مصر: تخفيض أسعار الفائدة غير متوقع... لكنه مصدر ترحيب

القرار يأتي بخلاف توقعات السوق

تخفيض أسعار الفائدة واحداً في المائة أعطى إشارات لشركات البحوث بتوقع خفض جديد قبل يونيو (رويترز)
تخفيض أسعار الفائدة واحداً في المائة أعطى إشارات لشركات البحوث بتوقع خفض جديد قبل يونيو (رويترز)
TT

مصر: تخفيض أسعار الفائدة غير متوقع... لكنه مصدر ترحيب

تخفيض أسعار الفائدة واحداً في المائة أعطى إشارات لشركات البحوث بتوقع خفض جديد قبل يونيو (رويترز)
تخفيض أسعار الفائدة واحداً في المائة أعطى إشارات لشركات البحوث بتوقع خفض جديد قبل يونيو (رويترز)

قال رجل الأعمال المصري محمود خطاب إن تخفيض أسعار الفائدة من قبل لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري «قرار رائع بكل المقاييس ويخدم الاستثمار»، داعيا بالمزيد من تلك الإجراءات.
وقررت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي خفض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة الواحدة والعملية الرئيسية بنحو 100 نقطة أساس لتصل إلى 15.75 في المائة و16.75 في المائة و16.25 في المائة على التوالي، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنحو 100 نقطة أساس ليصل إلى 16.25 في المائة، مما يعني إزالة 300 نقطة أساس من أصل 400 نقطة أساس تم رفعها في 2017 وأُعلن أنها مؤقتة.
القرار يأتي بخلاف توقعات السوق، إلا أن التخفيض يشير إلى استئناف السياسة النقدية التوسعية التي بدأها البنك المركزي في فبراير (شباط) 2018، مما يؤكد توقعات باستمرار احتواء الضغوط التضخمية خلال النصف الأول من 2019.
وأضاف خطاب رئيس مجلس إدارة شركة بي تك، للأجهزة الكهربائية والإلكترونية، أن «أسعار الفائدة في مصر مرعبة، وهذا الرعب تم تخفيضه 1 في المائة، إلا أننا نتمنى تخفيض الفائدة لتشجيع الاستثمار في البلاد». موضحاً أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الأرباح والإيرادات والمبيعات وبالتالي حجم العمالة.
ورفع أسعار الفائدة يأتي بالأساس لكبح جماح التضخم، الذي بلغ 12 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) من 15.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وفقا للجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء.
يقول تقرير بحثي من شركة بلتون المالية إن «تسجيل مستوى منخفض جديد لقراءة التضخم العام في ديسمبر 2018، سيساعد في الحفاظ على التضخم في نطاق 14 - 15 في المائة خلال العام 2019».
وأكد البنك المركزي المصري في بيانه أنه من السهل تطبيق سياسة نقدية توسعية بعد تحقيق أول هدف للتضخم بحدود 13 في المائة أعلى أو أقل 3 في المائة خلال الربع الرابع من 2018.
غير أن خطّاب يقول في رده على سؤال حول تأثير خفض أسعار الفائدة على الاستثمار، في مؤتمر عقده للتحدث عن تطور سوق الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في مصر، إن الأمر سينعكس بالضرورة على الاستثمار وسياسات التسعير «لكن ليس بدءا من غد أو خلال شهر، لكن الأمر يتطلب وقتا وأيضا يحتاج رؤية مستقبلية واضحة» للسياسة النقدية.
وقالت بلتون إن تخفيض الفائدة «قرار جريء ينعش شهية الاستثمار في كافة القطاعات، إلا أن الوقت لا يزال سابقا لأوانه على تعاف حقيقي للاستثمار الخاص مما لا يشكل ضغوطا على الجنيه». مضيفة أن «خفض أسعار الفائدة الذي اشتدت الحاجة إليه سيحسن بالتأكيد الثقة في بيئة الأعمال، خاصة مع المستثمرين المحليين». ولكنها ترى أن تحقيق الإمكانيات الكامنة في إقراض الإنفاق الرأسمالي سيتطلب خفضاً آخر لأسعار الفائدة.
الجدير بالذكر أن أسعار الفائدة في مصر شهدت ارتفاعاً قوياً بنحو 700 نقطة أساس منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016.
وترى بلتون فرصة لخفض آخر لأسعار الفائدة في النصف الأول من العام 2019 مقابل توقعاتها السابقة بخفض أسعار الفائدة بنسبة 1 في المائة فقط في 2019.
وتأثرت القوة الشرائية في مصر بارتفاع معدلات التضخم، فضلا عن ارتفاع أسعار الفائدة، الذي شجع الكثيرين على الادخار لضمان عائد ثابت كبير، غير أن خطّاب قال لـ«الشرق الأوسط» إن «سوق الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في مصر شهدت نموا جيدا خلال السنة الماضية، لأن الأجهزة المنزلية أساسيات وليست رفاهيات»، مشيرا إلى خطط بي تك لضخ نحو 320 مليون جنيه خلال العام الجاري، مقابل 200 مليون جنيه تم ضخها العام الماضي.
وأوضح أن أنظمة الدفع المتنوعة في الشركة حافظت على استمرار معدلات النمو، والتي بلغت نحو 26 في المائة خلال العام 2018، مقابل 46 في المائة خلال العام 2017، متوقعا بلوغها 30 في المائة خلال العام الجاري.
وتصدرت أجهزة التليفون المحمولة مبيعات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، خلال العام الماضي، حيث بلغ حجم السوق نحو 18 مليون جهاز بقيمة 41 مليار جنيه خلال العام 2018، وذلك مقابل 15.5 مليون جهاز بقيمة 29 مليار جنيه في العام 2017.
أحمد خيري الخبير في قطاع التجزئة قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك شركات لجأت للتفكير خارج الصندوق بعد تأثر القوة الشرائية في مصر، بارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وهو ما أدى إلى خروج شركات صغيرة من سوق التجزئة». مشيرا إلى أنظمة التقسيط التي لجأ إليها فئات متنوعة وكثيرة من المصريين، للتحايل على ارتفاع الأسعار.
وأضاف خيري، أن «أسعار الفائدة المنخفضة ستسهم بالتأكيد في سرعة دورة رأس المال بالنسبة لقطاع التجزئة، وهو ما سيعود بالإيجاب على الشركات العاملة في القطاع».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».