أطلق الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مناورات عسكرية «ستكون الأكبر في تاريخ البلاد»، انطلقت أول من أمس، وتستمر حتى 15 فبراير (شباط) المقبل، فيما وجّه خوان غوايدو، رئيس البرلمان الفنزويلي الذي أعلن نفسه رئيساً انتقالياً للجمهورية، تحذيراً شديداً إلى الجيش من مغبة منع دخول المساعدات الإنسانية.
وقال غوايدو الذي اعترفت به نحو 40 دولة رئيساً انتقالياً لفنزويلا إنه «على النظام أن يدرك أن هناك مسؤوليات لا بد من تحملها. إنها جريمة ضد الإنسانية يا حضرات المسؤولين في القوات المسلحة». وجاء كلام غوايدو بعد مشاركته أول من أمس (الأحد) في قداس بكنيسة تقع في حي لاس مرسيدس في شرق كراكاس، برفقة زوجته فابيانا روزاليس وطفلتهما البالغة عشرين شهراً، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف غوايدو الذي يتولى أيضاً رئاسة البرلمان حيث للمعارضة أكثرية، إن «العسكريين يتحولون إلى جلاّدين ومسؤولين عن أعمال إبادة عندما يغتالون شباناً متظاهرين، وعندما يمنعون دخول مساعدات إنسانية» إلى فنزويلا.
ودعا غوايدو مرة جديدة الفنزويليين إلى المشاركة في «يوم الشبيبة»، اليوم (الثلاثاء)، إحياءً لذكرى القتلى الذين سقطوا خلال التحركات المعارضة حتى الآن، والذين يصل عددهم إلى نحو 40 قتيلاً منذ الحادي والعشرين من يناير (كانون الثاني) حسب الأمم المتحدة، وللمطالبة بدخول المساعدات الإنسانية من كولومبيا.
وتتكدس أطنان من المواد الغذائية والأدوية المرسلة من الولايات المتحدة منذ الخميس الماضي في مخازن في بلدة كوكوتا بكولومبيا، قرب جسر تيانديتاس الذي يربط بين البلدين، والذي تغلقه القوات العسكرية الفنزويلية بمستوعبات.
في المقابل، اعتبر مادورو أن واشنطن هي «التي فبركت هذه الحالة الإنسانية الطارئة للتدخل» في فنزويلا. كما وصف الرئيس الاشتراكي إرسال المساعدات بأنه «استعراض سياسي»، ويرى أن النقص في الأغذية والأدوية سببه العقوبات الأميركية.
وفيما بدا أنه رد على هذه التصريحات، قال غوايدو في تصريح أمام عدد من الصحافيين والأنصار: «أفهم أن يرفض النظام الاعتراف بوجود أزمة هم مسؤولون عنها. لكننا نحن الفنزويليين نعمل بكل قوانا لوقف هذا الاغتصاب للسلطة، والتعامل مع الوضع الطارئ».
وبعدما كانت فنزويلا دولة نفطية ثرية، أصبحت تشهد أسوأ أزمة في تاريخها الحديث، نتج منها نقص كبير في المواد الغذائية والأدوية ونسبة تضخم خيالية، ما أجبر نحو 2. 3 مليون فنزويلي على ترك البلاد منذ عام 2015، حسب الأمم المتحدة.
وبينما تواصل الدول الغربية بقيادة واشنطن الضغط على مادورو، أعلن الجيش الذي يعد الداعم الرئيسي لنظام الأخير، إطلاق مناورات عسكرية أول من أمس، في كل أنحاء البلاد تتواصل حتى الخامس عشر من الشهر الحالي، بهدف «تعزيز القدرات الدفاعية عن الأراضي» الفنزويلية، حسبما جاء في بيان صادر عن الجيش.
وقال مادورو مخاطباً الجنود المشاركين في هذه المناورات: «نحن شعب مسالم، ولكن لا يجربنّنا أحد (...) فليخرج دونالد ترمب من فنزويلا! فلتخرج تهديداته! هنا توجد قوات مسلّحة ويوجد شعب للدفاع عن الوطن».
وذكر موقع «سبوتنيك» الروسي، أمس، أن مادورو وصل قبل بداية المناورات إلى ولاية ميراندا الشمالية لإلقاء نظرة على المعدات العسكرية، التي تشمل «قاذفات صواريخ روسية الصنع» تستخدمها القوات المسلحة الفنزويلية.
