الثلج رداء أبيض «استدعى» الزوّار إلى مرتفعات الشمال الغربي في تونس

ثلوج في مرتفعات الشمال الغربي في تونس («الشرق الأوسط»)
ثلوج في مرتفعات الشمال الغربي في تونس («الشرق الأوسط»)
TT

الثلج رداء أبيض «استدعى» الزوّار إلى مرتفعات الشمال الغربي في تونس

ثلوج في مرتفعات الشمال الغربي في تونس («الشرق الأوسط»)
ثلوج في مرتفعات الشمال الغربي في تونس («الشرق الأوسط»)

بحليّ ثلجيّة ناصعة البياض، تزيّنت مرتفعات تونس واكتست بطبقات من الثلوج شكّلت مشهداً استثنائياً لم يألفه التونسيون كثيراً، بعدما شهدت البلاد خلال الأيام القليلة الماضية موجة برد قاسية، اشتدّت حدّتها في مرتفعات الشمال الغربي للبلاد، حيث تساقطت كميات كبيرة من الثلوج، غطّى بياضها المنطقة التي سرعان ما تحوّلت إلى وجهة للسيّاح الأجانب، وللتونسيين من بقية مناطق البلاد.
توافد الزوّار إلى محافظات جندوبة والكاف وسليانة، للاستمتاع بجمال الطبيعة منشّطين الحركة السياحية والتجارية في هذه المناطق الفقيرة.
يقول سامي فارح - 35 سنة - الذي جاء إلى منطقة عين دراهم من محافظة جندوبة، ضمن رحلة نظّمتها إحدى وكالات السفر، إنّ صور "بعض الرفاق على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يستمتعون بالثلوج أغرتني"، وجذبه جمال المناظر الطبيعيّة التي شاهدها في نشرات الأخبار، فقرّر أن يخوض التجربة ويغامر بالمجيء إلى المنطقة على الرغم من تحذيرات السلطات من خطورة الطرق واحتمال إغلاقها.
يضيف سامي في حديثه إلى "الشرق الأوسط" وهو ينظر إلى المرتفعات التي كساها الثلج: "هذه المشاهد جديدة بالنسبة إلينا، فنحن نشاهدها عادة في الأفلام والمسلسلات، لذا نرى أن الكثير من الوافدين إلى المنطقة هم تونسيون من مناطق أخرى".

لوحة الجمال تغطّي المعاناة
على الرغم من قسوة المناخ في الشمال الغربي التونسي، انتشرت مظاهر الفرح والاحتفال بتساقط الثلوج، غير أنّ ذلك لم يخفِ الأوضاع الإنسانيّة الصعبة، بعدما تسبّبت العواصف بانهيار منازل، وقطع طرق، وعزل مناطق بأكملها.
وكشفت هذه ظروف الطبيعية ضعف الدولة وحالات التهميش التي تعيشها أغلب مناطقها، وهو ما عبّر عنه السكان المحليون الذين عجزوا في بعض الحالات عن توفير حطب التدفئة الذي يكلّف مبلغ 32 دينارا تونسيا (16 دولارا أميركيا) للمتر المكعّب الواحد، في حين يتضاعف السعر مع إضافة أجور النقل، وفق ما أكّده لـ"الشرق الأوسط" خالد عبيدي أحد أهالي أرياف منطقة عين دراهم.
ويلفت خالد الذي يقطن مع زوجته وأطفاله الستّة في كوخ صغير، إلى أنّ أكثر المنازل في أرياف الشمال الغربي مجرّد أكواخ ومنازل بسيطة لا توفّر الدف، ويشير إلى كون البنى التحتية في المنطقة ضعيفة لا تتحمل العواصف الثلجية، فتنقطع الطرق، وتتوقف عجلة الحياة اليومية من دراسة وعمل.
بلغت سماكة الثلوج في مناطق عدّة نحو نصف متر، ممّا أوجب تدخل مختلف الوحدات من إدارة غابات وتجهيز وديوان وطني للتطهير وحماية مدنية، لفتح عدد من الطرق وتمكين السيارات العالقة من المرور. وأنشأت وزارة التجارة خليّة أزمة للتدخل وتوفير المواد الأساسية التي يحتاج إليها الناس للصمود. وفُتحت بعض المراكز لإيواء المتضررين من موجة البرد وتوفير الخدمات الضرورية لهم. ووزّعت لجنة مجابهة الكوارث الطبيعية مساعدات على عدد من العائلات على غرار الأغطية الصوفية ومواد غذائية وكميات من الحليب وملابس شتوية.

*من «مبادرة المراسل العربي»


مقالات ذات صلة

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد رافعات ضخ النفط في مستودع فاكا مويرتا للنفط والغاز الصخري في الأرجنتين (رويترز)

النفط يتراجع مع انحسار تهديد عاصفة في أميركا وحوافز صينية مخيّبة للتوقعات

واصلت أسعار النفط انخفاضها يوم الاثنين مع انحسار خطر تعطل الإمدادات بسبب عاصفة أميركية، وبعد أن خيّبت خطة التحفيز الصينية آمال المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد علم الولايات المتحدة يرفرف بينما تشتد قوة الإعصار في خليج المكسيك (رويترز)

توقعات بتوقف إنتاج 4 ملايين برميل نفط في أميركا الأسبوع الجاري

يتوقع باحثون تعطل إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنحو أربعة ملايين برميل خلال الأسبوع الجاري، وذلك مع قرب العاصفة «رفائيل» إلى خليج المكسيك.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
أوروبا صورة ملتقطة في الأول من نوفمبر 2024 تظهر الآثار المدمرة للفيضانات على منطقة تجارية في بلدة ألفافار بمنطقة فالنسيا شرق إسبانيا (أ.ف.ب)

205 قتلى جراء الفيضانات في إسبانيا... وأضرار هائلة تخلّفها العاصفة

ارتفعت حصيلة عدد قتلى الفيضانات العنيفة في إسبانيا إلى 205 أشخاص على ما أفادت فرق الإنقاذ مع ترجيح أن يرتفع العدد نظراً لعدد المفقودين الكبير.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)

«زقاق» ينظم ورش عمل فنية لإحياء الدور الثقافي في زمن الحرب

تدريبات منوعة على الأداء الفني (مسرح زقاق)
تدريبات منوعة على الأداء الفني (مسرح زقاق)
TT

«زقاق» ينظم ورش عمل فنية لإحياء الدور الثقافي في زمن الحرب

تدريبات منوعة على الأداء الفني (مسرح زقاق)
تدريبات منوعة على الأداء الفني (مسرح زقاق)

كخليّة نحل يعمل فريق مسرح « زقاق» لإبقاء التواصل بين الخشبة وهواتها. ورشة فنية تلو الأخرى ينظمها كلٌّ من مايا زبيب، ولميا وعمر أبي عازار، ومحمد حمدان، وجنيد سري الدين. يتناولون معاً موضوعات مختلفة منها المعالجة الدرامية والتمثيل والإنتاج المسرحي. وتحت عناوين مختلفة ينظم فريق «مسرح زقاق» البيروتي لقاءات وورشاً تطبيقية.

كان من المفروض أن تحتفل خشبة «زقاق» بعيد تأسيسها الـ18 هذه السنة، ولكن مع نشوب الحرب في لبنان قرّرت تأجيلها بعد عام كامل من التحضير لها. وتوضح مايا زبيب لـ«الشرق الأوسط»: «قرّرنا الاستعاضة عن هذا الاحتفال بورشٍ فنية ننظمها، وهدفها الإبقاء على جسر التواصل بين المسرح وهواته. ومن بين نشاطاتنا (عشْ... ابقَ) الذي أطلقناه في 26 الحالي».

ورش العمل في مسرح زقاق تجذب هواة الخشبة (مسرح زقاق)

في هذه الورشة يتشارك الجميع تجاربهم ويصغي بعضهم إلى بعض. وتوضح زبيب: «نهدف في هذه الورشة إلى كسر العزلة بين المسرح ورواده. ومن خلال هذا المنبر المفتوح نستقي طاقة الاستمرار لأن في اللقاء قوة. وفي هذا المُلتقى نستقبل مداخلات الناس كلٌّ حسب رغبته. وتتضمن قراءة النصوص، والموسيقى، والحكاية أو سواها، إضافة إلى الأعمال الفنّيّة المختلفة من مسرح وموسيقى وتجهيزات فنّيّة وأفلام سينمائية وسواها من الأشكال التواصليّة والتعبيريّة والفنيّة. وتتناول في طرحها التفكّر ومشاركة التجارب حول اللحظة الراهنة».

لا تزيد مدة المداخلة على 10 دقائق ويجتمع في الورشة الفنان والممثل وهواة المسرح. «الجميل في الموضوع هو أننا نلاقي إقبالاً ملحوظاً، فيأتينا الطّلاب وهواة الفنون من كل حدب وصوب. وفي ورشة «رسائل من فوق الأرض» نضطر إلى تفسير موضوع شائك أو حدثٍ معين لم يستوعبه كثيرون، فنُسلّط الضوء عليه من نواحٍ عدة. كما أن لدينا اتصالات مع فنانين من خارج لبنان، نتفاعل معهم عبر شبكة تواصل ضخمة نملكها».

