تعرضت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس (الخميس)، لهزيمة في مجلس العموم الذي رفض استراتيجيتها التفاوضية في شأن «بريكست»؛ ما يضعف موقفها حيال بروكسل في ظل سعيها إلى إعادة التفاوض حول اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي. ورفض 303 نواب التعديل الذي طرحته الحكومة، والهادف إلى دعم جهودها لتغيير البند الأكثر إثارة للجدل في الاتفاق والمتصل بالحدود الآيرلندية، في حين أيده 258.
وكان قد حذّر وزير التجارة الدولية والمدافع الشرس عن «بريكست» ليام فوكس، النواب من أن «رفض الاقتراح سيُرسل إشارات سيئة» إلى بروكسل وسيُضعف قدرة ماي في الحصول على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق. وتواجه تيريزا ماي، التي تُجري محادثات مع الاتحاد الأوروبي منذ أسبوعين، صعوبات لإعادة فتح المفاوضات. وفي حين يظهر القادة الأوروبيون أنهم غير مرنين، أقرّت الثلاثاء بأنها «في حاجة إلى وقت» للتوصل إلى مخرج.
وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، الأربعاء، في تغريدة: إن دول الاتحاد الـ27 «ما زالت تنتظر مقترحات ملموسة وواقعية من جانب لندن حول كيفية الخروج من المأزق بشأن (بريكست)». ولا تزال العقبة الرئيسية مسألة شبكة الأمان الإيرلندية.
وأدخل هذا البند على اتفاق «بريكست» كحل أخير، وينص على بقاء المملكة المتحدة ضمن اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، وبقاء مقاطعة آيرلندا الشمالية البريطانية ضمن السوق الأوروبية المشتركة للسلع؛ لتفادي أي رقابة جمركية بين شطري آيرلندا. ويرفض مؤيدو «بريكست» هذا الإجراء؛ إذ إنهم يخشون أن يربط بشكل دائم المملكة بالاتحاد الأوروبي. لكن القادة الأوروبيين يرفضون تعديله. وعرضت ماي ثلاثة حلول لمحاولة الحصول على اتفاق جديد، وهي تحديد موعد انتهاء تطبيق إجراء شبكة الأمان أو احتمال إنهاء بريطانيا هذا التدبير بشكل أحادي أو إقرار «ترتيبات بديلة».
وقالت الحكومة قبل التصويت: إن هناك هدفين لهذا الاقتراح: الأول هو الحصول على «ترتيبات بديلة» لـ«شبكة الأمان»، التي يُفترض أن تُبقي الحدود مفتوحة في جزيرة آيرلندا بعد حصول «بريكست»، والآخر هو إبعاد سيناريو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «من دون اتفاق»؛ الأمر الذي يخشاه عالم الأعمال وقسم من النواب. ويعكس هذان الهدفان التعديلين اللذين تبناهما النواب في أواخر يناير (كانون الثاني) في مجلس العموم. لكن مؤيدي «بريكست» الأكثر حماسة في الحزب المحافظ الحاكم هددوا بإلحاق هزيمة جديدة بتيريزا ماي في البرلمان إذا لم تعد صياغة هذا الاقتراح. فهم يرفضون أن يعطوا الحكومة فرصة التخلي عن سيناريو الخروج «من دون اتفاق».
وكتب النائب ستيف بايكر، وهو عضو في كتلة «يوروبيان ريسيرتش غروب» البرلمانية المؤلفة من عشرات النواب المحافظين والمشككين في جدوى الاتحاد، في تغريدة: إن «النواب المحافظين لا يجب في أي حال من الأحوال أن يرتبطوا بشيء بشكل واضح أو ضمني، يبدو أنه يستبعد فرضية (الخروج) من دون اتفاق». وأضاف: إن «إبعاد هذا الخيار سيكون استراتيجية التفاوض الأكثر غباءً، وليس في المصلحة الوطنية».
ولدى افتتاح النقاشات، حاول الوزير المكلّف شؤون «بريكست» ستيفن باركلي، طمأنة النواب المحافظين، مؤكداً أن «أولوية» الحكومة كانت تعديل بند «شبكة الأمان». وذكّر بأن القانون الذي يُحدّد موعد «بريكست» في 29 مارس (آذار) مع أو من دون اتفاق «له الأسبقية» على الاقتراح الذي لا يُعتبر ملزماً. وتكثف الحكومة البريطانية المبادرات لمحاولة إقناع الدول الـ27. وقد التقت رئيسة الوزراء مساء الأربعاء الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والروماني كلاوس يوهانس. وتُمهل ماي نفسها حتى 26 فبراير (شباط) للتوصل إلى مخرج. وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد في هذا التاريخ، سيتمّ تنظيم نقاش جديد في اليوم التالي بشأن المسار الذي يجب اتباعه. غير أن المعارضة العمالية تتهم رئيسة الوزراء بـ«ممارسة لعبة الوقت». فقد قدم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن تعديلاً سيتمّ التصويت عليه الخميس؛ لمحاولة تحديد هامش مناورة الحكومة.
وثمة تعديلان آخران اختارهما رئيس مجلس العموم جون بيركو، وسيتمّ التصويت بشأنهما. التعديل الأول يدعمه الحزب القومي الاسكوتلندي ويطلب إرجاء موعد «بريكست». أما الآخر، فقدمته النائبة المحافظة آنا سوبري، ويطالب بنشر الدراسة الأخيرة التي قدمتها الحكومة بشأن الأثر الاقتصادي لخروج بريطانيا من الاتحاد من دون اتفاق.
ماي تخسر تصويتاً يضعف مفاوضاتها مع بروكسل
ماي تخسر تصويتاً يضعف مفاوضاتها مع بروكسل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة