قادة سابقون في جماعة الإخوان يرسمون صورة قاتمة لمستقبل أحفاد حسن البنا

توافقوا في رؤاهم لـ («الشرق الأوسط») على أن التنظيم بلا مستقبل في مصر

قادة سابقون في جماعة الإخوان يرسمون صورة قاتمة لمستقبل أحفاد حسن البنا
TT

قادة سابقون في جماعة الإخوان يرسمون صورة قاتمة لمستقبل أحفاد حسن البنا

قادة سابقون في جماعة الإخوان يرسمون صورة قاتمة لمستقبل أحفاد حسن البنا

في أواخر ثلاثينات القرن الماضي، في المؤتمر الخامس لجماعة الإخوان المسلمين في مصر قفز مؤسس الجماعة حسن البنا على تناقضات الواقع مقدما تعريفه لها باعتبارها «دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية»، لكن الجماعة التي أقصيت عن السلطة منتصف العام الماضي، بعد عام واحد من تجربة الحكم، عبر مظاهرات ربما هي الأضخم في التاريخ الحديث، باتت تواجه اليوم سؤال المستقبل بثقة أقل في ماهيتها، وإجابات مرتبكة حول المصير.
«الشرق الأوسط» سعت لاستطلاع صورة عن مستقبل جماعة يمتد تاريخها لما يزيد على 80 عاما، من وجهة نظر قيادات سابقة في «الإخوان»، غادروا مواقعهم حينما عايشوا بأنفسهم انحلال التناقضات التي كشفت عن خطاب السلطة وقد ضاق ذرعا بالتخفي خلف قناع الخطاب الدعوي.
ويعتقد الدكتور محمد حبيب النائب الأول السابق لمرشد الإخوان أن الصدام مع السلطة تجربة اعتاد عليها «الإخوان»، لافتا إلى أنها هذا الصدام لا يمثل جوهر اللحظة الفارقة في تاريخ الجماعة، يقول حبيب الذي أقصي عن الجماعة في عام 2011 لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الماضي كان يحدث صدامات بين الأنظمة المتعاقبة وجماعة الإخوان، كانت تتجلى في اعتقالات وقرارات الحبس الاحتياطي لقادتها وكوادرها، وفي حرب على الأرزاق، والنقل العقابي، لكن وسط كل هذا كان الناس يتعاطفون مع (الإخوان)».
ويرى حبيب أن أسباب التعاطف الشعبي مع الجماعة مرده إيمان هؤلاء بأن «الإخوان» أصحاب منهج سلمي يعدون أن القضايا السياسية لا بد فيها من مشاركة أطياف الحركة الوطنية المصرية، وكان هناك حرص على تثبيت هذا المبدأ على مستوى النقابات المهنية، وفي أوساط الأحزاب السياسية.
ويرسم حبيب حدا لسلوك «الإخوان» المنفتح تجاه استيعاب الاختلاف مع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وما أعقبها من تعديل الدستور، وصمت «الإخوان» على المذابح التي جرت بحق القوى الثورية في مصر ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها (مصادمات وقعت خلال العام الأول للثورة بين قوى الأمن وشباب الثورة من القوى اليسارية الليبرالية وسقط خلالها عشرات القتلى)، والخلاف الشديد بين القوى الثورية و«الإخوان» على شرعية الميدان والبرلمان ودفاع «الإخوان» عن المجلس العسكري، وحتى فوز الرئيس الأسبق محمد مرسي في انتخابات الرئاسة عام 2012.
ويقول حبيب: «هنا شعر الجميع القوى السياسية والجماهير أن (الإخوان) نكثوا بكل العهود، وبدا واضحا رغبتهم في الاستئثار بالسلطة وقد فشلوا فشلا ذريعة وتبين للجميع أيضا أنهم لا يملكون لا خبرة ولا رؤية ولا استراتيجية».
ويضيف حبيب قائلا: «الأنكى كان سيادة الشعور بأن مرسي لم يكن يحكم، الحكم كان في مكتب الإرشاد، وحتى لم يكن كامل هيئة مكتب الإرشاد إنما واحد أو اثنان، يفرضان رؤيتهما لا على الجماعة ولكن على مصر كلها وبالتالي كان هتاف يسقط حكم المرشد دقيقا ومعبرا عن الحقيقة».
«ومع سقوط حكم المرشد، اكتشفت الجماهير أن جماعة الإخوان لم تختلف في شيء عن الحزب الوطني ونظام مبارك، وهو ما جعل الإجراءات التي تتخذ ضدهم الآن تكاد تكون مصدر سعادة للمصريين»، بحسب حبيب الذي يرى أيضا أن قيادة «الإخوان» لن تفلح في التغطية على فشلها بصناعة ما يسميه «كربلائية جديدة».
ويعتقد حبيب أن تجاوزات الشرطة ضد أعضاء الجماعة تساهم في ترميم تصدعات التنظيم، ورغم التماسك البادي حاليا يرى نائب المرشد السابق أن العقول المتحجرة التي تتولى القيادة حاليا هدمت تاريخ «الإخوان» وتركت الجماعة بلا مستقبل.
من جانبه، يرهن القيادي السابق في جماعة الإخوان أحمد بان مستقبل التنظيم بإجراء مراجعة جادة ومعمقة لجملة مسارها السياسي وجملة أفكارها ومقولتها الرئيسة وقرارها الاستراتيجي بالجمع بين الوظيفة السياسية والدعوية.
