نيودلهي تستعد لاستقبال ولي العهد السعودي بشراكة استراتيجية

مرحلة جديدة من التعاون الشامل واتفاقيات تشمل مجالات الطاقة

ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان
ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان
TT

نيودلهي تستعد لاستقبال ولي العهد السعودي بشراكة استراتيجية

ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان
ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان

تستعد نيودلهي لتدشين مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي الشامل سياسيا واقتصاديا مع الرياض، مع استقبالها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، حيث من المتوقع أن تشهد اتفاقية تشكيل المجلس التنسيقي الأعلى مع الهند، مع توقعات بتوقيع عدة اتفاقيات بين الجانبين، في مجالات الطاقة والاستثمار وغيرها، إضافة إلى عقد مجلس الأعمال المشترك السعودي - الهندي.
وعن زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى الهند، قال الدكتور كامل المنجد رئيس مجلس الأعمال السعودي، في اتصال هاتفي، إن الزيارة تاريخية، إذ أنها تكمل سلسلة بدء العلاقات بين البلدين، فكانت أولى خطواتها زيارة الملك سعود رحمه الله عام ١٩٥٥ للهند.
وأوضح المنجد لـ«الشرق الأوسط» أن آخر خطوات هذه السلسلة الزيارة الناجحة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للهند عام ٢٠١٤. وتحدث رئيس مجلس الأعمال السعودي الهندي عن أهمية العلاقة بين البلدين، بالإضافة إلى أنها موطن لأكبر جالية هندية في العالم فإنها تستورد ٢٠ في المائة من احتياجاتها النفطية من السعودية، أي حوالي مليون برميل في اليوم، فهي قوه اقتصادية عظمى على المستوى العالمي. ولفت المنجد إلى أن نموّ الاقتصاد الهندي بلغ العام الماضي 5.7 في المائة العام الماضي، مبينا أنها تمثل أعلى نسبة نمو اقتصادي، في العالم حيث إنها تعدّت الصين التي بلغت نسبة النمو الاقتصادي فيها 5.6 في المائة.
ووفق المنجد، فإن التقارير الاقتصادية الدولية، توقعت أن تقفز الهند من المرتبة الـ7 في العالم حاليّاً، حيث إن حجم اقتصادها يبلغ 2.3 تريليون دولار، إلى المرتبة الـ3 وذلك بأكثر من 5 تريليونات دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأكد رئيس مجلس الأعمال السعودي الهندي، أن السعودية ستستفيد من بناء شراكة قويّة مع الهند لما عندها من قوّة علمية وقاعدة صناعية وقوّة استهلاكية ضخمة ستستفيد منها الشركات السعودية، في ظل العديد من الشراكات القائمة والتعاون الاقتصادي المثمر، مؤكدا أن العلاقة بين البلدين، استراتيجية وقوية ومؤسسة على أسس متينة وثابتة، متطلعا لتعزيز هذه العلاقات من خلال إنشاء مشاريع مشتركة في مجالات جديدة والعمل على حماية الاستثمارات المشتركة.
وكان رئيس وزراء الهند نارندرا مودي، في آخر زيارة له للرياض أكد أن بلاده تخطط لإنشاء 170 جيجاواط من محطات توليد الطاقة، وأنها تحتاج لبناء 50 مليون وحدة إسكانية، داعيا السعوديين للاستثمار فيها، أكد فيها أنه سيجعل منها سعودية ثانية في القارة الهندية، مشيرا إلى أن بلاده على استعداد لتمليك أي مستثمر أي مصنع أو مؤسسة بنسبة 100 في المائة.
وتتطلع نيودلهي، للاستثمار السعودي في تنقيب البترول والغاز والطاقة المتجددة والسكة الحديد والصناعات التكنولوجية، بجانب عدة مجالات، منها الأسمدة والنقل بالإضافة إلى تكنولوجيا المعلومات والأمن والتعدين والإسكان، ومجالات التصنيع الغذائي والرعاية الصحية وقطاع التأمين وغيرها من المجالات.
