التعديلات الدستورية... تشغل الساحة السياسية في مصر

في مقدمها مدة ولاية رئيس الجمهورية وأوضاع السلطة القضائية

التعديلات الدستورية... تشغل الساحة السياسية في مصر
TT

التعديلات الدستورية... تشغل الساحة السياسية في مصر

التعديلات الدستورية... تشغل الساحة السياسية في مصر

في غضون ثلاثة أشهر إلا قليلاً، سيكون المصريون على موعد مع مشهد سياسي جديد في البلاد، ربما يمتد أثره حتى عام 2034، فقطار التعديلات الدستورية الذي انطلق قبل نحو أسبوعين، بمقترح من الأغلبية النيابية بالبرلمان، وازداد زخم الحديث بشأنه، نال إجازة مبدئية من مجلس النواب، نهاية الأسبوع الماضي، وبات الملف هو الأكثر بروزاً في ساحات المناقشات العامة والخاصة كذلك.
وسيكون من شأن تلك المقترحات لتعديل الدستور، حال إقرارها نهائياً من البرلمان وموافقة المصريين عليها بالاستفتاء، السماح للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بالترشح لفترتين جديدتين، مدة كل واحدة منهما 6 سنوات، أي حتى عام 2034، بخلاف الفترة الثانية والأخيرة، بحسب الدستور القائم، التي تنتهي عام 2022، إذ وضع مقترحو التعديلات «مادة انتقالية» تقول إنه «يجوز لرئيس الجمهورية الحالي عقب انتهاء مدته الحالية إعادة ترشحه على النحو الوارد بمقترح التعديل (6 سنوات للفترة الرئاسية الواحدة وبحد أقصى فترتين)».

في يونيو (حزيران) 2018، أدّى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليمين القانونية للولاية الثانية، أمام مجلس النواب، بعد إعلان فوزه في انتخابات نافسه فيها مرشح واحد، وتحدد المادة 140 من الدستور الساري الفترة الرئاسية بـ«4 سنوات ميلادية»، كما تحظر «إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة».
مقترحات الأغلبية البرلمانية أثارت، كما هي طبيعة السياسة، ردود فعل معارضة، وإن كانت خافتة، خصوصاً فيما يتعلق بمسألة تنظيم سنوات ولاية الرئيس، واستند بعضها كما في حالة ائتلاف «25/ 30» البرلماني إلى المادة 226 من الدستور. وهي، وهنا المفارقة، المادة نفسها التي تضع آلية تعديل الدستور أيضاً، وتقول إنه «لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر، من مواد الدستور (...)»، وتضيف في موضع آخر أنه «في جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بمزيد من الضمانات».
ويدفع أصحاب اتجاه التعديل بأن مقترحهم لا يتعارض مع قيد «عدم جواز تعديل نصوص إعادة انتخاب الرئيس». ويؤيدهم في ذلك، مثلاً، رئيس مجلس النواب علي عبد العال، الذي عدّ المقترحات «لم تأتِ على تعديل الفترتين الرئاسيتين إطلاقاً، وتخص مدة الفترة الرئاسية»، وخاطب أعضاء الجلسة العامة للبرلمان، الأسبوع الماضي، قائلاً: «المادة 226 من الدستور واضحة وضوح الشمس، ورسمت طريقاً لتعديل الدستور، لا حظر على زيادة عدد السنوات، ولكن الحظر باقٍ كما هو فيما يخص عدد فترات الرئاسة، وتوجد مادة انتقالية يحكمها سياق تاريخي وخصوصية الحالة المصرية، والقرار للأغلبية في نهاية الأمر».