ويرى بان الباحث المتخصص في شؤون الجماعة الإسلامية أنه إذا اختارت الجماعة أن تتخلى عن الغطاء الدعوي الذي حاولت من خلاله إخفاء هويتها السياسية وتواجه نفسها بحقيقة ماهيتها السياسية فعليها أن تتحدث عن كونها حزب سياسي يسعى للتفاعل بلغة السياسية. أما إذا قررت الجماعة أنها كيان دعوي فعليها أن تنشط تحت مظلة جمعية أهلية تخضع للشرعية قانونية وحينها جيب ألا تتدخل في المجال السياسي.
ويحذر بان من خيار ثالث وهو إصرار التنظيم على محاولة «ركوب حصانين في وقت واحد والإبقاء على الصيغة الملتبسة بين الدعوي والسياسي»، وهو ما سيدفعها، إلى ما يسميه بان «الدخول في شكل من أشكال الكمون حتى تنكسر موجة التضييق ويولد أفق جديد ويسمح لها بالتمدد كما حدث خلال تاريخها»، لكن في كل الأحوال لن تعود الجماعة كما كانت، قد تتحول إلى تنظيم أكثر صلابة تنظيمية لكن أقل عددا وأقل قدرة على التداخل مع محيطها الاجتماعي أكثر جنوحا للعنف وللقطيعة مع المجتمع.
ويعتقد بان أن ظاهرة «الإخوان» حتى وإن دخلت في طور الكمون، سيكون نجاحها مرهونا بشكل توجهات النظام الجديد وقدرته على تحقيق طفرة اقتصادية، لافتا إلى أن كل نجاح يحرزه النظام في هذا الإطار يخصم من رصيد الجماعة والعكس صحيح.
وعما إذا كانت الجماعة تملك القدرة على تحرير خطابها من التباساته يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع الأسف الشديد كل القيادات القادرة على القيام بهذه المراجعات الفكرية إما خرجت من الجماعة أو أخرجت منها، وبالتالي فإن جيل الشباب ربما هو الأقدر على اتخاذ هذه الخطوة ولكن هذا الجيل تم إرهاب وعيه وتزييفه وردعه بمظلومية جديدة على الأرجح تمنعه من إجراء مراجعة تأخرت لعقود».
ويرى بان أن من يمتلك حيثية وقدرة على إحداث هذا التغيير في مشروع «الإخوان» هم فرع الجماعة في تونس. يقول «هذا قد يحدث إذا امتلك حزب النهضة الشجاعة الكافية لمواجهة الجماعة بأخطائها، شرط أن يواكب هذا قدرة النظام الحالي على تحقيق نجاحات على الأرض تغيري شباب الجماعة بالتفاعل إيجابيا مع المراجعات».
يقدم الدكتور كمال الهلباوي أحد القيادات التاريخية لـ«الإخوان» ومتحدثها السابق في الغرب، رؤية أكثر تشاؤما حيال مستقبل «الإخوان»، فيقول لـ«الشرق الأوسط» بنبرة قاطعة خلت من التردد إنه «في ضوء القرارات الخاصة بالإرهاب وحظر الجماعة ونشاطها وحل الحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة ومصادرة أموال (الإخوان) لا مستقبل للجماعة في مصر».
ويضيف الهلباوي الذي كان من بين أعضاء لجنة كتابة الدستور الجديد إن نهاية «الإخوان» لا تعني نهاية المشروع الإسلامي، ويعتقد أن الوقت قد حان لمواجهة تشرذم الإسلاميين بين توجهات سلفية وإخوانية، مشيرا إلى أن هناك من يتنبه حاليا لأهمية هذا المشروع ويعمل على إنجازه.
من جانبه، يرى القيادي الإخواني السابق مختار نوح أنه بالإدارة الحالية لجماعة الإخوان التي استمرت من التسعينات وحتى اللحظة الراهنة مستحيل لأنها إدارة قطبية (نسبة لسيد قطب القيادي التاريخي للإخوان والذي أعدم في ستينات القرن الماضي) تفكيرها قريب من فكر الخوارج وتميل لإقصاء الآخرين، لافتا إلى أن تلك القيادة القطبية كونت مجموعة تؤمن بنفس آرائها داخل التنظيم، وهو ما جعله يقول لـ«الشرق الأوسط» بنبرة واضحة إنه «لا مستقبل لـ(الإخوان)».
ويضيف نوح أن «فكرة الجماعة نفسها باتت مرفوضة». يقول إن «وجود جماعة متمايزة داخل مجتمع مسلم أفرز آثارا سلبية كثيرة، وقد لمسها الناس وبالتالي الجماعة ستعاني من تراجع عدد الأعضاء مع مرور الوقت، بعد أن فقدت تعاطف المصريين».
تتواكب هذه المتغيرات في اعتقاد نوح مع تراجع بريق شعارات الإسلاميين. يقول إنهم جربوا كم كانت الشعارات الإسلامية جذابة وحصدوا ثمار هذه الجاذبية أمام صناديق الاقتراع، لكن استخدام «الإخوان» للعنف والتكبر الذي أظهروه خلال حكمهم وظهور مشايخ سلفية في مظهر غير مثقف ومفارق للواقع أنهى فرص استمرارهم.
ويحدد عبد الجليل الشرنوبي القيادي السابق في جماعة الإخوان مسارين لأعضاء التنظيم، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «(الإخوان) يمضون حاليا في مسارين، الأول، مخاصمة أشكال الحياة خارج التنظيم، والآخر يسعى لاستعادة التنظيم على أشلاء وطن».
ويرى الشرنوبي أن محاولة استعادة التوازنات السابقة بين السلطات الحاكمة وجماعة الإخوان خلال فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس الأسبق حسني مبارك يعد خيانة للوطن، مشددا على أن تحرير الخطاب الديني من سلطان أي تنظيم أو أي حاكم هو الضمانة الحقيقية لاستقلال الوطن.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».