مدينة حدودية تركية تشكل مركز التسوق لمقاتلي «داعش»

قيادي بالتنظيم: اعتدنا تلقي مصابينا العلاج في المستشفيات التركية

مدينة حدودية تركية تشكل مركز التسوق لمقاتلي «داعش»
TT

مدينة حدودية تركية تشكل مركز التسوق لمقاتلي «داعش»

مدينة حدودية تركية تشكل مركز التسوق لمقاتلي «داعش»

قبل أن تمنحهم الهجمات على العراق لقب التنظيم الأكثر رعبا في منطقة الشرق الأوسط، تعامل الجهاديون في تنظيم «داعش» مع تلك المدينة التركية القريبة من الحدود السورية على أنها مركز التسوق الخاص بهم. وحرصا منها على مد يد العون والمساعدة لكل من يقاوم الرئيس السوري بشار الأسد، بسطت تركيا لهم السجادة الحمراء.
وبين أكشاك السوق التي تعلوها الأتربة، ومتاجر البقلاوة، يتحدث الناس عن المقاتلين المتشددين الذين يجولون بحرية أثناء عرضهم الملابس العسكرية وأحدث الهواتف الذكية من طراز سامسونغ. ويتلقى المقاتلون المصابون التابعون لتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» – وهي ذراع من أذرع «القاعدة» تعمل كذلك على محاربة الحكومة السورية - العلاج في المستشفيات التركية. وغض الأتراك الطرف، في الوقت الذي تحولت فيه الريحانية وغيرها من المدن التركية إلى محطات على الطريق لانتقال المقاتلين الأجانب وتهريب الأسلحة عبر الحدود.
«رحبت تركيا بكل من يحارب بشار الأسد، وهم يُعملون آلة القتل وينشرون المرض، ونسدد جميعا الثمن»، على نحو ما صرح به تامر أبيس، وهو سياسي من الريحانية، حيث تسببت سيارتان مفخختان في مقتل 52 شخصا العام الماضي. وفي مدينة قريبة منها، صادرت السلطات التركية سيارة أخرى محملة بالمتفجرات في شهر يونيو (حزيران)، مما أثار المخاوف بشأن حملة تستلهم خططها من تنظيم «داعش» لتصدير الفتنة الطائفية إلى داخل تركيا. قال أبيس: «لم نكن نحن المقصودين فحسب، ولكنها الفوضى التي خلقتها تركيا».
عادت الآلة العسكرية الأميركية للعمل مرة أخرى فوق الأجواء العراقية، حيث نفذت الغارات الجوية ضد المتشددين الذين سيطروا على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا. ولكن لعدة شهور، تمكن المسلحون من تنمية قوتهم بصورة جزئية عن طريق استغلال المنطقة الحدودية لتركيا – العضو في منظمة حلف شمال الأطلسي – بصفتها طريقا حيويا واستراتيجيا للإمدادات ونقطة عبور لشن حربهم. ساور تركيا القلق من القوة المتنامية لتنظيم «داعش»، مما دفعها إلى اتخاذ الإجراءات وتضييق الخناق. واتخذ المسؤولون الأتراك، بالتنسيق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسائل لاعتقال المقاتلين الأجانب الذين يحاولون العبور إلى سوريا، وشنت الهجمات العسكرية التي تهدف إلى عرقلة وإيقاف تهريب الأسلحة والمؤن عبر الحدود. ولكن في منطقة محاطة بصراع يتمدد، فإن تركيا بالفعل تجني ما زرعته يداها؛ فهي تشتبك في حوادث إطلاق النار مع المتمردين الذين قدمت إليهم ذات مرة المساعدات التكتيكية. وهي حاليا في مواجهة حالة من العنف غير المباشر، بينما هناك موجة خوف في المدن التركية حال انتصار تنظيم «داعش» على حساب الجماعات المعارضة المنافسة.
ورغم التدابير المتخذة حديثا، لا يزال التنظيم ينزلق من بين شقوق الشبكة التركية، مما يثير الشكوك حيال الجهود الدولية لتشديد القبضة الخانقة على الجماعة المتطرفة، المعروف عنها تنفيذ حالات الإعدام العلنية وقطع رؤوس الأعداء.
وقال أبو يوسف، (27 سنة)، وهو مسؤول أمني كبير بتنظيم «داعش»، في مقابلة شخصية جرت أخيرا بالمقعد الخلفي لسيارة «هوندا» في مدينة الريحانية: «لم يعد المجيء إلى تركيا بالسهولة التي عهدناها من قبل. أنا نفسي كان يتحتم علي الانتقال عبر المهربين حتى أصل إلى هنا، ولكن كما ترى، لا تزال لدينا طرقنا وأساليبنا».
وأضاف يوسف، وهو الاسم الحركي لمقاتل أجنبي أوروبي المولد التحق بالجماعة قبل سنتين ونصف السنة، وكان يرتدي قميص بولو ويعتمر قبعة بيسبول لكي يختفي بين شوارع تركيا العلمانية: «إننا لا نؤمن بالدول... إن هدفنا هو كسر وتحطيم الحدود كافة. إن المهم هو الإسلام».
وقال يوسف عندما سئل عن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة: «إننا لا نخشى الولايات المتحدة، إننا لا نخشى إلا الله. نحن نقاتل كل من يقاتلنا. وإذا كانت الولايات المتحدة تقصفنا بالزهور، فسوف نرد عليها بالزهور. ولكن، إذا قصفتنا بالنيران، فسوف نرد عليهم بالنيران، حتى داخل أراضيهم. وسوف يكون الحال كذلك مع أي دولة غربية».