- المسألة لم تظهر فجأة
في الحقيقة، مسألة تعديل الدستور في مصر لم تظهر فجأة في قاعات «النواب»، بل سبقتها دعوات إعلامية ودعاوى قضائية فتحت الباب ومهّدت الطريق لطرحها، لا سيما أن الرئيس السيسي قال، خلال حوار مع تلفزيون «سي إن بي سي» الأميركي، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 (قبل انتخابه للولاية الثانية)، إنه «مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام (...)، وأنا لستُ مع إجراء أي تعديل في الدستور خلال هذه الفترة». لكن الرئيس المصري قال أيضاً في سبتمبر (أيلول) 2015، إن الدستور المصري «كُتب بنيات حسنة، والدول لا تُحكم بحسن النيات فقط».
ولقد رصد المتابعون دعوات تعديل الدستور بشكل عملي أولاً في ساحة القضاء، وتحديداً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إذ نظرت محكمة «الأمور المستعجلة»، دعوى تطالب بإلزام مجلس النواب بالانعقاد لإجراء تعديل على الدستور يسمح بإطلاق «مدد إعادة انتخاب الرئيس»، وإلغاء قيد «عدم جواز الانتخاب لأكثر من مرتين». ورأى مقيمو الدعوى أن «القيد الدستوري المفروض على مدد انتخاب الرئيس مُجحف بالشعب المصري العظيم، نظراً لحجم المخاطر والتحديات والأضرار الاقتصادية والأمنية التي مرت بها البلاد وما زالت تمر بها حتى الآن، إلى جانب أن هذه المادة فيها حجر على إرادة الشعب الذي هو مصدر السلطات».
وكذلك دخل ياسر رزق، الصحافي المصري النافذ، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» (المملوكة للدولة)، الشهر الماضي، على مسار الدعوة لتعديل الدستور، بسلسلة مقالات دعا عبرها للبدء «الآن، وخلال الدورة البرلمانية الحالية» في إجراء تعديل على مواد الدستور. وأكد أنه «ليس لدينا ترف إضاعة مزيد من الوقت، قبل الشروع في عملية الإصلاح السياسي هذا العام». واقترح رزق على «كتلة الأغلبية دعوة أعضائها إلى اجتماع للنظر في تشكيل مجموعة عمل تضم النواب وأساتذة في القانون الدستوري لصياغة التعديلات المقترح إدخالها أو الإضافات المطلوبة على الدستور».
وقوبلت تلك المساعي، ثم التحركات والمقترحات الرسمية فيما بعد برفض بعض السياسيين، ومنهم حسام بدراوي الأمين العام الأسبق للحزب الوطني (الحاكم سابقاً والمنحلّ بأمر قضائي)، الذي قال إن «الرئيس (السيسي) يحترم تداول السلطة ولا ينوي مد فترة حكمه (...)»، كما عبّر عن اعتقاده في مقال رأي نشرته صحيفة «المصري اليوم» يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأنه لا يجوز «المساس بالدستور الحالي الآن، ونلزم بتعديل الدستور السلطة المنتخبة في 2022، ويكون محتوى التعديل المقترح جزءاً من التزاماته التي ننتخبه على أساسها، فيصبح ملتزماً بها مَن يتم انتخابه، بشرط عدم إجراء أي تعديل دستوري يعطي حقوقاً يستفيد منها مَن يحكم في مدة حكمه، أو في زيادة سلطات أو تغيير في مدة حكم... ولا بد أن أقول لكم إن الرئيس السيسي أعلن أكثر من مرة أنه لن يسمح بتعديل دستوري يمسّ مدة رئاسة البلاد».
ولكن، في مواجهة ذلك، يرى أكثر من 155 نائباً في البرلمان المصري، وقّعوا على طلب مقترحات التعديلات أن ما أقدموا عليه يأتي «استجابة للأسباب الواقعية والقانونية التي تدفع في اتجاه مراجعة بعض أحكام الدستور».
وطالب هؤلاء بتعديل الفقرة الأولى من المادة 140 لزيادة مدة تولي منصب رئاسة الجمهورية لتصبح ست سنوات بدلاً من أربع سنوات «التي أظهر الواقع العملي قصرها الشديد وغير الملائم للواقع المصري المستقرّ، مع استحداث مادة انتقالية بسريان هذا الحكم على الرئيس الحالي وتعديل ما يلزم بذلك». ويستهدف كذلك اقتراح تعديل الفقرة الأولى من المادة 160 «استحداث منصب نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، لمعاونته في أداء مهامه، وتنظيم الحالة الخاصة بمن يحل محل الرئيس في غيابه».

- طريقة مناقشة التعديلات وضوابطها
على أي حال فإن الأمر لم يقتصر على الجدل بشأن التنبيه لـ«الواقع الخاص»، في مقابل التحذير من «استفادة سلطة بعينها من تعديلات أُجرِيَت في عهدها»، بل امتدّ إلى خلاف بشأن طريقة وضوابط مناقشة التعديلات الدستورية، التي كانت محلاً للآراء المتباينة أيضاً، وفي حين تحدث السياسي المصري البارز عمرو موسى عن «نتائج غير محمودة» يمكن أن يُفضي إليها «الغموض الذي يلف التعديلات»، تعهّد رئيس البرلمان علي عبد العال بأن يجري «مناقشات هادئة وعملية تتضمن تمثيلاً لمختلف الآراء أثناء نظر التعديل».
موسى تطرّق إلى فترة رئاسته للجنة الخمسين (تولّت صياغة الدستور الساري)، موضحاً الآلية التي صاغت بها مشروع الدستور الذي نال موافقة المصريين، وقال إن اللجنة عملت بناء على «نص مبدئي أعدته (لجنة العشرة) المُشكّلة من فقهاء دستوريين وقانونيين، ثم دعت إلى جلسات استماع دامت شهراً كاملاً، وأطلقت حواراً مجتمعياً فريداً أتيح منبره لجميع فئات المجتمع بشفافية كاملة، وفي جلسات مفتوحة مذاعة».
وفيما بدا رداً، وإن بشكل غير مباشر، على ما أثاره موسى، قال رئيس البرلمان، في الجلسة العامة للبرلمان، الأربعاء الماضي، إن «قرار زيادة المدة الرئاسية إلى ست سنوات بدلاً من أربع سنوات، كان محل انقسام خلال إعداد (لجنة العشرة) و(لجنة الخمسين) لدستور 2014». واستدرك عبد العال مضيفاً: «لم نأتِ على تعديل الفترتين الرئاسيتين إطلاقاً. التعديلات تخص مدة الفترة الرئاسية (...). كان هناك انقسام ما بين 4 و6 سنوات خلال عمل لجنتي (العشرة) و(الخمسين)، ولم نقصد بهذه التعديلات شخصاً معيناً. يجب أن يكون ذلك مفهوماً».
وبموازاة دعوة موسى إلى «حوار وطني فسيح بشأن التعديلات تُتاح له مختلف المنابر، وعلى رأسها منبر البرلمان، وأن يُتاح للرأي والرأي المعارض المجال لتفعيل هذا الحوار، إثراءً للحركة السياسية في البلاد، وتأميناً لمصداقية حركة التعديل»، نوه المتحدث باسم مجلس النواب صلاح حسب الله، بأن «الشعب المصري هو السيد في قراره بالموافقة من عدمها على التعديلات الدستورية، والنواب يستخدمون فقط حقّهم في مناقشة مشروع التعديلات، فيما سيدعو المجلس إلى حوار مجتمعي واسع يشمل الجميع، لأن الدستور لكل الفئات».
ورغم أن معظم التعليقات التي فحصت مسألة تعديل الدستور المصري ركّزت على الجانب المتعلق بالرئاسة ومدتها، فإن جانباً مهماً منها يرتبط بالسلطة القضائية، وطريقة اختيار مسؤوليها.

- الشقّ المتعلّق بالقضاء
ويطرح مقدمو مسوّدة التعديلات، تغيير المادة 139 من الدستور التي تنظم طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية، التي تشير في صورتها الحالية إلى أن «اختيار رئيس المحكمة ونوابه وأعضاء هيئة المفوضين يكون بناءً على قرار الجمعية العمومية لها، ويصدر الرئيس قراراً بتعيينهم»، لكن المقترح يسعى إلى «منح رئيس الدولة سلطة اختيار رئيس (الدستورية) من بين أقدم 5 نواب، كما يعين نائب رئيس المحكمة».
وفي الشأن القضائي نفسه يأتي مقترح إضافة فقرة للمادة 189 من الدستور التي تحدد طريقة اختيار النائب العام، وتُلزم في صورتها الحالية أن «يتولى النيابة العامة نائب عام يختاره مجلس القضاء الأعلى (...) ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية». غير أن المقترح يشير إلى أن «يتولى النيابة العامة نائب عام يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى».
تعديل آخر يرتبط بالسلطة القضائية، جاء في مقترح تعديل المادة 190 من الدستور، التي تنص على أن «مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية (...) ومراجعة وصياغة مشاريع القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية». وجاء التعديل ليضيف عبارة «التي تُحال إليه»، الأمر الذي من شأنه السماح لمجلس الدولة بمراجعة مشروعات القوانين التي ينظرها البرلمان، في حال قرر الأخير إحالتها، وإنهاء الإلزام الذي تنص عليه المادة الحالية بإحالة كل القوانين لمراجعتها وصياغتها.
القوات المسلحة كان لها حضور بطبيعة الحال في مقترح التعديلات، إذ يدعو ائتلاف الأغلبية إلى تعديل الفقرة الأولى من المادة 200 والإضافة لمهامها المتمثلة في «حماية البلاد، والحفاظ على الأمن»، مهامّ جديدة، جاء في التعديل أن من بينها «صون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد».

- إنشاء مجلس شيوخ
وتستحدث التعديلات إنشاء «غرفة ثانية في البرلمان تحت اسم (مجلس الشيوخ)»، على أن «يُشكّل من عدد من الأعضاء لا يقل عن 250 عضواً، وتكون مدة المجلس خمس سنوات، ويُنتخب ثلثاً أعضاء المجلس بالاقتراع العام السري المباشر، ويُعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي».
وعلى جانب آخر، جاءت التعديلات المقترحة على المادة 102 التي تنص على أن «يُشكّل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضواً (...)»، وتضيف: «على أن يُخصص ما لا يقل عن ربع عدد المقاعد للمرأة».
وبحسب الإجراءات والقواعد القانونية لتعديل الدستور والفترات الزمنية الإلزامية لإتمام مناقشة مقترحات النواب بشأنه، فإنه من المرجَّح بشكل كبير إجراء الاستفتاء عليها بعد موافقة البرلمان في مطلع مايو (أيار) المقبل، لتجنُّب دعوة المواطنين للاستفتاء في شهر رمضان، الذي توافق بدايته، على الأغلب، سادس أيام الشهر الميلادي.
ولم تسجّل نتائج فرز الاستفتاءات في مصر حالات رفض لها، على الرغم من تعبير المعارضين عن وجود لافت في بعض الحالات، مثلما جرى في استفتاء عام 2011 في أعقاب «ثورة 25 يناير (كانون الثاني)»، الذي رفضه 22.7 في المائة من المصوِّتين (4.1 مليون شخص)، بينما وافق عليه 77.2 في المائة (14.1 مليون مواطن).
وفي الاستفتاء التالي على الدستور، الذي أُجرِي في عهد الرئيس الأسبق المنتمي لتنظيم «الإخوان»، محمد مرسي، وتحديداً في عام 2012، أظهرت نتائجه موافقة 63.8 في المائة (10 ملايين مصوِّت)، ورفض 36.1 في المائة (6.06 مليون شخص)، ونحو 1.7 من الأصوات الباطلة غير الصحيحة (300 ألف صوت) تقريباً.
أما الاستفتاء على الدستور الحالي، في صورته الراهنة والمطروح تعديل بعض مواده، فقد نال موافقة 98.1 في المائة من المستفتين (19.9 ملايين مواطن)، بينما رفضه 1.8 في المائة (381 ألف مُصوِّت)، بينما سجّلت الأصوات الباطلة 1.2 في المائة بواقع 246 ألف صوت.

- محطات تاريخية في مسيرة الدساتير المصرية

1879
ظهرت النسخة الأولى للدستور في مصر، وتواكب إقراره مع أزمة عزل الخديو إسماعيل، وخرج من دون عرضه على حاكم البلاد بموجب قرار من السلطان العثماني، الذي كانت مصر تخضع لولايته آنذاك.

1882
ساهمت الحركة التي قادها الزعيم المصري أحمد عرابي، وعُرِفت فيما بعد بـ«الثورة العرابية»، في صياغة صورة جديدة من الدستور.

1923
جاء «دستور 1923» استجابة لتحركات «ثورة 1919»، وعكس تنازع القوى والإرادات بين رغبات الملك فؤاد حاكم مصر بالاحتفاظ بنفوذه، بما في ذلك منحه سلطة حل البرلمان، ومحاولات سلطة حزب الأغلبية (الوفد) الحصول على صلاحيات نيابية وتشريعية وتشكيل الحكومة.

1930
دفع تنازع الصلاحيات والنفوذ بين حكومة الأغلبية والملك فؤاد، إلى إقدام الأخير على صياغة دستور جديد قلّص خلاله من صلاحيات مجلس النواب، ورفع نسبة الأعضاء المعيّنين فيه إلى ما فوق الأغلبية، إلا أن القوى السياسة رفضته وظلَّت على موقفها، وقاطعت الانتخابات التي أعقبته إلى أن أجبرت الملك فؤاد عام 1935 على استئناف العمل بدستور 1923.

1956
جاء «دستور 1956» في أعقاب «ثورة 23 يوليو (تموز) 1952»، وكان هو الدستور الأول للبلاد في صورتها الجمهورية.

1958
عُرف الدستور الذي سُنّ ذلك العام بـ«دستور الوحدة»، وذلك لأنه جاء بعد إعلان قيام «الوحدة العربية» بشكل «الجمهورية العربية المتحدة» بين مصر وسوريا في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

1964
أُطلِق على الدستور الصادر في ذلك العام اسم «الدستور المؤقت»، وذلك مراعاةً للأوضاع بعد انهيار تجربة الوحدة بين مصر وسوريا.

1971
يُعدّ «دستور 1971» من أكثر تجارب الدساتير استمراراً في مصر، إذ ظل سارياً لنحو 40 عاماً، وإن أُجرِيَت عليه تعديلات مختلفة، وكانت المرة الأولى عندما طرح الرئيس أنور السادات، في مايو 1980، على المواطنين الاستفتاء على التعديل الدستوري، الذي جرى بموجبه إلغاء القيد على حظر ترشيحه لأكثر من فترتين رئاسيتين. ولقد حظي التعديل بموافقة بلغت 98 في المائة، غير أن اغتيال السادات في أكتوبر 1981 حال دون خوضه استفتاءً آخر. وبالتالي، استفاد الرئيس حسني مبارك، الذي خلف السادات في منصب الرئاسة من التعديل، ما مكّنه من دخول استفتاءات متعددة للبقاء في السلطة.

2005
أُجرِيَت تعديلات على «دستور 1971» لتنظيم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة، وشمل ذلك تعديلات للمادة 76 التي أجريت على أثرها أول انتخابات رئاسية في مصر.

2007
أجري استفتاء ثانٍ على تعديلات شملت حذف الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة، وغيرها من التعديلات المتعلّقة بانتخاب الرئيس.

2011
في أعقاب «ثورة 25 يناير» 2011، أُجرِيَت بعض التعديلات الدستورية، ونالت موافقة المواطنين. ثم صدر إعلان دستوري، وجرى تعطيل العمل بدستور 1971.

2012
مع تولي محمد مرسي الرئاسة، أصدر إعلاناً دستورياً في نوفمبر وخلّف عاصفة كبرى، إذ إنه منح نفسه صلاحيات غير مسبوقة، وحصّن قراراته ضد أحكام القضاء، لكن سرعان ما نظّم الاستفتاء على دستور جديد في ديسمبر من العام ذاته.

2014
بعد إزاحة حكم تنظيم «الإخوان» في أعقاب «ثورة 30 يونيو»، أُجرِيَت تعديلات على الدستور. وقدمت لجنة التعديل (الخمسين) 42 مادة مستحدثة، حتى بات الأمر أشبه بدستور جديد، عُرف بـ«دستور 2014»، ونال موافقة نحو 20 مليون مصري.


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.