مصرع سوداني اختناقاً بالغاز أثناء تفريق مظاهرات في الخرطوم بحري

سلطات الأمن توقف مصور «رويترز» عن العمل وتسحب رخصته

مصرع سوداني اختناقاً بالغاز أثناء تفريق مظاهرات في الخرطوم بحري
TT

مصرع سوداني اختناقاً بالغاز أثناء تفريق مظاهرات في الخرطوم بحري

مصرع سوداني اختناقاً بالغاز أثناء تفريق مظاهرات في الخرطوم بحري

لقي سوداني مصرعه، أمس، جراء اختناق بالغاز المسيل للدموع في المظاهرة التي دعا لها «تجمع المهنيين» و«قوى الحرية والتغيير» المعارضة بمدينة الخرطوم بحري، فيما أوقفت السلطات السودانية مصور وكالة «رويترز» عن العمل، وسحبت رخصته وبطاقته الصحافية. وقالت «لجنة أطباء السودان المركزية»، التي درجت على الإشراف على ضحايا الاحتجاجات، إن رجلاً في الثانية والستين من العمر، ويعمل «بائع خضراوات»، لقي مصرعه اختناقاً بالغاز المسيل للدموع، بعد فشل المحاولات الإسعافية التي أجريت له في مستشفى الخرطوم بحري التعليمي.
وأدانت اللجنة، في نشرة صحافية، استخدام الغاز كسلاح قاتل في صورته الخانقة، وكمقذوف أصاب بالضرر الجسيم عدداً من المحتجين والمواطنين، وحمّلت النظام الحاكم المسؤولية عما سمته «جرائم القتل». وبحسب شهود، فإن مدنية «الخرطوم بحري» شهدت مظاهرة حاشدة استجابة لدعوة تحالف «قوى الحرية والتغيير»، تحت اسم «موكب الشهداء»، فرقتها الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع بكثافة، بعد أن نشرت قوات أمنية كبيرة في المدينة، الهدف منها الحيلولة دون تجمع المتظاهرين. ورغم التحوط الأمني اللافت، والعشرات من آليات مكافحة الشغب، وسيارات نصف نقل من طرازي «لاندكروزر» و«بك آب»، وقاذفات قنابل الغاز، وآلاف الأفراد الذين احتشدوا منذ وقت مبكر حول المكان المحدد للتجمع، فإن المئات من المتظاهرين رددوا هتافات مطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته. وفور تفريق المظاهرة الرئيسية في وسط مدينة الخرطوم بحري، انتظمت احتجاجات فرعية في أحياء المدينة، وعلى وجه الخصوص أحياء «الدناقلة، وشمبات، وبري، والشعبية، والمزاد، وديوم بحري، والحتانة»، وتواصلت معارك الكر والفر مع القوات الأمنية طوال النهار.
وتكوّن تحالف «قوى التغيير والحرية» من تجمع المهنيين السودانيين، وتحالف قوى الإجماع الوطني، وتحالف نداء السودان، وعدد من التنظيمات السياسية والمدنية المعارضة، بالتحاق قوى المعارضة بالتجمع الذي تصدى لتنظيم وقيادة المظاهرات والاحتجاجات في البلاد منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ونددت لجنة الأطباء المركزية باستخدام قنابل الغاز كمقذوفات تصوب مباشرة، وعن قصد، ومن أمكنة قريبة، تجاه رؤوس المتظاهرين، وهو الأمر الذي تسبب في فقدان عدد من المتظاهرين لأعينهم، وإحداث إصابات بليغة بآخرين. وأشارت إلى أن «قنابل الغاز» تطلق عادة أفقية، حتى لا يتحول المقذوف إلى «إطلاقة مميتة»، وهو ما تفعله أجهزة الأمن.
ووفقاً لصور وفيديوهات نشرها نشطاء ومعارضون على الشبكة الدولية للمعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن المئات استهلوا التظاهر في المكان المحدد، وإن القوات الأمنية أطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع بكثافة.
وقالت متظاهرة لـ«الشرق الأوسط» إنها ورفاقها لن يستسلموا، ولن يتوقفوا عن التظاهر حتى إسقاط النظام، وأضافت: «باستمرار مظاهراتنا نكون قد وضعنا مسماراً في نعش نظام الرئيس البشير». كما قال المتظاهر إبراهيم إن مظاهرة أمس تؤكد أن الشباب والمواطنين الذين واظبوا على الخروج والمشاركة في الاحتجاجات طوال شهرين لن يعودوا إلى بيوتهم قبل تحقيق أهدافهم، وأضاف: «استطاعت مظاهراتنا انتزاع المبادرة من الحكومة، فصرنا نصنع الفعل لتكون هي رده، ما جعلنا نكسب في كل يوم معارضين جدداً».
ويغلب على المتظاهرين السودانيين أنهم شباب لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً، والعدد الأكبر منهم نساء وفتيات. وبحسب المحللين، فإنهم أفلحوا في «كسر حاجز الخوف من آلة النظام القمعية»، واللافت والمثير أن عدداً كبيراً من أبناء المسؤولين في الحكومة والحزب الحاكم والأجهزة النظامية شاركوا في تلك الاحتجاجات، مما سبب لذويهم الذين يحتلون مناصب ورتب رفيعة حرجاً بليغاً.
ومن جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن السلطات أوقفت مصور وكالة الأنباء الدولية «رويترز»، الطيب صديق، عن العمل، وعطلت رخصته، وسحبت بطاقته الصحافية التي تخول له العمل، على خلفية ما تنشره الوكالة من صور للمظاهرات والاحتجاجات. كما لا يزال مراسل فضائية «العربية»، التي تبث من مدينة دبي، سعد الدين حسن، ممنوعاً من مزاولة عمله منذ سحب بطاقته الصحافية قبل أسابيع، وحرمانه من حقه في العمل، ومعه بعض مراسلي قنوات تلفزيونية عربية ودولية أخرى. ويعد توقيف الصديق استمراراً للمضايقات التي تفرضها السلطات الأمنية على الصحافة في البلاد، للحيلولة دون تغطية الاحتجاجات والمظاهرات، عن طريق مصادرة الصحف بعد الطباعة، ومنعها من نشر الأخبار، وفرض رقابة مسبقة مشددة على ما ينشر فيها. وتحولت الاحتجاجات والمظاهرات التي يشهدها السودان منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى حالة يومية، ولا تكاد تخلو منطقة في البلاد من مظاهرة، بل إن مواقع التواصل الاجتماعي تنقل صوراً لـ«أفراد» اختاروا التظاهر وحدهم. وشهدت ليلة أول من أمس احتجاجات ليلية في عدد من أحياء العاصمة الخرطوم، وعدد من مدن البلاد الأخرى، استجابة لطلب قوى الحرية والتغيير، وتجمع المهنيين السودانيين، التظاهر الليلي طوال الأسبوع، تمهيداً للموكب المركزي الذي درجت على تنظيمه كل يوم خميس منذ ابتداء الاحتجاجات.
وأعلن التجمع والقوى الحليفة له عن مشاركة قيادات المعارضة لأول مرة في المظاهرة المقرر لها أن تنظم في وسط الخرطوم، الخميس المقبل، وهو الأمر الذي يعده المراقبون «تحولاً نوعياً» في الاحتجاجات. وقتل في المظاهرات المستمرة منذ شهرين نحو 30 شخصاً، بحسب الحصيلة الرسمية، فيما قالت منظمة العفو الدولية، قبل أسابيع، إن العدد تجاوز الـ40 قتيلاً، بينما يؤكد حزب الأمة المعارض أن العدد فاق الـ50 قتيلاً.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.