وإزاء استعراض القوة الذي يقوده مادورو، قال غوايدو إنه «آسف إزاء ما يدفع (مادورو) جيشنا إلى القيام به»، ثم وجه كلامه إلى قادة الجيش قائلاً: «الأمر منوط بكم، لقد حللنا المعضلة، ونعطيكم الأمر التالي: اسمحوا بدخول المساعدات الإنسانية».
وبكلامه عن حل «المعضلة»، وبعرضه العفو عن الجنود الذين يقررون الانضمام إليه، يحاول غوايدو إحداث ثغرة في ولاء الجيش الكامل حتى الآن للرئيس مادورو. كما أوضح غوايدو أن مئات المتطوعين سجلوا أسماءهم يومي السبت والأحد للمساهمة في العملية «المعقدة» لإدخال المساعدات، «في انتظار وصول شحنات مساعدات إضافية إلى البرازيل المجاورة، وإلى إحدى جزر الكاريبي».
وتابع غوايدو أن «هناك نحو 300 ألف فنزويلي مهددين بالموت»، في حال لم تصل المساعدات. والأحد، تظاهر نحو 60 طبيباً فنزويلياً على حدود بلادهم مع كولومبيا للمطالبة بإدخال المساعدات المتكدّسة على الجانب الآخر من الحدود.
وقال الطبيب خوسيه لويس ماتيوس دي لا ريفا، الذي يعمل في مستشفى «سان كريستوبال» المركزي إنّ فنزويلا تشهد وضعاً طبياً شبيهاً «بالقرون الوسطى»، مستشهداً بحالات مرضى يتم بتر أطرافهم بسبب عدم وجود أدوية لعلاج الالتهابات، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان غوايدو قد حذّر، في مقابلة مع الوكالة نفسها، الجمعة، من أنّه سيقوم بما هو «ضروري لوقف اغتصاب» مادورو للسلطة و«لإنقاذ أرواح»، من دون أن يستبعد احتمال قيام البرلمان الذي يترأسه بإعطاء الضوء الأخضر لتدخل قوة أجنبية.
وقال المحلل السياسي لويس سالامنكا إن «المساعدات الإنسانية اليوم هي في صلب النزاع بين قطبي السلطة»، إضافة إلى المواجهة «حول القوات المسلحة». من جهته قال بدرو كارمونا، الذي تسلم الرئاسة لفترة قصيرة بعد الانقلاب الفاشل ضد هوغو تشافيز عام 2002، إن بلاده «تعاني من الطغيان»، معتبراً أن غوايدو يتمتع بالشرعية لقيادة فترة انتقالية تمهّد لانتخابات. إلا أنه يرفض أي تدخل عسكري خارجي.
وكرّر غوايدو، الأحد، رفضه التفاوض مع مادورو، قائلاً إن «الوقت اليوم لا يلعب لصالحه، والديمقراطية باتت اليوم أقرب مما كانت عليه في أي وقت مضى، والمستقبل لنا». وتابع: «نرحب بالطبع بكل المساعي الحميدة من قبل الدول التي تريد مواكبة العملية لإنهاء الاغتصاب، ولتشكيل حكومة انتقالية تمهد لإجراء انتخابات حرة».
وكانت مجموعة الاتصال الدولية التي تتألف من دول أوروبية ولاتينية أميركية قد دعت إلى إجراء انتخابات «حرة». في المقابل، ندّد مادورو بـ«انحياز» هذه المجموعة، معرباً عن أمله أن يوافق البابا فرنسيس على طلبه التوسط.
وكانت مجموعة الاتصال الدولية قد عقدت اجتماعاً، الخميس، في مونتيفيديو، وقررت إرسال بعثة تقنية إلى فنزويلا ودعت إلى «إتاحة إدخال المساعدات بشكل سريع» تحت إشرافها وإشراف الأمم المتحدة.
إلا أن الأمم المتحدة حرصت على التأكيد أنها لن تتحرك ما لم تحصل على موافقة السلطات الفنزويلية.
وكان غوايدو قد أعلن نفسه رئيساً انتقالياً في الثالث والعشرين من يناير، بعدما اعتبر البرلمان أن مادورو «مغتصب» للسلطة لأن الانتخابات التي أبقته رئيساً لم تكن نزيهة.
فنزويلا تطلق «أكبر» مناورات عسكرية في تاريخها
غوايدو محذراً الجيش: منع دخول المساعدات جريمة ضد الإنسانية
فنزويلا تطلق «أكبر» مناورات عسكرية في تاريخها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة