إيران تصعّد دبلوماسياً ضد باكستان بعد حادثة «الحرس الثوري» في زاهدان

عادت إيران بعد تفجير زاهدان الذي أدى إلى مقتل 27 من «الحرس الثوري» الإيراني، إلى التصعيد الدبلوماسي تجاه باكستان، حيث نقلت وكالات حكومية إيرانية أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي طلب من السفيرة الباكستانية في طهران، رفعت مسعود، إبلاغ حكومة بلادها «طلبا إيرانيا للحكومة الباكستانية بالتصدي لمجموعات مسلحة مدعومة من السعودية والإمارات»، فضلا عن تحذير إيراني لباكستان بشأن عدم تأثر العلاقات الباكستانية - الإيرانية بـ«سوء سلوك» السعودية والإمارات وأميركا وإسرائيل.
وكان مجلس الأمن القومي الإيراني عقد، أمس، اجتماعا بحضور مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي ناقش فيه الهجوم ضد قوات «الحرس الثوري» من مختلف الأبعاد. وقال تقرير لـ«الحرس الثوري» حول الحادث إن «الهجوم وقع بدعم مخابراتي سعودي وإماراتي»، وإنه تم «نقل المتفجرات من الأراضي الباكستانية».
وأكد الدكتور عبد الله العساف، أستاذ الإعلام السياسي، أن النظام الإيراني لا يزال يعاني من تداعيات الاصطفاف الدولي في اجتماعات وارسو، «لأنه أصبح تحت مجهر العالم بسبب جميع الممارسات غير الأخلاقية والإرهابية للنظام الإيراني».
وأشار العساف في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن «إيران تجيد افتعال الأزمات، وأدركت جيدا أن زيارة ولي العهد السعودي لباكستان ستعمق التحالف السعودي – الباكستاني، مما استدعى منها محاولة (التشويش) على هذه الزيارة بافتعال هذا العمل الاستخباراتي المنظم والذي قامت به الاستخبارات الإيرانية مدعومة من (الحرس الثوري)».
واستطرد العساف بأن «هذا العمل يعيد إلى الأذهان حادثة التفجير الذي قامت بها أيضا المخابرات الإيرانية قبل أقل من عامين عند قبر الخميني وادعت أن جماعات إرهابية تتبع السعودية هي التي قامت بهذا العمل، وإلى اليوم لم تظهر نتائج وتداعيات هذه الحادثة التي استعادتها إيران، مما يدلل على عدم صدقيتها»، مضيفا أن النظام الإيراني «يمتهن صناعة الأزمات لعلاج الأزمة التي يعاني منها، ويسعى مرة أخرى إلى اصطفاف الإيرانيين بجانبه... وأدركت جيدا أن أيامها في السلطة محدودة، فحاولت مرة أخرى استجلاب عطف الشعب الإيراني للوقوف مع النظام ضد ما سيرد من عقوبات محتملة ربما تكون من قبل الأسرة الدولية ردا على الانتهاكات الإرهابية التي تمارسها إيران سواء بالتدخل في شؤون المنطقة، أو انتهاكها القرارات الأممية التي تحذرها من ممارسة الأعمال العدائية».
وكان محمد علي جعفري قائد «الحرس الثوري» الإيراني توعد السلطات الباكستانية بـ«دفع ثمن الهجوم»، وفي الوقت نفسه طالب بـ«شن حملة واسعة النطاق على من سماهم المتمردين الذين يتخذون من الحدود الباكستانية مع إيران ملاذا آمنا ويهاجمون الأراضي الإيرانية» حسب قوله.
وجاءت أقواله بعد 3 أيام من هجوم استهدف حافلة تقل عناصر من «الحرس الثوري» في طريق عودتها من الحدود الباكستانية إلى مدينة زاهدان، ما أدى إلى مقتل 27 عنصرا وجرح 13 آخرين. وتبنت جماعة «جيش العدل» البلوشية المعارضة المسؤولية عن الحادث الذي جاء بعد أسابيع قليلة من هجوم آخر شنه مقاتلون بلوش على مركز لـ«الحرس الثوري» في مدينة تشابهار الساحلية على بحر العرب ما أدى إلى مقتل عدد كبير من قوات «الحرس الثوري» هناك.
وتدعي السلطات الإيرانية أن «جيش العدل» يعمل من الأراضي الباكستانية ويتخذ منها ملاذا آمنا لأفراده، مطالبة السلطات الباكستانية بوقف هذه الهجمات وشن حملة اعتقالات واسعة على أنصار «جيش العدل»، فيما نفت الجماعة مرات عدة أن يكون مقاتلوها خارج الأراضي الإيرانية، وتقول إنه مقاتليها يتنقلون من مناطق إلى أخرى في الجبال الوعرة قرب الحدود مع باكستان.
كما تنفي باكستان بدورها دوما علاقتها بهجمات تنظيمات انفصالية إيرانية أو أن هذه التنظيمات تعمل من داخل الأراضي الباكستانية، وتعد السلطات الباكستانية منظمة «جيش العدل» خارجة عن القانون ومحظورة.
ونقلت صحيفة «ذا نيوز» الباكستانية عن مصادر دبلوماسية قولها إن باكستان «لن تتجاهل تهديدات قائد (الحرس الثوري)»، وإن إسلام آباد تسعى لتهدئة الأمور مع إيران، وإن إجراء قد يتخذ خلال يومين حيال الأزمة. ومن المتوقع وصول وفد باكستاني رفيع المستوى إلى طهران لشرح موقف باكستان وتهدئة السلطات الإيرانية.
وكان جعفري اتهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بدعم الجماعات المناوئة لطهران.
وفي معرض تهديده باكستان قال جعفري: «لماذا يعطي الجيش الباكستاني حق اللجوء لعناصر معادية للثورة الإيراني؟ من دون شك؛ باكستان ستدفع ثمنا فادحا. في العام الماضي كان هناك نحو 7 عمليات انتحارية تم تحييدها، لكنهم نجحوا في القيام بهذه العملية»؛ كما قال جعفري في تأبين ضحايا الهجوم.
وقلل العميد سلطان هالي، الناطق السابق باسم سلاح الجو الباكستاني، من أهمية التهديد الإيراني لبلاده بالقول إن على إيران معالجة أزمتها الداخلية داخل حدودها، «وفي كل الهجمات التي اتهمت فيها باكستان بأنها ملاذ آمن للمسلحين المناوئين لطهران، لم تثبت الحكومة الإيرانية صحة ادعائها، والهجمات وقعت داخل الأراضي الإيرانية وليست على الحدود بين البلدين، أو أن المسلحين هاجموا وانسحبوا باتجاه باكستان» وأضاف العميد سلطان هالي أن «إيران من مصلحتها الحديث عن طرف خارجي يحيك المؤامرات ضدها، وذلك يساعدها في حشد الشارع الإيراني الذي تظاهر ضد الحكومة كثيرا خلال الشهور الماضية».
وقال الشيخ فضل الرحمن خليل، زعيم جماعة «الأمة» في باكستان، إن السلطات الإيرانية لا تجرؤ على شن هجوم على باكستان أو اجتياز الحدود، لأن «قوات باكستان سوف تتصدى لها، وإيران ليست كفؤا لباكستان عسكريا، كما أن أي هجوم إيراني على باكستان يعني تحالفا عسكريا معلنا بين باكستان ودول الخليج مقابل تنامي العلاقات الأمنية والاستخبارية والاقتصادية بين إيران والهند، وستكون باكستان ودول الخليج في موقف أفضل من موقف إيران لأن الهند لن تغامر بحرب عسكرية إلى جانب إيران».