سابق إنه لا يتوقع أن يؤدي قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب أكثر من ألفي جندي من سوريا إلى تغيير ملموس في مستوى القوات الأميركية في العراق حيث تنشر الولايات المتحدة أكثر من 5 آلاف جندي. وقال إن هذا العدد سيبقى «ثابتا بشكل عام». وتابع قائلا للصحافيين المسافرين معه الأسبوع الماضي: «سنسعى للتأكد من أن لدينا الإمكانات المناسبة على الأرض لدعم العراقيين مستقبلا. لكني لا أعتقد بالضرورة أن ذلك سيسفر عن وجود أكبر للولايات المتحدة أو قوات التحالف».
وأربك قرار ترمب المفاجئ في ديسمبر (كانون الأول) الماضي سحب القوات الأميركية من سوريا فريقه للأمن الوطني وأدى إلى استقالة وزير الدفاع جيم ماتيس. وصدم القرار أيضا حلفاء الولايات المتحدة ودفع جنرالات مثل فوتيل للتحرك سريعا لتنفيذ الانسحاب بطريقة تحافظ على أكبر مكاسب ممكنة.
وما زال تنظيم داعش يمثل تهديدا للعراق، ويعتقد بعض المسؤولين الأميركيين أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي ربما يكون مختبئا في العراق. ويقود البغدادي التنظيم منذ عام 2010 عندما كان جماعة سرية تابعة لـ«تنظيم القاعدة في العراق».
وقال المفتش العام بوزارة الدفاع الأميركية في تقرير إن تنظيم داعش ما زال نشطا ويجدد وظائفه وقدراته بشكل أسرع في العراق عنه في سوريا. وقال التقرير: «في غياب ضغط مستمر (لمكافحة الإرهاب)، سيعاود على الأرجح الظهور في سوريا خلال ما بين 6 أشهر و12 شهرا ويستعيد أراضي محدودة».
وقال فوتيل في مقابلة مع «رويترز» الجمعة الماضي إنه سيوصي بمواصلة تقديم الأسلحة والمساعدات لـ«قوات سوريا الديمقراطية» حسبما يتطلب الأمر، بشرط أن تواصل القوات التي يقودها الأكراد الضغط على تنظيم داعش، وتساعد في الحيلولة دون أن يطل برأسه مجددا. وقال فوتيل إن التنظيم ربما يكون ما زال يضم عشرات الآلاف من المقاتلين في العراق وسوريا مع وجود عدد كاف من القادة والموارد يضمن عودته للظهور خلال الشهور المقبلة.
وغير الجيش العراقي تكتيكه في قتال التنظيم من العمليات القتالية الكبيرة إلى ما يصفها فوتيل بأنها «عمليات على مساحات واسعة». كما عدل الجيش الأميركي من الطريقة التي يدعم بها القوات الأمنية العراقية. وقال فوتيل: «قمنا ببعض التعديلات فيما يتعلق بمكان وجودنا حتى نكون في أفضل مواقع» لتقديم النصح ومساعدة القوات الأمنية العراقية في عملياتها.
ويساور القادة العراقيين قلق من عودة «داعش»، خصوصا بعد تهديد ترمب بإطلاق المعتقلين من «الدواعش» الأجانب إذا لم تستعيدهم دولهم. وبينما تسعى بغداد إلى تجنب الاحتكاك مع مواقف ترمب فيما يتصل بـ«داعش» خصوصا مع ازدياد المعارضة للوجود الأميركي في العراق من قبل بعض الأوساط السياسية والبرلمانية، فإن الجهات الأمنية العراقية تلاحق خلايا «داعش» في مناطق كثيرة من البلاد. ولا يتناول رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي كثيرا الحديث عن مخاطر «داعش» بعكس سلفه حيدر العبادي الذي يعد نفسه بطل الانتصار على هذا التنظيم المتطرف في معركة استمرت 3 سنوات (2014 - 2017).
وفي هذا السياق، يؤكد سياسي عراقي لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أن «اختلاف الأولويات بين العبادي (مواجهة تداعيات مرحلة ما بعد تنظيم داعش) وعبد المهدي (مواجهة تحديات المستقبل الاقتصادية) جعل أمر التعامل مع الوجود الأميركي في العراق غير محسوم إلى حد كبير؛ سواء لجهة عديد القوات الأميركية التي تتناقض أرقامها بين العبادي وعبد المهدي، أو كيفية معالجة ملفها، لا سيما أن الكرة لم تستقر بعد إن كانت في ملعب الحكومة، أو ملعب البرلمان».
ويضيف السياسي العراقي أن «المشكلة الأخرى التي يواجهها العراق؛ برلمانا وحكومة، هي عدم وضوح النهج الأميركي حيال (داعش)، ففي الوقت الذي أعلن فيه العراق النصر العسكري على هذا التنظيم أواخر عام 2017، نجد أن ترمب يعلن الآن نهاية (داعش) من جهة ويهدد بإطلاق سراح الدواعش الأوروبيين من جهة أخرى بينما الساحة المثالية لهؤلاء سوف تكون العراق نظرا لكون الحدود بين سوريا والعراق لم تمسك حتى الآن بصورة محكمة».
إلى ذلك، يؤكد حاكم الزاملي، رئيس لجنة الأمن والدفاع السابق والقيادي البارز في التيار الصدري، لـ«الشرق الأوسط» أن «(داعش) في العراق انتهى عسكريا فقط، بينما لا تزال هناك مضافات له في مناطق مختلفة من البلاد، لا سيما في أطراف كركوك والموصل والجزيرة الغربية للأنبار». ويضيف الزاملي أن «إعلان نهاية (داعش) في سوريا ونهاية الإرهاب في العالم مسألة مبالغ فيها كثيرا».
في السياق نفسه، يؤكد عضو البرلمان السابق والقيادي في تحالف الإصلاح والإعمار حيدر الملا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «اختلاف أولويات ترمب وتوجيه البوصلة باتجاه آخر وهو إيران تحديدا، هو الذي بات يمثل تحديا جديدا ينبغي التعامل معه؛ حيث إن ترمب يريد تحقيق إجماع دولي من أجل تقويض النفوذ الإيراني».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.