وبالنسبة لتركيا، ليس من المفترض أن يكون الأمر كذلك. فقد بدأت تركيا حليفا وثيقا لنظام الأسد، ثم كسر رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان الحلف مع دمشق بعدما شن الزعيم السوري هجوما دمويا على المعارضين في عام 2011، ثم سرعان ما ظهر إردوغان صوتا رائدا داعيا إلى اتخاذ التدابير الدولية لإسقاط الرئيس السوري.
ولكن بالنسبة لإردوغان، المستبد الكاريزماتي الطامح إلى بناء نفوذ جديد من الهيمنة العثمانية فوق منطقة الشرق الأوسط، فإن التحرك لأجل تقديم الدعم التكتيكي لرقعة واسعة من المعارضة السورية قد خرج بنتائج عكسية، ونتج عنه إحدى سلاسل الانتكاس الأخيرة في الداخل والخارج.
احتجز تنظيم «داعش»، خلال توغل له في مدينة الموصل بشمال العراق في شهر يونيو (حزيران)، 80 رهينة تركية – ومن بينهم زمرة من الدبلوماسيين – ولا يزال 41 منهم قيد الاحتجاز حتى الآن. هذا وقد تدفق أكثر من مليون لاجئ عبر الحدود التركية منذ بداية الصراع في سوريا، مما كلف الحكومة التركية أكثر من ثلاثة بلايين دولار. وبلايين أخرى ضاعت في الأعمال والتجارة عبر الحدود مع سوريا والعراق.
«إن ذلك يدمرنا»، هذا ما قاله حسين سوروكو، مالك شركة راي - تور، وهي شركة نقل في الريحانية شهدت انخفاضا في أعمالها بنسبة 60% منذ بداية الأزمة السورية. وقد انفجرت إحدى القنابل التي ضربت المدينة على بعد عدة أقدام من مقر شركته، وأدت إلى مقتل صديق لعائلته.. «إننا جميعا خائفون لأننا نعلم أن الكثير من المتاعب في الطريق». وكان المسؤولون الأتراك قدموا الدعم العلني للمزيد من فصائل المعارضة السورية البارزة. ولكن وفي المراحل الأخيرة من الصراع، صنفت بعض الفصائل على أنها جماعات إرهابية. وفي ضوء صعوبة التقييم الدقيق للولاءات فيما بين المعارضة، سمحت تركيا من دون تمييز للأسلحة والمقاتلين بالتدفق عبر الحدود، ويستولي القلق البالغ على الدبلوماسيين الغربيين، والمسؤولين المحليين، والخبراء الأمنيين بشأن آلاف المقاتلين الأجانب الذين يتدفقون على نحو متزايد، ومن بينهم أعداد كثيرة تحمل جوازات السفر الأميركية والأوروبية، انضموا إلى القتال الدائر في سوريا. أحد كبار المسؤولين الأتراك، رفض ذكر اسمه، وجه اللوم إلى الحلفاء الغربيين لعدم تعاونهم بشكل كامل في مطاردة ووقف الرجال الأشرار من عبور الحدود.
ووفقا لقوانين الخصوصية، على سبيل المثال، غالبا ما تقوم الحكومات الأوروبية بتقديم معلومات محدودة إلى الاستخبارات التركية حول المشتبه فيهم. «لم يكونوا يعطوننا كل المعلومات التي لديهم»، على حد وصف أحد المسؤولين الأتراك.
غير أن ذلك الوضع قد تغير. منذ سقوط مدينة الموصل في شهر يونيو، بدأ الأوروبيون والأميركيون تقاسم المزيد من التفاصيل، كما قال. وقد كثفت السلطات التركية حالات الاعتقال بحق المقاتلين الأجانب المشتبه فيهم. ويرفض الأتراك الإفصاح عن أعداد حالات الاعتقال وعمليات الترحيل الأخيرة.
في الأثناء ذاتها، تتطور الحسابات التركية حيال الصراع السوري بوتيرة أسرع، حيث شرع الأتراك في محادثات بناءة مع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وهو جماعة انفصالية كردية قاتل إخوتهم في السلاح في حرب عصابات طويلة ضد تركيا. والسبب الكامن وراء التحالف المحتمل الجديد: أن حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) يسيطر على رقعة من سوريا ويقاتل ضد تنظيم «داعش». ولكن التراجع التركي عن الموقف الأول جاء متأخرا، حيث أشار يوسف، القائد في تنظيم «داعش» الذي سافر إلى مدينة الريحانية من سوريا لإجراء المقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، إلى أن الجماعة تشكر الأتراك جزئيا إزاء النجاح الذي حققوه حتى الآن.
وقال: «اعتدنا ذهاب بعض مقاتلينا – ومن بينهم أعضاء كبار في تنظيم (داعش) – لتلقي العلاج في المستشفيات التركية. وكذلك، فإن معظم المقاتلين الذين انضموا إلينا في بداية الحرب جاءونا عبر تركيا، كما هو الحال مع المعدات والمؤن».

*خدمة واشنطن بوست
خاص بـ«الشرق الأوسط»



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.