عبر هذه الشبكة ندعو فنانين من الخارج. وتُتبادل الخبرات بين مسرحيين لبنانيين وأجانب، يتناوبون على تقديم أعمالٍ بين لبنان والخارج.

ومع مجموعة شباب مدرّبين على العمل المسرحي قدّم «زقاق» عملاً بعنوان «فلنجعل هذه الغابة رائعة من جديد». وتستطرد مايا زبيب في سياق حديثها: إن «الأفكار كثيرة لا سيما أننا نملك خبرة طويلة مع الخشبة يتجاوز عمرها الـ18 عاماً».

تدور هذه الورش مرّة في الأسبوع، ويجد روادها الدّعمين الاجتماعي والنفسي المطلوبين. وعن ورشة المسرح العلاجي «الخيال كفعل» تُوضح زبيب: «عملنا على تطوير أسلوب المسرح العلاجي ونعلّمه بدورنا لطلاب جدد لنتساعد. أحيانا يتحكّم حدث معين بنوع الورشة المقامة، كما حصل في وقت انفجار المرفأ. جُلْنا يومها على المدارس والمخيمات، والتقينا الناس في ورشة خاصة بالمدينة، فأعدنا الاتصال بين لغة العقل والجسد عندهم». وتتابع :«في هذا النوع من الورشات نخوض تجربة جماعية تُحفّز على عمليّةِ التجدّد الذاتيّ، بالاستناد إلى تقنيّات الوساطة المسرحيّة. فنعمل معاً على تعزيزِ قدرتِنا على التعامل مع هذه الظروفِ الصعبة، عبر توظيفِ القوّة الكامنة فينا وقدرتها على إحداث التغيير».

ورشة أخرى ينظمها فريق العمل بعنوان «ورشة عمل تحريكية»، في 5 و12 و19 ديسمبر (كانون الأول)، ترتكز على تعلّم كيفية شبك جميع حواسنا بعضها مع بعض. «نعتمد هذا النوع من الورش لتجاوز صدمات نفسية نصاب بها إثر حادث نتعرض له. فهي غالباً ما تتسبب بفقداننا الشعور بحواسنا إثرها».

الموسيقى تدخل ضمن برنامج ورش المسرح (مسرح زقاق)

وتقدّم هذه الورشة الحركيّة للمشاركين تمارين هادئة تهدف إلى استعادة اتصالٍ طبيعيٍّ وفعّال بين الجسد والعقل، وكذلك إيقاظ قدرة الجسد الفطريّة على التجدد. وتجمع الورشة في عملها مجالات التحرّك الجسدي، والاستكشاف الداخلي الخلّاق، وممارساتِ التنفّس الواعي، وتقنيّاتِ الاستيقاظِ الذاتيِّ، لتوفر بذلك مساحة للاسترخاء العميق، وتحريرِ المشاعر، وإدراك الذات، وتحفيز الحضور الذهني. ويختبر المشاركون التحركَ وفق إيقاعهم الخاص، مستفيدين من المعرفة الكامنة في أجسادهم من أجل تحري التوترات العميقة، ممّا يعزّز لديهم شعوراً متجدّداً بالثبات والهدوء.

ومن الورشات الفنية الأخرى نتوقف عند «ما العمل؟»، وتضيف مايا زبيب لـ«الشرق الأوسط»: «سننظمها في 2 و3 و4 ديسمبر. وتقوم على تعاون بين الفنان جنيد سري الدين والحضور. وهي ورشة لابتكار أعمال فنية شخصية تنبع من الواقع الحالي، فتحاكي اللحظة التي نعيشها ونواجهها. وتطمح إلى بلورة أعمال انطلاقاً من فكرة ما أو رغبة ما، وتسهم في إنجاز مخطّطها في وقت قصير ومحدّد. ونختبر في هذه الورشة تقنيّةً تجريبية في مواكبة هذا الزمن».

ومن الورش الأخرى التي ينظمها «زقاق» واحدة بعنوان «التواصل القصدي» في 2 و3 و9 ديسمبر، مع محمد حمدان، تُستكشف خلالها تقنية التواصل القصدي من خلال الكتابة. وتعمل على تحفيز عملية إدراك الذات والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة.