حفتر يعزز موقعه العسكري ويفرض هيمنته جواً على جنوب ليبيا

عزز المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، موقعه العسكري بعدما باتت قواته تفرض هيمنتها على أجواء الجنوب بالتزامن مع عمليتها البرية الواسعة النطاق لـ«تحريره من عصابات الإرهاب والجريمة»، بحسب الإعلان الرسمي عن العملية. ويتزامن ذلك مع سعي حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج إلى إقناع مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات ضده.
وأكد حامد الخيالي، عميد بلدية سبها كبرى مدن الجنوب، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن حكومة السراج فقدت سيطرتها على المنطقة، مضيفاً في تصريحات خاصة عبر الهاتف: إن «قوات الجيش موجودة الآن خارج سبها»، بينما تتولى قوات الدعم المركزي والأمن تأمين المدينة، لافتاً إلى عودة الحياة لطبيعتها.
وتابع: إن «الأمور تسير بشكل طبيعي والمحال بمعظمها تفتح أبوابها حالياً إلى وقت متقدم ليلاً، وحركة السيارات والمارة طبيعية وعادية في الشوارع... وحكومة الوفاق لم تعد تسيطر على شيء في الجنوب، وهي مسألة وقت فقط قبل أن يعلن الجيش السيطرة الكاملة هناك».
وطالب الخيالي الفريق علي كنة، الذي عينه السراج أخيراً قائداً عسكرياً لمنطقة سبها العسكرية، بالتخلي عنه والانضمام إلى قوات الجيش، مضيفاً: إن «على كنة أن يستقيل وينضم للجيش؛ فذلك أفضل له من الأمور التي يقوم بها بهدف إرباك الجيش والبلاد». وانتقد ما طلبه أمس المهدي المجربي، مندوب ليبيا التابع لحكومة السراج، أمام الأمم المتحدة و«تحريضه على ضرب الجيش»، بحسب وصفه، معتبراً أن هذا المطلب يمكن وصفه بـ«الخيانة». وقال: «ما كنا نتوقع حتى في الحلم أن يأتي شخص ويتهم قوات الجيش التي تدافع عن البلاد وتكافح الإرهاب، ويحرض مجلس الأمن والأمم المتحدة ضده». ومضى إلى القول: «المطلوب ليس إقالته فقط، بل ومحاكمته أيضاً».
وأثارت مطالبة ممثل حكومة السراج في الأمم المتحدة ضد قوات الجيش الوطني غضباً، حيث اتهمته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب المتواجد في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، بالخيانة.
في المقابل، واصلت أمس قوات الجيش التابعة لحفتر توغلها في الجنوب، حيث وصلت طلائعه إلى بلدية أم الأرانب الشرقية، في حين تحدث محمد التباوي، قائد مجموعة الاستطلاع بقوة حماية الجنوب التابعة لحكومة السراج، عن وجود تحركات لقوات الجيش منذ يومين قرب هذه المنطقة. وقال التباوي «إن نحو 30 سيارة تمركزت على نحو عشرين كيلومتراً من المنطقة، قبل أن تنسحب أجزاء منها» نحو وجهة أخرى.
إلى ذلك، أعلن الفريق علي كنة، قائد منطقة سبها العسكرية الموالي لحكومة السراج، أن حقلي الشرارة والفيل النفطيين في جنوب البلاد آمنان وبهما «رجال قادرون على حمايتهما»، مشيراً في تصريحات تلفزيونية له أمس إلى أن «المؤسسة الوطنية للنفط تستطيع رفع حالة القوة القاهرة لو أرادت». وبعدما نفى وجود ميليشيات مسلحة تسيطر على الحقول النفطية، طالب كنة الشركات الأجنبية بالعودة للعمل.
إلى ذلك، نفى قائد طائرة مدنية أجبرها الجيش الوطني على الهبوط في منطقة الجنوب التي أعلنها مغلقة وحربية أخيراً، أن يكون قد تعرض لأي قصف متعمد من قبل قوات الجيش، موضحاً أن الجيش أطلق طلقات تحذيرية بعيداً عن مدرج مطار حقل الفيل، حيث كانت الطائرة تستعد لنقل من وصفهم بالجرحى إلى العاصمة طرابلس.
وظهر قائد الطائرة وطاقمها في لقطات مصورة بثها إعلام الجيش الوطني، حيث استقبله اللواء عبد السلام الحاسي، آمر غرفة عمليات الكرامة، واللواء محمد المنفور، آمر غرفة عمليات القوات الجوية، حيث روى كيفية اعتراضها وإنزالها وتفتيشها بقاعدة تمنهنت العسكرية بعد اختراقها حظر الطيران المفروض على كامل أجواء الجنوب الليبي بسبب العمليات العسكرية بالمنطقة، قبل السماح لها بمعاودة الطيران والعودة لمطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس.
وكانت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش قد أوضحت في بيان لها، أن «طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية حطت بمهبط حقل الفيل النفطي، رغم الحظر الجوي المفروض... ورغم وجود مقاتلات سلاح الجو الليبي في فضاء المنطقة، فإن مقاتلاتنا لم تستهدفها وأطلقت طلقات تحذيرية في الصحراء بالقرب من المطار بعيداً عن المهبط، وبعيداً عن الطائرة».
وكانت حكومة السراج قد نددت في بيان لها بما وصفته «بقصف صاروخي استهدف الطائرة» في مطار الفيل، ووصفت هذا الاعتداء بأنه «عمل إرهابي». وأشارت إلى أن القصف «تسبب في إصابة مدرج المطار والبنية التحتية للحقل»، وهو أحد الحقول النفطية الرئيسية جنوب غربي البلاد.
وفرض المشير حفتر حظراً على حركة الطائرات جنوب البلاد من دون الحصول على تصريح، اعتباراً من يوم الجمعة الماضي؛ إذ ينفذ الجيش عملية عسكرية منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي لـ«تطهير» جنوب البلاد الذي يتقاسم السيطرة عليه مع قوات تابعة لحكومة السراج، من الإرهاب والجريمة.
إلى ذلك، أكدت كاثرين ويلبارغر، مساعدة وزير الدفاع الأميركي لشؤون الأمن الدولي، عزم حكومتها الاستمرار في تقديم الدعم العسكري لحكومة السراج. وقال المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية بحكومة السراج: إن تصريحات ويلبارغر، جاءت خلال اجتماعها مع محمد سيالة وزير الخارجية بالحكومة الليبية الجمعة الماضي بمقر وزارة الدفاع الأميركية بواشنطن، مشيراً إلى أنه تم تعزيز التعاون بشأن الأمن والدفاع، ولا سيما في مجال مكافحة المجموعات الإرهابية، وتعزيز القدرات الوطنية في تأمين الحدود، ومكافحة تسلّل المجموعات المسلحة وشبكات التهريب عبر الحدود.
بدوره، أعلن إسماعيل شرقي، مفوض السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع الأمم المتحدة للترويج لعقد مؤتمر مصالحة في ليبيا، وتنظيم إجراء الانتخابات المقبلة.