وتتسم العلاقة بين الرياض ونيودلهي، بعمق العلاقات التاريخية والعميقة بين البلدين والتي تعود لقرون مضت، حيث إن كثيرا من بلدان العالم تنظر إلى الهند كأحد الاقتصاديات الأسرع نموا في العالم باعتبارها تحمل عضوية العديد من المنظمات والوكالات العالمية المرموقة، ما يعني الكثير لجدوى التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وتمثّل الشركات الهندية، حضورا قويّا في السوق السعودية، حيث تعمل بشكل رئيسي في مجالات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التحويلية، في حين أن الهيئة العامة للاستثمار، أصدرت أكثر من 400 رخصة حديثا لشركات هندية حتى تبدأ في مشاريع مشتركة، مما رفع القيمة الإجمالية للاستثمارات الهندية لنحو 1.6 مليار دولار.
وهناك ثلاث ميزات وأصول رئيسية تجلب الأنظار للهند تتمثل في العمق الجغرافي والبشري وما تمتلكه من مهارات وتقنية، حيث تمثل الهند سوقا كبيرة، إذ إن هذه الميزات والأصول ذات قيمة كبرى وجعلت من الهند دولة راسخة في حين تشهد تطورا في التكنولوجيا في مختلف القطاعات، ولا سيما في المجال الصحي، وتشكل جانبا كبيرا من الاستثمار الأجنبي المباشر، مما جعلها تتمتع بميزة في هذا القطاع تجعلها الأقل سعرا على مستوى العالم.
ونفذت الهند، عددا من المبادرات الاقتصادية، لتحسين السياسات، حيث إن ثمة سياسات جديدة من شأنها أن تعالج الكثير من المشكلات المهمة سواء ما يخص المستثمرين بشكل عام أو المواطن، في ظل فرصة واسعة للتعاون بين البلدين في قطاع الرعاية الصحية والطبية، والتدريب لرفع مستوى مهارات العاملين في هذا النشاط، إضافة إلى قطاعات أخرى مثل الأسمدة والنقل والطاقة المتجددة والإسكان والتعدين والأمن المعلومات والتصنيع الغذائي والتأمين.
وبالمقابل فإن السعودية، بصدد تنفيذ مشروعات كبيرة طموحة، تتمثل في برنامج التحول الوطني والذي يهدف لتنمية الاقتصاد الوطني لما هو أبعد من قطاع النفط وذلك بإضافة قطاعات مبنية على المعرفة تدعم تنمية إنتاجية وتنافسية متوازنة ومستدامة في جميع أنحاء المملكة.
وتتسم العلاقات السعودية – الهندية، بالتطور المتسارع مما جعل الوقت مناسبا للانتقال بهذه العلاقات لمرحلة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية ويعزز ذلك حرص القيادات العليا، وحرص القطاع الخاص في كلا البلدين على توثيقها ودعمها من خلال الزيارات المتبادلة وإبرام العديد من الاتفاقيات الهادفة إلى رفع مستوى التعاون الاقتصادي والفني بين البلدين، والتي كان أهمها اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار المتبادل، واتفاقية منع الازدواج الضريبي.
وارتقت العلاقات العسكرية والسياسية إلى مستوى جيد، بدأت مع مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله عندما زار الهند في عام 2006. في حين أن زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز للهند في عام 2014 عندما كان وليا للعهد، عمّقت العلاقات ومنحتها قوة ودفعا أكبر، وقع خلالها، عدة اتفاقيات عسكرية وأمنية، أعطت زخما كبيرا للعلاقات بين البلدين.
وتحتضن السعودية، نحو 500 شركة هندية مسجلة في الهيئة العامة للاستثمار السعودية، حيث إن الشركات الهندية لديها مليارات الريالات من مشاريع في البنى التحتية والمترو والغاز مع «أرامكو» في حين أن هناك عددا من الشركات الكبيرة والمتوسطة الهندية تعمل في السوق السعودية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».