مسودة اتفاق بين الحزبين الحاكمين في كردستان العراق

TT

مسودة اتفاق بين الحزبين الحاكمين في كردستان العراق

بلورت اللجان المشتركة التي شكلها الحزبان الحاكمان في إقليم كردستان العراق، مسودة اتفاق جديد بين الحزبين الغريمين والشريكين في نظام الحكم بالإقليم، منذ أكثر من ربع قرن، من شأنه كما يقول بعض المراقبين التدشين لمرحلة جديدة من التعاون المشترك بينهما في مختلف المجالات السياسية والإدارية والعسكرية والاقتصادية، بل وحتى الاجتماعية وقد يسهم إلى حد كبير في إزالة ترسبات الماضي المؤلم، والتي كادت أن تعود بالإقليم إلى فترة الصراع الداخلي منتصف التسعينات من القرن المنصرم، لا سيما بعد أحداث 16 من أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وأكد سعدي أحمد بيرة، عضو المكتب السياسي والمتحدث الرسمي باسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أن مسودة الاتفاق لا تزال في طور التداول والمناقشة بين قيادتي الحزبين، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق سيتم التوقيع عليه بين قيادتي الحزبين قريباً، وسيكون بديلاً عن الاتفاق الاستراتيجي المبرم بين الطرفين في عام 2006.
من جانبه، يرى القيادي وعضو مجلس النواب السابق عن الاتحاد الوطني، آريز عبد الله، أن الاتفاق إذا ما وضع حيز التنفيذ، فسيفتح آفاقاً جديدة من التعاون والتنسيق المشترك بين الحزبين فيما يتعلق بمعالجة المشاكل التي يعاني منها الإقليم على الصعيد الإداري، وكذلك حلحلة الملفات العالقة بين الإقليم وبغداد، إضافة إلى معالجة قسم كبير من المشاكل الثنائية، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن تنفيذ ولو ثلثي بنود الاتفاق الذي من المقرر توقيعه في 18 من الشهر الجاري، من شأنه إقامة نظام حكم شفاف في الإقليم، يلغي سياسة القطب الواحد، التي طغت على أداء الحكومة في السنوات الماضية، بحيث تكون سياسة الحكومة رشيدة ومشتركة ومعبرة عن مواقف الأحزاب المشاركة في نظام الحكم كافة، وعلينا جميعاً أن نمارس كل ضغط ممكن لتطبيق الاتفاق الوليد على نحو متكامل من أجل مستقبل أفضل للإقليم.
وتتضمن مسودة الاتفاق 18 بنداً، لعل أبرزها العمل المشترك بين الحزبين كفريق واحد، في البرلمان والحكومة سواء في الإقليم أو في الحكومة الاتحادية، واتباع أكبر قدر من الشفافية في مسألة عائدات الإقليم المالية خصوصاً عائدات الثروات الطبيعية، وإنشاء صندوق لجميع عائدات النفط والغاز المصدر للخارج، واتباع الشفافية في علاقات الإقليم الخارجية، والعمل على تحسين الأوضاع المعيشية لسكان الإقليم، وتعزيز مستوى الخدمات المقدمة لهم، وتدعيم العلاقات مع السلطات الاتحادية وتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك تحديداً، وإعادة نشر قوات البيشمركة في كركوك والمناطق المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي، وإجراء الإحصاء السكاني فيها، إضافة إلى العمل المشترك لاستكمال مشروع دستور الإقليم المعطل منذ سنوات. ومن المقرر التوقيع على الاتفاقية من قبل قيادتي الحزبين خلال مراسيم خاصة تقام بهذه المناسبة.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.