الجزائر: ترتيبات لاستحداث منصب نائب الرئيس في تعديل جديد للدستور

لمساعدة بوتفليقة على أداء مهام الرئاسة في حال التمديد له

جزائريون يطالعون عناوين أبرز الصحف التي تناولت ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (أ.ف.ب)
جزائريون يطالعون عناوين أبرز الصحف التي تناولت ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: ترتيبات لاستحداث منصب نائب الرئيس في تعديل جديد للدستور

جزائريون يطالعون عناوين أبرز الصحف التي تناولت ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (أ.ف.ب)
جزائريون يطالعون عناوين أبرز الصحف التي تناولت ترشح بوتفليقة لولاية خامسة (أ.ف.ب)

يُرتقب أن يُدخل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تعديلاً على الدستور، في حال انتخابه رئيساً لولاية خامسة في أبريل (نيسان) المقبل، إذ تجري حسب مقربين من الرئيس ترتيبات لاستحداث منصب «نائب رئيس الجمهورية»، يمنحه صلاحيات كبيرة، بهدف التغطية على غياب الرئيس عن أهم الأنشطة في الداخل والخارج، بسبب مرضه.
وتعود الفكرة إلى عام 2006، حينما تراجع نشاط بوتفليقة وصار قليل الظهور، بعد أن أُجريت له عملية جراحية على المعدة في فرنسا، إثر نزيف حاد في جهازه الهضمي. وطُرحت حينها عدة أسماء لتولي منصب نائب رئيس الجمهورية، أبرزهم وزير الخارجية سابقا عبد العزيز بلخادم (اختلف مع الرئيس وعزله من السلطة عام 2014)، ورئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى. لكن الرئيس تخلى عن المشروع مؤقتاً، بعد أن عدّل الدستور في 2008، وألغى ما كان يمنع الترشح لأكثر من ولايتين. وفي العام الموالي ترشح لولاية ثالثة، وسط انتقادات حادة للمعارضة وقطاع من الإعلام.
واستمر انسحاب الرئيس من المشهد، جزئياً، حتى 2013، وتوقف نشاطه كلياً عندما أُصيب بجلطة دماغية أقعدته على كرسي متحرك. وما بين 2006 و2013، نُقل جزء من صلاحياته إلى رئيس الوزراء ورئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، الذي يعد الرجل الثاني في الدولة، حسب الدستور. وتمثلت الصلاحيات التي أُعطيت لهما في المشاركة، بدلاً عنه، في المؤتمرات والتظاهرات الدولية. أما في الداخل، فقد كانت الحكومة تؤدي نشاطها بشكل عادي «تحت توجيهات رئيس الجمهورية»، حسب ما كانت تنشره وكالة الأنباء الحكومية.
وقال مقربون من الرئيس لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشروع» تم بعثه مجدداً لمّا قرر بوتفليقة الترشح للرئاسية المقررة في 18 من أبريل المقبل. وقد أشار إليها، ضمناً، في «رسالته إلى الأمة» الأحد الماضي، التي أعلن فيها عن رغبته في تمديد حكمه.
وإن لم يذكر بوتفليقة أنه يريد إنشاء منصب نائب رئيس الجمهورية، إلا أنه أكد أنه يعتزم إدخال تعديل على الدستور، يرجح مراقبون أنه لن يتضمن شيئاً آخر سوى المشروع القديم المؤجَّل، على اعتبار أن بوتفليقة أحدث ثلاث مراجعات دستورية من قبل، ووضع فيها كل القرارات الكبيرة، التي كان يريدها منذ وصوله إلى الحكم عام 1999.
وتُطرح أسماء مسؤولين بارزين لهذا المنصب المرتقب، منهم أويحيى من جديد، ومدير حملة الرئيس الانتخابية عبد المالك سلال، وهو أيضاً رئيس وزراء سابق ومن أشد رجال الحكم ولاءً لبوتفليقة. كما يُطرح بشكل أقل حدة اسم رئيس الوزراء سابقاً عبد المجيد تبون، المعزول منذ عام 2017 بسبب خلاف بين رجال أعمال موالين للرئيس.
واقترح بوتفليقة «تغييراً عميقاً للدستور» في سياق مقترح آخر هو «ندوة وطنية»، تُعقد، حسبه، قبل نهاية العام، ويُعهد إليها «إعداد أرضية سياسية واقتصادية واجتماعية». مشيراً في رسالة ترشحه إلى أن «الندوة الوطنية بإمكانها أيضاً اقتراح إثراء عميق للدستور، في ظل احترام أحكامه المتعلقة بالثوابت الوطنية، والهوية الوطنية، والطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة». لكنه لم يقدم تفاصيل عن هذه الفكرة.
وسبق أن صرح بوتفليقة، عندما كان حديث عهد بالرئاسة، بأن الدستور الذي وضعه سلفه الجنرال اليمين زروال عام 1996 لا يعجبه. وفي سنة 2000 قال إنه يعتزم تغييره جذرياً. وبعد عامين من ذلك قام بتعديله بإدراج الأمازيغية كلغة وطنية إلى جانب العربية. وتم ذلك على أثر ضغط سكان القبائل (شرق)، التي ناضلت لسنوات طويلة من أجل «اعتراف الدولة بالهوية الأمازيغية للشعب الجزائري».
وفي 2008 أجرى تعديلاً ثانياً هز أركان السلطة التنفيذية، وذلك بإلغاء منصب «رئيس الحكومة» ذي الصلاحيات الواسعة، وعوضه بـ«وزير أول»، يؤدي دور «ساعي البريد»، ينقل فقط الأوامر والتوجيهات من الرئيس إلى وزرائه. كما ألغى بالمناسبة المادة الدستورية التي تمنع الترشح للرئاسة بأكثر من ولايتين. وفي 2016 عدل الدستور للمرة الثالثة، مرتقياً بالأمازيغية إلى لغة رسمية ثانية، وأعاد ضبط الترشح بولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة. وفي التعديلات الدستورية الثلاثة، أظهر بوتفليقة عزوفاً عن الاستفتاء الشعبي، حيث مررها عن طريق برلمان خاضع له بشكل كامل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.