البرلمان المصري يُحضر لـ«حوار مجتمعي» بشأن تعديل الدستور

اللجنة «التشريعية» تتلقى المقترحات لمدة شهر

TT

البرلمان المصري يُحضر لـ«حوار مجتمعي» بشأن تعديل الدستور

بعد موافقته المبدئية، نهاية الأسبوع الماضي، على تعديل دستور البلاد، أعلن البرلمان المصري، أمس، أنه يعمل على تحضير جلسات «حوار مجتمعي» بشأن مشروع التعديلات التي تستهدف مواد عدة، أهمها ما يتعلق بزيادة فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات، ومنح وضع انتقالي للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي يسمح بترشحه لفترتين إضافيتين (حتى عام 2034)، وكذلك تعديل طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية والنائب العام.
وقال رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، بهاء أبو شقة، في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الرسمية المصرية، أمس، إن «المناقشات وجلسات الاستماع ستكون علنية، وتتيح المجال للتعبير عن مختلف الآراء بحرية».
ووافقت الجلسة العامة في البرلمان، بشكل مبدئي، الخميس الماضي، على مقترحات التعديل، بموافقة 485 نائباً، ورفض 17 آخرين، فيما عد رئيس «النواب»، الدكتور علي عبد العال، أن التعديلات «استجابة لأسباب واقعية وقانونية، وبهدف تبني عدد من الإصلاحات في تنظيم سلطات الحكم». ومن المقرر أن تنتهي اللجنة «التشريعية» من صياغة المقترحات في غضون شهرين على الأكثر، وتقديمها للجلسة العامة للبرلمان للتصويت عليها بشكل نهائي، قبل دعوة المصريين للاستفتاء عليها.
ونوه أبو شقة بأن «جلسات الحوار بشأن تعديلات الدستور تأتي في ضوء خطة منظمة تضعها اللجنة للاستماع بشفافية ووضوح لكل الآراء»، وشرح أن «التشريعية» تعمل حالياً على «تلقي كافة المقترحات والملاحظات، في حدود المواد المطروح تعديلها، من الأعضاء والجهات والمؤسسات المختلفة، بالإضافة إلى المواطنين، وذلك خلال شهر».
وأشار إلى أنه من المقرر أن تعقد في «أعقاب ذلك (تلقي المقترحات) جلسات الاستماع خلال مدة أسبوعين، وبحد أدنى ست جلسات».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين القانونية للولاية الثانية، أمام مجلس النواب، بعد إعلان فوزه في انتخابات نافسه فيها مرشح واحد. وتحدد المادة (140) من الدستور الساري الفترة الرئاسية بـ«4 سنوات ميلادية»، كما تحظر «إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة».
وأوضح أبو شقة أن اللجنة تستهدف فتح حوار شامل جامع مع جميع طوائف الشعب والقوى السياسية، وزاد: «ليس لدينا ما نخفيه، فنحن نؤسس لدولة عصرية ديمقراطية حديثة».
وبشأن طبيعة الشخصيات التي تستهدف اللجنة حضورها لجلسات الاستماع، قال إنه سيكون بينهم «أساتذة القانون الدستوري، وأساتذة الجامعات، ورجال القضاء والمجالس القومية المتخصصة (المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للأمومة والطفولة، والمجلس القومي لحقوق الإنسان)، بالإضافة إلى الاستماع للنقابات المهنية والأحزاب السياسية، لا سيما الممثلة في مجلس النواب، فضلاً عن مشاركة الشخصيات العامة والمفكرين والإعلاميين، لكي نكون بصدد رؤية واضحة، وفق الآراء المعبرة عن كافة طوائف الشعب المصري السياسية والفكرية».
ويسعى مقدمو مسودة المقترحات إلى تعديل المادة (139) من الدستور، التي تنظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، والتي تشير (في صورتها الحالية) إلى أن اختيار رئيس المحكمة، ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين، يكون بناء على قرار الجمعية العمومية لها، ويُصدر الرئيس قرار تعيينهم، لكن المقترح يسعى إلى منح رئيس الدولة سلطة اختيار رئيس «الدستورية» من بين أقدم 5 نواب، كما يعين نائب رئيس المحكمة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم