«في سندرلاند حتى أموت»... فيلم وثائقي يظهر معاناة «اللاعب العادي»

يلقي الضوء على مشكلات الرياضيين المحترفين الذين لا يرتقي أداؤهم إلى الصفوة في عالم الكرة

جماهير سندرلاند تشجع فريقها المرشح للعودة لدوري الدرجة الأولى بعد احتلاله المركز الرابع في الدرجة الثانية (الشرق الأوسط)
جماهير سندرلاند تشجع فريقها المرشح للعودة لدوري الدرجة الأولى بعد احتلاله المركز الرابع في الدرجة الثانية (الشرق الأوسط)
TT

«في سندرلاند حتى أموت»... فيلم وثائقي يظهر معاناة «اللاعب العادي»

جماهير سندرلاند تشجع فريقها المرشح للعودة لدوري الدرجة الأولى بعد احتلاله المركز الرابع في الدرجة الثانية (الشرق الأوسط)
جماهير سندرلاند تشجع فريقها المرشح للعودة لدوري الدرجة الأولى بعد احتلاله المركز الرابع في الدرجة الثانية (الشرق الأوسط)

يُلقي الفيلم الوثائقي «في سندرلاند حتى أموت»، والذي يعرض على ثمانية أجزاء على شبكة «نيتفليكس»، الضوء على جانب نادرا ما نراه في عالم كرة القدم ولا تتم مناقشته في وسائل الإعلام. إنه لا يركز على المشكلات التي تحدث وراء الكواليس للمديرين الفنيين الذين يعانون من الميزانيات المحدودة للتعاقد مع اللاعبين الجدد وملاك الأندية الذين يتطلعون لتحقيق أرباح من بيع اللاعبين.
لكن هذا الفيلم يُلقي الضوء على محنة الرياضيين المحترفين الذين لا يرتقي أداؤهم إلى الصفوة في عالم كرة القدم. لقد كان سندرلاند، الذي كان في الفيلم الوثائقي قد هبط إلى دوري الدرجة الأولى وكان في طريقه إلى دوري الدرجة الثانية، يعمل كـ«نقطة انطلاق» للاعبين المحترفين في اتجاهات مختلفة. وكانت هناك مواهب شابة في طريقها للصعود، مثل حارس مرمى المنتخب الإنجليزي الحالي جوردان بيكفورد الذي كان قد انتقل إلى إيفرتون، ونجوم أخرى لامعة في طريقها للخفوت، مثل جون أوشيه، الذي حصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز خمس مرات مع مانشستر يونايتد، ولاعبون يلعبون على سبيل الإعارة ولم يقدموا أداء جيدا في أماكن أخرى، مثل لاعب خط الوسط الويلزي جوني ويليامز، الذي كان يلعب مع سندرلاند على سبيل الإعارة من نادي كريستال بالاس، ولاعبون يبدو أن مستقبلهم المشرق قد بات فجأة خلفهم، مثل لاعب إيفرتون السابق جاك رودويل.
وعندما تشاهد مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، فإنك ترى لاعبين يؤدون مستويات رائعة للغاية كل أسبوع، وهو الأمر الذي يعطي صورة خادعة لكرة القدم، كأن ترى قمة جبل جليدي يطل على البحر ولا تدرك أن هناك هرماً هابطاً أسفله في أعماق المياه. وفي حقيقة الأمر، فقد سقط سندرلاند تحت هذه المياه العميقة، ليس بالضرورة لأن لاعبي الفريق كانوا يفتقرون إلى الموهبة، لكن لأنهم لم يتمكنوا من تقديم مستوى ثابت. لكن السؤال الآن هو: لماذا فشلوا في تقديم مستوى ثابت؟
هذا هو السبب الغامض الذي أصاب المديرين الفنيين بحالة من التوتر. ففي حالة جوني ويليامز، يبدو الجواب واضحا للغاية؛ حيث واجه اللاعب مزيجا من سوء الحظ والإصابات، بالإضافة إلى شعور مزمن بانعدام الثقة. لقد أخبر ويليامز طبيبا نفسيا بأنه «يخاف أن يخسر الكرة، ويخاف أن يهدر فرصة ويخاف من الفشل». وعندما نضع هذه التصريحات في الحسبان، فإنه يكون من الغريب للغاية أن يرتدي هذا اللاعب القميص وينزل إلى أرض الملعب من الأساس. ومن الواضح أنه يعرف أنه لاعب جيد، لكنه لا يعرف ما إذا كان جيدا بالدرجة الكافية أم لا.
وتجب الإشارة إلى أن واحدة من أفضل المقالات المكتوبة في عالم الصحافة الرياضية كانت تلك التي كتبها الكاتب الراحل ديفيد فوستر والاس في أواخر عام 1996 عن مايكل جويس، الذي كان يحتل آنذاك المرتبة التاسعة والستين بين أفضل لاعبي التنس في العالم. ولم يكن معظم قراء فوستر والاس قد سمعوا عن جويس من قبل، رغم أنه كان لاعبا رائعا ويكرس حياته لتلك اللعبة ولتطوير مستواه باستمرار. وأشار فوستر والاس بكل هدوء إلى أن جويس يمكنه التغلب على أي منافس من خلال لعب الكرة في أي زاوية، لكن ما ينقصه هو أنه لا يمكنه القيام بذلك «بطريقة متقنة مثل أغاسي»، مشيرا إلى أن هذا هو الفارق بين اللاعب الجيد جيدا واللاعب العظيم.
