طهران تتوعد بـ«الثأر» لحافلة {الحرس»... وخامنئي يطالب بتحقيق

عناصر من «الحرس الثوري» بمطار أصفهان أمس يحملون جثث قتلى حافلة الضباط بعد تفجيرها في جنوب شرقي البلاد (تسنيم)
عناصر من «الحرس الثوري» بمطار أصفهان أمس يحملون جثث قتلى حافلة الضباط بعد تفجيرها في جنوب شرقي البلاد (تسنيم)
TT

طهران تتوعد بـ«الثأر» لحافلة {الحرس»... وخامنئي يطالب بتحقيق

عناصر من «الحرس الثوري» بمطار أصفهان أمس يحملون جثث قتلى حافلة الضباط بعد تفجيرها في جنوب شرقي البلاد (تسنيم)
عناصر من «الحرس الثوري» بمطار أصفهان أمس يحملون جثث قتلى حافلة الضباط بعد تفجيرها في جنوب شرقي البلاد (تسنيم)

غداة تفجير انتحاري أسقط العشرات من ضباط «الحرس الثوري» في بلوشستان جنوب شرقي إيران، وجّه كبار المسؤولين الإيرانيين أصابع الاتهام إلى خارج الحدود، فيما أمر المرشد الإيراني علي خامنئي «الحرس الثوري» بالتحقيق في «إهمال محتمل»، وتوعد حسن روحاني وقائد «الحرس» محمد علي جعفري بالثأر من الجهات المسؤولة عن ثاني أكبر هجوم دام يستهدف قوات «الحرس».
وسبق المرشد الإيراني علي خامنئي وصول جثث القتلى من زاهدان بمحافظة زاهدان إلى مطار أصفهان أمس، وأصدر بياناً يأمر فيه «الحرس» بـ«متابعة الإهمال المحتمل» في الحادث الذي أدى إلى مقتل 27، وخلف 13 جريحاً، وفقاً للإحصائية النهائية من مكتب العلاقات العامة في «الحرس الثوري» الإيراني.
وكان بيان رسمي لـ«الحرس الثوري» أكد صحة التقارير عن تفجير انتحاري بسيارة ملغومة استهدف حافلة تقل عناصر من «فيلق الإمام الحسين بأصفهان» من الوحدات المكلفة حراسة الحدود الإيرانية مع باكستان في الحد الفاصل بين مدينتي خاش وزاهدان بالقرب من الحدود الباكستانية جنوب شرقي البلاد.
وعدّ خامنئي أن أجهزة استخبارات بعض الدول الإقليمية والدولية «مسؤولة عن مهاجمة وحدة من قوات (الحرس الثوري)».
بدوره، توعد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس بالانتقام من المهاجمين، متهما الولايات المتحدة وإسرائيل بـ«دعم الإرهاب»، وحث، في هذا السياق، الدول المجاورة لإيران على «القيام بواجبها القانوني في إطار علاقات حسن الجوار (...)»، وزعم أن الجماعات التي تشن هجمات داخل الأراضي الإيرانية تأتي من وراء الحدود. وقال: «إذا استمرت هذه التصرفات... فمن الواضح أن لنا حقوقاً من حيث المعايير القانونية والدولية، وسوف نتمكن من استيفاء حقوقنا في الوقت المناسب» وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان روحاني يتحدث لوسائل الإعلام قبل أن يتوجه إلى سوتشي لعقد قمة مع نظيريه الروسي والتركي حول سوريا. وقال: «سنثأر بالتأكيد من هذه المجموعة العميلة».
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن محافظ بلوشستان أن «السيارة الانتحارية» أقدمت على الهجوم عندما كانت الحافلة تحاول تخطي السيارة، كما تداولت تسجيلات تظهر جثث عناصر «الحرس الثوري» والنيران المشتعلة على جانب الطريق.
وأعلنت جماعة «جيش العدل» البلوشية عبر حسابها على شبكة «تلغرام» مسؤوليتها عن الهجوم.
وتشهد منطقة بلوشستان المحاذية لباكستان وأفغانستان باستمرار اشتباكات دامية بين الجماعات البلوشية المناوئة للوجود الإيراني وقوات الأمن الإيرانية.
وتتهم «جمعية نشطاء البلوش» قوات الأمن الإيرانية بإطلاق النار العشوائي على سكان المناطق الحدودية.
وتشكل القومية البلوشية إلى جانب القوميتين الكردية والعربية، ثلاث قوميات تشهد حراكاً مسلحاً يوجّه تحدياً جدياً لقوات الأمن الإيرانية منذ نهاية حرب الخليج الأولى مع العراق.
وتخشى أطراف إيرانية من أن يصبح الحراك المسلح في المناطق الثلاث نواة حراك مسلح واسع داخل القوميات التي تحكم قضبتها على الحدود الإيرانية من الجهات الأربع.
وتحاول وسائل الإعلام الإيرانية الربط بين الجماعات البلوشية والجماعات المتشددة وتصنفها طهران على قائمة «الإرهاب»، لكن جماعات البلوش ترفض المزاعم الإيرانية وتقول إنها تدافع عن حقوق القومية البلوشية ضد ما تعده سياسات الإخلال بالتركيبة السكانية، كما تواجه السلطات تهماً من وجهاء البلوش بأنها تمارس «التمييز الطائفي والعرقي» وهو ما تسبب في تدهور الحياة المعيشية في تلك المناطق وتنامي الحركات التي تحمل السلاح.
وتعد بلوشستان ممرا أساسيا للمخدرات الآتية من باكستان وأفغانستان رغم الوجود الكبير لقوات «الحرس» وأجهزة مكافحة المخدرات الإيرانية. وتواجه طهران في هذا الصدد تهما من الناشطين البلوش بأنها تسلح جماعات بلوشية ضد الحركات المعارضة للنظام.
وخطفت الجماعة 14 عسكرياً إيرانياً بعد مداهمة نقطة تابعة لحرس الحدود الإيراني، وقال قائد «الحرس الثوري» لاحقا إن «متسللين» وراء اختطاف الجنود، ولكن الجماعة أفرجت لاحقا عن 5 من الجنود وسلمتهم إلى قوات الأمن الباكستانية في بادرة حسن نوايا.
وكانت الجماعة قد دعت المنظمات الدولية في بيان إلى التوسط بينها وبين طهران للإفراج عن الجنود، وقال البيان إن «(جيش العدل) يزف بشارة النصر الإلهي لرفع المظلومية والإنقاذ من شر فرقة ولاية الفقيه»، مشددا على «تحقق ذلك عبر إسقاط النظام الإيراني وإنقاذ الشعب».
ويعد هذا ثاني أكبر هجوم يستهدف «الحرس الثوري» منذ 10 سنوات؛ ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2009 هاجم انتحاري مؤتمر الـ«الحرس الثوري» وقتل 5 من كبار قادة «الحرس الثوري»؛ على رأسهم قائد القوات البرية في الحرس العميد نور علي شوشتري. ومذاك انتقلت مسؤولية الأمن وحماية الحدود في محافظة بلوشستان إلى «الحرس الثوري». كما دعا «جيش العدل» القوات العسكرية التي «تحمل السلاح في إطار أهداف نظام ولاية الفقيه وتقمع الإيرانيين» إلى الانضمام إلى صفوف مقاتليه.
وعلى مدى السنوات العشر أخذت العمليات المسلحة ضد القوات الأمنية منحى تصاعديا، بموازاة تقارير عن سقوط قتلى بنيران قوات الأمن بين البلوش.
وفي نهاية أبريل (نيسان) 2017، رشق مقاتلو «جيش العدل» بزخات من أسلحتهم عربات لـ«الحرس الثوري» وقتلوا 10 وأخذوا جنديا رهينة، مما أدى إلى تهديدات إيرانية على لسان رئيس الأركان محمد باقري باستهداف مواقع المسلحين في عمق الأراضي الباكستانية بالصواريخ.
قبل ذلك، سقط 8 من حرس الحدود الإيراني في أبريل 2015 بنيران المقاتلين البلوش. وفي أكتوبر 2013 أعلن «الحرس الثوري» مقتل 14 من جنوده في معارك مع «جيش العدل».
وتوعد قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري، أمس، بالثأر من الأعداء، وقال رئيس الأركان محمد باقري إن القوات المسلحة «سترد على الاعتداء»؛ بحسب ما نقلت عنهما وكالة «تسنيم».
وقع الهجوم في يوم افتتاح مؤتمر «الأمن والسلام في الشرق الأوسط» الذي تنظمه الولايات المتحدة وبولندا وتستضيفه وارسو وتشارك فيه 60 دولة، بهدف الضغط على طهران التي ترى واشنطن أن «تأثيرها يزعزع الاستقرار» في الشرق الأوسط.
وردا على الهجوم، تساءل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عما إذا كان تزامن «الإرهاب» مع بداية المؤتمر في وارسو الذي وصفه بـ«السيرك»، «من قبيل الصدفة».
وردت الخارجية البولندية على ظريف بتغريدة وقالت: «اليوم لا يوجد إرهابي في وارسو» وقالت إن «العمل الإرهابي بأي شكل من الأشكال مدان» وأشارت إلى أن موقفها حول الهجوم لا يختلف.
وجاءت تغريدة ظريف بموازاة سجال على شبكات التواصل الاجتماعي حول تزامن العملية في زاهدان مع التحرك الأميركي ضد سلوك إيران، واستند بعض أصحاب هذا الرأي إلى التشابه في التزامن بين هجوم زاهدان وهجوم الأحواز الذي استهدف عرضا عسكريا في سبتمبر (أيلول) الماضي وسقط فيه العشرات من الحرس الثوري قبل أسبوع من ندوة أميركية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت تتمحور حول الدور الإيراني.
من جانبه؛ عدّ وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي أن التزامن بين الهجوم ومؤتمر وارسو «ليس من قبيل الصدفة»، متهما الولايات المتحدة بالوقوف وراء تدبير الهجوم. ودعا فضلي باكستان إلى «متابعة وحل نهائي» لوجود الجماعات المسلحة المناوئة لإيران.



إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا ينظر إليها على أنها عملية جديدة لحل المشكلة الكردية، ثار الجدل حول إمكانية تخلي مقاتلي الحزب عن أسلحتهم.

ووجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رسالة صارمة بشأن حلّ حزب «العمال الكردستاني» نفسه، قائلاً إن «الإرهابيين الانفصاليين باتوا أمام خيارين لا ثالث لهما... القتلة الانفصاليون إما أن يدفنوا أسلحتهم في أقرب وقت ممكن، وإما سيدفنون تحت الأرض بأسلحتهم. لا يوجد خيار ثالث غير هذين الخيارين».

لا تسامح ولا عفو

وقال إردوغان، في كلمة خلال مؤتمر لحزبه في ريزا شمال تركيا، الأحد: «سننقذ بلادنا من آفة الإرهاب التي ألحقها الإمبرياليون بشعبنا في أسرع وقت ممكن، نحن مصممون وعازمون على حسم هذه القضية، وقد حددنا هدفنا في هذا السياق».

إردوغان متحدقاً في مؤتمر لحزبه في طرابزون شمال تركيا الأحد (الرئاسة التركية)

وفي مؤتمر آخر في طرابزون، قال إردوغان: «لا أحد، سواء كان تركياً أو كردياً أو عربياً، لديه أي تسامح مع الإرهابيين الذين هم بيادق في مخططات الإمبرياليين الإقليمية». وأيد إردوغان دعوة حليفه رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، بدء عملية حوار مع أوجلان من خلال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تنتهي بدعوته إلى البرلمان للحديث من خلال المجموعة البرلمانية للحزب، وإعلان حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية، وإلقاء أسلحته، وانتهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في خطوات قانونية للعفو عنه بعدما أمضى 25 عاماً في سجن انفرادي بجزيرة إيمرالي في ولاية بورصة جنوب بحر مرمرة، غرب تركيا.

وقام وفد من الحزب يضم نائبيه؛ عن إسطنبول سري ثريا أوندر، ووان (شرق تركيا) بروين بولدان، بزيارة لأوجلان في إيمرالي، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ونقلا عنه استعداده لتوجيه الرسائل اللازمة، وتأكيده على الأخوة بين الأكراد والأتراك، في ظل الظروف في غزة وسوريا التي تشكل تهديداً خطيراً، على أن تتم العملية من خلال البرلمان وتشارك فيها المعارضة.

لقاء «وفد إيمرالي» مع رئيس البرلمان نعمان كورتولموش (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وبعد ذلك قام الوفد، الذي انضم إليه السياسي الكردي البارز أحمد تورك، بزيارة لرئيس البرلمان، نعمان كورتولموش وبهشلي، ليستكمل لقاءاته مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وأحزاب المعارضة، باستثناء حزبي «الجيد» و«النصر» اللذين أعلنا رفضهما العملية الجارية.

في السياق ذاته، شدّدت مصادر عسكرية تركية على أهمية مبادرة بهشلي لجعل «تركيا خالية من الإرهاب»، لافتة إلى أنه إذا تحقق هذا الهدف وألقت منظمة حزب «العمال الكردستاني» أسلحتها، فإن العناصر الإرهابية في سوريا، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، ستتأثر سلباً.

وأكّدت المصادر، بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية، الأحد، أنه إذا تم القضاء على «التنظيم الإرهابي» (حزب العمال الكردستاني) وإلقاء أسلحته، فسيتم محاكمة المستسلمين من عناصره، وسيتم إطلاق سراحهم إذا وجد القضاء أنهم غير مذنبين، «لكن من المستحيل أن يتم إصدار عفو عن الإرهابيين».

وتوقّعت المصادر هروب قادة حزب «العمال الكردستاني» في جبل قنديل (معقل العمال الكردستاني في شمال العراق) إلى دول أوروبية، إذا تم نزع سلاحهم.

رفض قومي

في المقابل، قال رئيس حزب «النصر»، أوميت أوزداغ، إنه «لا يوجد في تاريخ العالم أي منظمة إرهابية ألقت أسلحتها، هذه كذبة كبيرة».

رئيس حزب النصر القومي التركي المعارض أوميت أوزداغ (حسابه في «إكس»)

وأضاف أوزداغ، في تصريحات الأحد: «نريد (...) أن يدرك (الجمهور التركي) أن ما يحدث فقط هو أن عبد الله أوجلان سيظهر في البرلمان، وسيوجه الدعوة لإلقاء السلاح وسيحصل على العفو». وتابع: «نعتقد أن الوقت قد حان للنزول إلى الشوارع، حتى لا يتم العفو عن قتلة الجنود الأتراك». وأعلن أن حزبه سيبدأ مسيرات في أنحاء تركيا بدءاً من الخميس المقبل، مضيفاً: «حزبنا ليس في البرلمان، لكننا سنحول تركيا كلها إلى برلمان، نحن ضد هذه العملية التي تحرج الأمة وتكسر شرف الدولة التركية».

بدوره، قال زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، خلال تجمع لحزبه، الأحد، إن حزبه «لن يقول نعم لأي شيء لا تقوله عوائل الشهداء والمحاربين القدامى».