تحرك قضائي ضد بغداد لإنشاء إقليم في البصرة

قوات الأمن تطوق مبنى محافظة البصرة خلال احتجاجات الشهر الماضي (أ.ب)
قوات الأمن تطوق مبنى محافظة البصرة خلال احتجاجات الشهر الماضي (أ.ب)
TT

تحرك قضائي ضد بغداد لإنشاء إقليم في البصرة

قوات الأمن تطوق مبنى محافظة البصرة خلال احتجاجات الشهر الماضي (أ.ب)
قوات الأمن تطوق مبنى محافظة البصرة خلال احتجاجات الشهر الماضي (أ.ب)

أعلنت مجموعة من الأكاديميين والناشطين العراقيين عن تأسيس «تجمع إقليمنا» للعمل على إنشاء إقليم في البصرة، وبدأوا نشاطهم بتجهيز تحرك قضائي ضد الحكومة العراقية، بعد نحو أسبوع من دعوة مماثلة في نينوى.
ويقول مؤسسو «تجمع إقليمنا» إن هدفهم يتلخص في «إقامة إقليم البصرة وفق الأطر الدستورية والقانونية للنهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق التنمية الشاملة»، إلى جانب «المحافظة على مدنيّة إقليم البصرة وإبعاده عن الطائفية والمناطقية وتهيئة قيادات مستقبلية نزيهة وواعية وتقديم نموذج صالح للحكم».
ويرفض القائمون على التجمع المقارنة بين مطلبهم وتجربة إقليم كردستان العراق التي اعتبروها «شبه انفصالية، ونحن لا نريد الانفصال عن العراق». وإذ يبدون تفاؤلاً واضحاً بإمكانية تحقيقه، فإن رافضي الفكرة يستبعدون أن تقبلها غالبية سكان المناطق المشمولة بالإقليم المقترح، ويشيرون إلى التجربة الفاشلة السابقة التي بدأها النائب والوزير السابق وائل عبد اللطيف في 2008، فضلاً عن تجارب مماثلة في مطلع القرن الماضي.
لكن أصحاب «تجمع إقليمنا» يراهنون على التململ المتزايد في البصرة من تدني مستوى الخدمات وقلة فرص العمل وتلوث مياه الشرب في المحافظة التي تنتج الغالبية العظمى من صادرات العراق النفطية. ودرج أهالي المحافظة على الخروج في مظاهرات بلغت ذروتها الصيف الماضي، وأدت إلى حرق مقرات أحزاب سياسية وفصائل «الحشد الشعبي» والقنصلية الإيرانية.
وعلى أحد الملصقات الترويجية التي وضعت على جدران المبنى الذي استضاف اجتماع «تجمع إقليمنا»، أول من أمس، وضعت عبارة تقول إن «من يطالب بحقوق البصرة من دون المطالبة بالإقليم كمن يرسم على الماء، مهما يبدع فلا ينتج شيئا».
ويرى رئيس التجمع كريم الشواك أن مطلب «تأسيس إقليم البصرة ليس جديداً، وقد انطلق الحلم صيف عام 1921، حين قام أكثر من 4 آلاف من أهالي البصرة بالتوقيع على طلب تأسيس الإقليم ورفعه إلى الملك فيصل الأول حينذاك».
وعن إمكانية نجاح الدعوة لإقامة الإقليم هذه المرة، يقول الشواك لـ«الشرق الأوسط»: «نسعى هذه المرة للاستفادة من تجارب الماضي وسد الثغرات التي أفشلت إقامة الإقليم سابقاً، ومنها الاهتمام بموضوع التثقيف بالفكرة داخل الأوساط الشعبية ولدينا اليوم 11 مكتباً في البصرة لتثقيف الناس حول الموضوع».
وكشف عن عزم التجمع الجديد على «رفع دعويين قضائيتين ضد رئاسة الوزراء لأنها تعرقل مساعي إنشاء الإقليم التي كفلها الدستور». وأضاف أن «مفوضية الانتخابات طلبت في عام 2015 من رئاسة الوزراء تخصيص 12 مليار دينار للشروع في المرحلة الثانية لإنشاء الإقليم، بعد أن اجتزنا الخطوة الأولى المتمثلة بالحصول على تواقيع اثنين في المائة من الناخبين تمهيداً لخطوة العشرة في المائة التالية، لكن رئاسة الوزراء لم تستجب».
ويصّر الشواك على أن «الخطوة التالية المتمثلة بقبول 10 في المائة من الناخبين بموضوع الإقليم متحققة هي الأخرى من خلال الاستعاضة عنها بتصويت ثلث أعضاء مجلس البصرة ولم تستجب الحكومة الاتحادية لهذه الخطوة أيضاً، من هنا فإننا بصدد رفع قضيتين ضدها في الأيام المقبلة». وشدد على أن غالبية السكان في البصرة مع فكرة الإقليم.
لكن الناشط كاظم السهلاني الذي كان أحد المساهمين في الاحتجاجات الشعبية الأخيرة يرفض القبول بفكرة التأييد الشعبي لفكرة الإقليم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لو صح ذلك لما تمكن أحد من الوقوف أمام فكرة الإقليم وأغلبية البصريين ضدها، وأتحدى الداعمين لفكرة الإقليم أن ينظموا مظاهرة داعمة يخرج بها 100 ألف بصري من مجموع نحو 4 ملايين بصري».
وأضاف: «أنا ضد فكرة الإقليم، حتى مع كونها دستورية، لأن الدستور كُتب تحت ضغط الخوف من الحكم المركزي وضغط الأكراد تمهيداً لانفصالهم لاحقاً عن العراق، ثم إن البنى السياسية والاقتصادية في البصرة غير مهيأة لمسألة الإقليم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.