وعندما تشاهد ويليامز تشعر أنه رياضي بارع في عمله، لكنك تدرك على الفور أنه، مثل مايكل جويس، لن يصل إلى القمة. وخلال الشهر الماضي، انضم ويليامز إلى تشارلتون أثلتيك الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو: إذا كان النجاح يتحقق فقط من خلال الرغبة في تحقيق المزيد وعدم الاكتفاء بأن تكون في المركز الثاني، وغير ذلك من الأشياء الأخرى التي يتم ترديدها في غرف خلع الملابس وملاعب التدريب، فهل يمكن للاعب أن يشعر بالرضا لكونه يلعب في المستوى الثالث من رياضته؟
ويعمل نادي سندرلاند جاهدا للصعود من دوري الدرجة الثانية، ونفس الأمر ينطبق على لاعبي الفريق أيضا، لكن هل يجب أن نقول عليهم إنهم لاعبون فاشلون في حال عدم نجاحهم في الصعود؟
وكان من بين اللاعبين الذين ظهروا بقوة في الفيلم التسجيلي عن نادي ساندرلاند اللاعب جورج هانيمان، الذي تخرج من أكاديمية الناشئين بالنادي، مثل بيكفورد، ولعب في الدوري الإنجليزي الممتاز وكان مصمماً على أن يترك بصمة باسمه في أداء الفريق. وقد نجح بالفعل في القيام بذلك وأصبح الآن قائدا للفريق، لكن في دوري الدرجة الثانية، وبدلا من أن يلعب أمام ليفربول في الدوري الإنجليزي الممتاز بات يلعب أمام نادي أكرينغتون ستانلي. لكن هذا هو الصراع من أجل البقاء في عالم كرة القدم، ورغم كل شيء فقد حقق هانيمان شيئاً مهماً، ليس فقط لأن دوري الدرجة الثانية لا يضم عددا كبيرا من اللاعبين الجيدين، ولكن لأن هانيمان كان لديه رغبة قوية في أن يصبح لاعبا مهما في الفريق، كما يتضح من الفيلم الوثائقي.
أما اللاعب الذي كان يشعر بالخجل من الظهور أمام الكاميرا فكان رودويل، والذي كان يبدو محقا في ذلك، فهو لم يكن يشارك مع الفريق الأول بالنادي، وكانت هناك شائعات تشير إلى أنه يحصل على 70 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع. وكان المدير التنفيذي السابق للنادي، مارتن بين، يرغب في عدم دفع هذا الراتب الكبير للاعب السابق في صفوف المنتخب الإنجليزي ونادي مانشستر سيتي ويبدو أنه طالبه بأن «يكون رجلا» ويرحل عن النادي.
لكن رودويل بقي في النادي، وهو السبب الذي جعل مسؤولي وجمهور النادي يشعرون بالإحباط منه. ويمكنك أن تتفهم السبب الذي جعل رودويل، الذي انضم إلى بلاكبيرن في بداية هذا الموسم، متردداً في الرحيل وترك هذا المقابل المادي الكبير. لكن من الصعب أن ترى أن مسيرته الكروية تصل للمسيرة الكروية لهانيمان. صحيح أن رودويل لعب في مستوى أعلى من هانيمان وحصل على أموال أكثر، لكنه لم «يعرف مطلقا حجم إمكاناته الحقيقية».
ويجب الإشارة إلى أن هذه العبارة هي واحدة من الإكليشيهات القليلة في الرياضة التي تتعدى استخدامها، لأنه من الصعب تحديد إمكانيات اللاعب والتنبؤ بمستقبله، والدليل على ذلك أنه لم يكن أحد يتنبأ بأن هاري كين سيصبح أحد أفضل المهاجمين في العالم عندما كان يلعب على سبيل الإعارة لكل من ليتون أورينت وميلوول. لكن الشيء الذي يمكن قياسه هو الجهد والالتزام من جانب كل لاعب يسعى لتطوير وتنمية موهبته. لقد واصل مايكل جويس العمل حتى وصل إلى المرتبة الرابعة والستين في قائمة أفضل لاعبي التنفس في العالم، وصعد 15 مركزا بعدما كتب عنه فوستر والاس. إننا لا نعلم أو نهتم حتى بهوية اللاعب الذي كان يحتل المركز الخامس والستين أو الثالث والستين، لكننا نشير إلى جويس تحديدا لأنه بذل كل ما في وسعه من أجل تحقيق هدفه.
ويلقي الفيلم التسجيلي «في سندرلاند حتى أموت» الضوء على كيفية تحقيق الأحلام من جانب البعض والمسيرة المخيبة للآمال من جانب البعض الآخر، بالشكل الذي حث زوجتي، التي لم تكن تحب الرياضة مطلقا، للاهتمام بشكل فعال بكرة القدم. لكن في الوقت الذي كان فيه النادي يعاني من صدمة كبيرة على المستوى الجماعي، فإنه أظهر أيضاً كيف يمكن للشخص أن يرتقي فوق الشكوك التي تدور في رأسه ويتغلب على صافرات الاستهجان من قبل الجمهور والضغوط التي يواجهها ويحاول أن يقدم أفضل ما لديه.
في الجولة الخامسة من كأس الاتحاد الإنجليزي لعب نادي نيوبورت كاونتي أمام مانشستر سيتي. ورغم أن هذه المسابقة قد فقدت الكثير من مكانتها، فإنها تظل واحدة من الأماكن القليلة التي يمكنك فيها أن ترى رياضة بها كل أشكال التنوع، بدءا من لاعبي الصفوة والنخبة وصولا إلى اللاعبين الذين لديهم الجودة التي تمكنهم فقط من ممارسة كرة القدم.


مقالات ذات صلة

رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تعيش لحظات تاريخية

خاص حماد البلوي (الشرق الأوسط)

رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تعيش لحظات تاريخية

أكد حماد البلوي رئيس وحدة ترشح السعودية لمونديال 2034 أن شعوره بالفوز رسمياً بالاستضافة هو شعور أي سعودي يعيش هذا اليوم بكل فخر واعتزاز.

فارس الفزي (الرياض)
رياضة سعودية ياسر المسحل خلال حضوره اجتماع كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم (أ.ف.ب)

السعودية تستعرض رؤيتها الطموحة لاستضافة كأس العالم 2034 في كونغرس الفيفا

في كلمة ألقاها رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، ياسر المسحل، خلال عرض الملف الرسمي لاستضافة المملكة لكأس العالم 2034 في كونغرس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

هيثم الزاحم (الرياض)
رياضة سعودية الفيصل والمسحل خلال «كونغرس فيفا» (أ.ف.ب)

ياسر المسحل: ولي العهد أشرف على ملف السعودية لمونديال 2034 بنفسه

قال ياسر المسحل، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أشرف على ملف المملكة العربية السعودية لاستضافة مونديال 2034 بنفسه.

فارس الفزي (الرياض)
رياضة عالمية سونز قال إن كرة القدم لا تنتمي فقط إلى الغرب (رويترز)

خبير ألماني: السعودية دولة مهمة في كرة القدم

دافع سيباستيان سونز، الخبير الألماني المتخصص في شؤون الإسلام والسياسة، عن قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الأربعاء بمنح السعودية حق استضافة مونديال 2034.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة سعودية الأمير عبد العزيز بن تركي يحتفل لحظة الإعلان رسمياً عن استضافة السعودية كأس العالم 2034 (وزارة الرياضة)

وزير الرياضة السعودي: نسخة «كأس العالم 2034» ستكون استثنائية

أكد الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، الأربعاء، أن نسخة «كأس العالم 2034» التي ستستضيفها السعودية ستكون استثنائية.

سلطان الصبحي (الرياض)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».